2024-03-29

حسين الرحيلي المختص في التنمية والموارد المائية لـ«الصحافة اليوم» : لا بد من تحديد أولوياتنا لتضمينها في مجلة المياه الجديدة..

تحوّل مشكل الشح المائي في تونس ومحاولة تنويع مصادر المياه إلى إشكال يؤرق السلطة والمواطن والفلاح والصناعي، ما بات يحتم التفكير في وضع حلول جذرية لهذه المسألة التي أصبحت واقعا معيشا بعد تواتر سنوات الجفاف على تونس. وقد أوصى مجلس وزاري مضيّق، انعقد بداية الأسبوع، بقصر الحكومة بالقصبة حول مشروع مجلة المياه الجديدة بإعداد صيغة نهائية للمشروع تأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي طرحها الحاضرون في المجلس، لعرضها لاحقا على مجلس الوزراء للمصادقة.

و لمزيد الحديث عن السياسة المائية التي يجب أن تتوخاها تونس في السنوات القادمة و الحلول التي يجب تضمينها في مجلة المياه الجديدة تحدثت  «الصحافة اليوم» إلى حسين الرحيلي المختص في التنمية والموارد المائية الذي أشار إلى أن النسخ المتعلقة بتنقيح مجلة المياه بدأت تتواتر منذ سنة 2012 حيث كان هناك توجه نحو خصخصة قطاع الملك العمومي للمياه في إطار ما يسمى بالشراكة بين القطاع الخاص و القطاع العام تنفيذا لضغوطات أجنبية و خاصة الجانب الألماني وهنا نقصد بالملك العمومي للمياه الآبار والسدود وغيرها.

وأشار الرحيلي الى أن هناك نسخة مشروع تقدم بها وزير سابق للفلاحة لكن تم رفضها حيث تم اعتبارها شبه استنساخ لمجلة سنة 1975 معتبرا أن مراجعة مجلة المياه لا تعد شأنا تقنيا تتدارسه مكاتب دراسات في مكاتب مغلقة بل هو شأن عام يستوجب فتح حوار جدي لضبط رؤية الدولة في هذا المجال في ظل التحديات الكبرى التي تواجهها مخزوناتنا المائية وثروتنا المائية عموما.

ولا بد أن ينطلق هذا الحوار بطرح تساؤلات عديدة من بينها: ماهي خياراتنا الفلاحية في المستقبل؟ وماهي أولوياتنا الصناعي؟ وهل سنواصل في اعتماد صناعات ملوثة ومستهلكة للمياء لفائدة الخارج؟ كيف سنحقق أمننا المائي والغذائي وبالتالي المحافظة على سيادتنا وعلى ثرواتنا ؟ مشددا محدثنا في هذا الاطار على أن قضية الماء هي قضية سياسية سيادية وليست مسألة تقنية.

ودعا المختص في التنمية والموارد المائية إلى ضرورة تجميع أفكار ورؤى كل مستهلكي المياه بما في ذلك الدولة التي ستحدد الرؤية العامة الملزمة للجميع من أجل الانخراط فيها ومن بين أهم المسائل التي لابد من أخذها في الاعتبار هي إعادة تحديد أولويات استعمالات خارطة الإنتاج الفلاحي و الاستثمار في إعادة تأهيل البنى التحتية المتعلقة بالمياه بما في ذلك قنوات نقل وتوزيع المياه التي تسجل نسب ضياع كبرى للمياه نتيجة اهترائها و تقادمها.

وأضاف الرحيلي أنه وجب اليوم التفكير في تنويع المصادر غير التقليدية للمياه على غرار إعادة استعمال مياه الصرف الصحي حيث ينتظر إنتاج 600 مليون متر مكعب مياه صرف صحي في أفق سنة 2050 وبالتالي الاستثمار في تركيز وتأهيل محطات معالجة المياه من خلال المعالجة الثلاثية والتي تفرز مياه ذات مواصفات عالمية يمكن استغلالها في المجال الفلاحي موضحا أن أغلب هذه المياه متمركزة خصوصا في ولايات الساحل و صفاقس وتونس الكبرى و بالتالي لابد من التفكير في كيفية نقل هذه المياه لمناطق الإنتاج الفلاحي.

كما تحدث عن أهمية استغلال المياه العمرانية أي حصاد مياه الأمطار في المدن من خلال توفير المواجل في العمارات وربط التهيئة العمرانية بالمسألة المائية إضافة إلى منح امتيازات مالية وجبائية على استعمال الوسائل المقتصدة للمياه وهي كلها إجراءات اقل كل كلفة من تحلية مياه البحر التي تبقى الحل الأسهل والأسرع لكن كلفته مرتفعة بالمقارنة مع بقية التوجهات الأخرى.

وكان المجلس الوزاري الذي أشرف عليه رئيس الحكومة، أحمد الحشاني، بحضور وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عبد المنعم بالعاتي، ووزير الصحة علي مرابط، ووزير أملاك الدولة والشؤون العقارية محمد الرقيق، ووزيرة البيئة ليلى الشيخاوي قد ثمّن ، المقاربة التشاركية، التي تم اعتمادها منذ سنوات في اعداد مشروع مجلة المياه الجديدة والوصول الى هذه المرحلة النهائية خاصة و أن مجلة المياه التي اعتمدت منذ 1975 لم تعد تواكب الوضع الحالي للمياه في تونس ، خاصة في ظل انعكاسات التغيرات المناخية على منطقة البحر الأبيض المتوسط مما يتطلب حماية الثروة المائية وإحكام التصرف فيها.

وتنص مجلة المياه الجديدة، في مستوى التنظيم وحوكمة الملك العمومي للمياه، على إحداث هياكل مختلفة على الصعيد القطاعي والوطني والجهوي والتنصيص على الحق في الماء الصالح للشرب طبقا للدستور.كما يؤكد مشروع المجلة على ضرورة تثبيت الملك العمومي للمياه وضبط طريقة التعامل مع وفرة المياه وفترات الجفاف والتنصيص على تحسين حوكمة المجامع المائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

عودة على ملف الصلح الجزائي..!

 ما يزال ملف الصلح الجزائي محل متابعة رئاسية لصيقة خاصة بعد إعادة التطرق إلى الملف في اجتم…