لا شيء يمنعنا اليوم من مزيد العناية بنظافة وجمالية المدن التونسية خاصة وأن للبلديات تجارب كبيرة في هذا المجال بالتعاون مع مختلف الوزارات والقطاعات المعنية من وزارة البيئة والسياحة ووزارة الداخلية وفرق المراقبة الصحية والاقتصادية ووزارة التجهيز والإسكان وغيرها من الأطراف الأخرى ،حيث تعتبر النظافة من أهم عناصر حماية البيئة وذات الانعكاس المباشر على نوعية حياة السكان وهي تمثل بذلك إحدى المهام الأساسية المنوطة بعهدة البلديات.

فرغم المجهودات التي تبذلها البلديات وأعوان النظافة و مختلف الأطراف المتداخلة في الحفاظ على نظافة المدن والبيئة وجماليتها وتوفير فضاءات آمنة إلا أن النتائج المسجّلة وما نشاهده يوميا على الميدان في علاقة بنظافة أغلب المدن والمناطق التونسية تبقى دون المأمول وهو ما يطرح عديد التساؤلات من قبيل هل إمكانيات البلديات غير كافية للحفاظ على نظافة المدن في مختلف مناطق البلاد أم أن المسألة مرتبطة بعقلية المواطن التونسي وثقافة المواطنة والحفاظ على البيئة والمحيط ؟ وهل أن هناك متابعة كافية للعمل الميداني للأعوان للحرص على انجاز المهام الميدانية المتعلقة بالنظافة في كافة أنحاء البلاد؟ والى متى ستبقى حملات النظافة مرتبطة بالمناسبات السنوية، ألا يجدر هنا مثلا ضبط برنامج سنوي ومستمر للحفاظ على نظافة المدن بالتوازي مع العمل الإداري لأعوان البلدية بتشريك المجتمع المدني؟

ونعتقد هنا أنه بتكثيف العمل المشترك واليومي وضبط استراتيجية واضحة وعملية بهدف ضمان نظافة المدن من شأن ذلك أن لا يساهم فقط في الارتقاء بجودة الحياة بل في انتعاشة القطاع السياحي بالبلاد حيث أصبحت اليوم العناية بالبيئة والنظافة عنصرا هاما في الجذب السياحي ، باعتبار أن مسألة النظافة أصبحت أحد أهم عناصر تقييم الوجهات السياحية.

فالمؤكد أنه لا أحد منا يريد مشاهدة أماكن وفضاءات عامة متّسخة وتكدّس للنفايات في الشوارع وأمام المحلات، و المنازل والحدائق وفي المساحات الخارجية المخصصة للمقاهي وإهمال واضح لواجهات المحلات وغيرها من الصّور التي تضرب عرض الحائط أعراف وقوانين حماية الصحة والمحيط وتضرّ بجمالية ونظافة المدن.

فلا أحد منا يريد  اليوم أو يرغب في مواصلة مشاهدة هذه الصورة – بتفاوت حسب المناطق- التي توحي بعدم وجود ثقافة الحفاظ على محيط نظيف وسليم  وعلى البيئة بصفة عامة لدى المواطن التونسي في مختلف مناطق البلاد وخاصة منها التاريخية والسياحية كالمدينة العتيقة بتونس العاصمة وشارع الحبيب بورقيبة « الرمز» وباب بحر بتونس العاصمة والأنهج المحاذية له وتلك البنايات المتداعية للسقوط والتي أصبحت مرتعا للمنحرفين والبعض من المدن العتيقة الأخرى بمختلف الولايات الأخرى والمدن السياحية وشوارعها الرئيسية والمقاهي وبعض الولايات والمعتمديات والبلديات .

فالقضاء نهائيا على هذه الصور المسيئة لبلادنا بطريقة أو بأخرى وللمواطن التونسي بصفة عامة وعلى هذه الظاهرة في علاقة بعدم احترام النظافة وحماية المحيط والفضاءات العامة ووسائل النقل العمومي تستوجب فقط العمل المشترك ونشر الوعي بالعمل التطوعي والحفاظ على الممتلكات العمومية وتجذير حب الوطن لدى الناشئة بهدف الحفاظ على نظافة مدننا وصحة وسلامة الفضاءات ووسائل النقل العمومي وشوارعنا باعتبارها ثروتنا وثروة الأجيال القادمة وواجهة لإعطاء صورة ناصعة لبلادنا ولجذب السيّاح والمستثمرين.

ونرى أنه بإمكان كافة المسؤولين في البلديات في مختلف مناطق البلاد من كتّاب عامين وغيرهم إنجاح هذه المهمة والدفع نحو إرجاع تلك الصورة الناصعة لبلادنا والتصدي لكل التجاوزات التي من شأنها أن تسيء لنظافة مدننا وسلامة فضاءاتنا العامة  من خلال تكثيف العمل المشترك والمتواصل والعمل مع الفرق والأجهزة الأمنية والصحية ومختلف الأطراف المعنية لفرض إنفاذ القانون على كل المخالفين دون استثناء على غرار ما أسفرت عنه حملة تحرير الأرصفة مؤخرا من نجاحات شملت كل ولايات الجمهورية، وذلك على اثر عمل مشترك بين كافة الأطراف من أسلاك أمنية ومراقبة اقتصادية وأعوان بلدية وتمكّنهم من القضاء تدريجيا على ظاهرة الانتصاب الفوضوي على الأرصفة ووسط الشوارع.

كما يمكن للبلديات من خلال العمل المشترك مع كافة الجمعيات التي تعنى بالبيئة تفعيل خطة «سفراء النظافة» في مختلف مناطق البلاد والعمل على تكثيف المشاركة في مبادرات مسترسلة ودائمة ومشابهة للقيام بحملات نظافة لأغلب الأماكن والمناطق المتّسخة والمناطق السكنية أو تلك التي أغرقتها النفايات وحماية الشريط الساحلي من الأوساخ استعدادا لاستقبال الموسم السياحي والمساهمة في إنجاحه.

فالحفاظ على نظافة المدن ،كل المدن التونسية من شمالها إلى جنوبها من شأنه أن يرتقي بجودة حياة السكان في كل شبر من ربوع البلاد ويساهم في انتعاش القطاع السياحي وهي مسألة سيادية أيضا تهم صورة تونس وجمالية مدنها وضمان محيط و فضاءات آمنة صحّيا وبيئيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

عن خلق الثروة و المنوال التنموي..!

 تستدعي المرحلة الراهنة بما تحمله من تحديات اقتصادية واجتماعية الإسراع بإعداد منوال تنموي …