2023-11-23

الصوناد أعدّت 71 تدخلا بكلفة جملية تناهز 44 مليون دينار هل تكفي لمجابهة الجفاف والنقص الكبير في المياه؟!

طرحت‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬تساؤلات‭ ‬لدى‭ ‬الدولة‭ ‬وحول‭ ‬طرق‭ ‬مواجهتها،‭ ‬ويتساءل‭ ‬الجميع‭ ‬أيضا‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الآليات‭ ‬والخطط‭ ‬اللازمة‭ ‬لذلك،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تفاقم‭ ‬أزمة‭ ‬الجفاف‭ ‬والارتفاع‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬والتغيرات‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬الفصول‭. ‬وقد‭ ‬عرفت‭ ‬عدة‭ ‬جهات‭ ‬من‭ ‬الجمهورية‭ ‬انقطاعات‭ ‬متواصلة‭ ‬في‭ ‬التزود‭ ‬بمياه‭ ‬الشرب‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬غضب‭ ‬واستياء‭ ‬المواطنين‭ ‬الذين‭ ‬ذاقوا‭ ‬الويلات‭ ‬خلال‭ ‬الصائفة‭ ‬الماضية‭ ‬دون‭ ‬ماء‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬قصوى‭ ‬من‭ ‬الحرارة‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬لحماية‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬ضمن‭ ‬المخطط‭ ‬التنموي‭ ‬الممتد‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬إلى‭ ‬2025،‭ ‬واستعدادا‭ ‬لما‭ ‬أسمته‭ ‬صائفة‭ ‬2024‭ ‬أعدت‭ ‬الشركة‭ ‬الوطنية‭ ‬لاستغلال‭ ‬وتوزيع‭ ‬المياه،‭ ‬برنامجا‭ ‬أوليا‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬71‭ ‬تدخلا‭ ‬بمختلف‭ ‬ولايات‭ ‬الجمهورية‭ ‬بكلفة‭ ‬جملية‭ ‬تناهز‭ ‬44‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭.‬

وتضمن‭ ‬برنامج‭ ‬التدخل‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬بتقرير‭ ‬حول‭ ‬امخطط‭ ‬الشركة‭ ‬الوطنية‭ ‬لاستغلال‭ ‬وتوزيع‭ ‬المياه‭ ‬خلال‭ ‬صائفة‭ ‬2024ب،‭ ‬استغلال‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬المتاحة،‭ ‬عبر‭ ‬حفر‭ ‬آبار‭ ‬عميقة‭ ‬خاصة‭ ‬بالمناطق‭ ‬المزودة‭ ‬كليا‭ ‬بمياه‭ ‬جوفية،‭ ‬إذ‭ ‬ينتظر‭ ‬انجاز‭ ‬وكهربة‭ ‬وتجهيز‭ ‬وربط‭ ‬48‭ ‬بئرا‭ ‬عميقة‭ ‬بمختلف‭ ‬مناطق‭ ‬الجمهورية‭.‬كما‭ ‬سيشمل‭ ‬البرنامج‭ ‬تجديد‭ ‬وتهذيب‭ ‬بعض‭ ‬شبكات‭ ‬الجلب‭ ‬والتوزيع‭ ‬المشبعة‭ ‬والقيام‭ ‬بعمليات‭ ‬الصيانة‭ ‬اللازمة‭ ‬مع‭ ‬تغيير‭ ‬وتجديد‭ ‬بعض‭ ‬تجهيزات‭ ‬الضخ‭ ‬وإدارة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬عبر‭ ‬ترشيد‭ ‬الاستهلاك‭ ‬والاقتصاد‭ ‬في‭ ‬الماء‭.‬وأكد‭ ‬التقرير‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬شركة‭ ‬الصوناد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬سيتركز‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬محطتي‭ ‬تحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬الزّارات‭ ‬وصفاقس‭ ‬حيّز‭ ‬الاستغلال‭ ‬قبل‭ ‬صائفة‭ ‬2024،‭ ‬والتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الشركة‭ ‬التونسية‭ ‬للكهرباء‭ ‬والغاز‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬اللجنة‭ ‬الفنية‭ ‬المشتركة‭ ‬لتفادي‭ ‬الانقطاعات‭ ‬المفاجئة‭ ‬للتيار‭ ‬الكهربائي‭.‬وأشارت‭ ‬الشركة‭ ‬الوطنية‭ ‬لاستغلال‭ ‬وتوزيع‭ ‬المياه،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬الى‭ ‬التوازن‭ ‬الهشّ‭ ‬بين‭ ‬الموارد‭ ‬والحاجيات‭ ‬بكل‭ ‬المنظومات‭ ‬الكبرى‭ (‬تونس‭ ‬الكبرى‭ ‬والوطن‭ ‬القبلي‭ ‬وصفاقس‭ ‬والجنوب‭ ‬الشرقي‭) ‬وبعض‭ ‬المنظومات‭ ‬المزودة‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬المحلية،‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬إمكانية‭ ‬حدوث‭ ‬اضطرابات‭ ‬محدودة‭ ‬في‭ ‬الزمان‭ ‬والمكان‭ ‬خلال‭ ‬ساعات‭ ‬الذروة‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬الذروة،‭ ‬لتكون‭ ‬اكثر‭ ‬حدّة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬حدوث‭ ‬أعطاب‭ ‬فجئية‭ ‬بالقنوات‭ ‬الرئيسية‭ ‬والتجهيزات‭ ‬الهامة‭ ‬لبعض‭ ‬المنظومات‭ ‬المائية‭ ‬الكبرى‭.‬

وتعرف‭ ‬تونس‭ ‬كسائر‭ ‬بلدان‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬شحّا‭ ‬في‭ ‬نزول‭ ‬الأمطار‭ ‬رافقها‭ ‬ارتفاع‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬لدرجات‭ ‬الحرارة‭ ‬مما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬نقص‭ ‬فادح‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬بسبب‭ ‬نضوب‭ ‬السدود‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬مخيفة،‭ ‬ومع‭ ‬نقص‭ ‬المواردالمائية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭  ‬تتعاظم‭ ‬الخشية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬العطش‭ ‬هذا‭ ‬العام،ما‭ ‬دفع‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬أبرزها‭  ‬الرفع‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب‭ ‬للبيوت‭ ‬والفنادق‭ ‬في‭ ‬محاولة‭  ‬لترشيد‭ ‬الاستهلاك‭.‬كما‭ ‬حذرت‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬استعمال‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب‭ ‬في‭ ‬غسل‭ ‬السيارات‭ ‬أو‭ ‬سقي‭ ‬الحدائق‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الاستعمالات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ترشيد‭ ‬استهلاك‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬سيما‭ ‬أمام‭ ‬تواصل‭ ‬موجة‭ ‬حرارة‭ ‬استثنائية‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬وتواصل‭ ‬انخفاض‭ ‬منسوب‭ ‬الموائد‭ ‬المائية‭ ‬الجوفية‭ ‬نتيجة‭ ‬للحفر‭ ‬العشوائي‭ ‬للآبار‭ ‬وتواصل‭ ‬انحباس‭ ‬الامطار‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬وتسجيل‭ ‬ارتفاع‭ ‬استثنائي‭ ‬للاستهلاك‭ ‬بالمناطق‭ ‬السياحية‭.‬

وبناء‭ ‬على‭ ‬الحالات‭ ‬المذكورة‭ ‬سالفا،‭ ‬ارتأت‭ ‬الشركة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتوزيع‭ ‬المياه‭ ‬توزيع‭ ‬العجز‭ ‬المائي‭ ‬بصفة‭ ‬متوازنة‭ ‬على‭ ‬المناطق‭ ‬المزودة‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬المنظومة‭ ‬واللجوء‭ ‬الظرفي‭ ‬الى‭ ‬استغلال‭ ‬كل‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬المتاحة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التي‭ ‬تسجل‭ ‬درجة‭ ‬ملوحة‭ ‬مرتفعة‭ ‬مع‭ ‬الالتزام‭ ‬بالشروط‭ ‬الصحية‭ ‬الأساسية‭.‬وأعدت‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬استراتيجية‭ ‬لمجابهة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬المياه‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬والمتوسط،‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬تحويل‭ ‬فائض‭ ‬مياه‭ ‬الشمال‭ ‬الى‭ ‬مدن‭ ‬تونس‭ ‬الكبرى‭ ‬وولايات‭ ‬الوسط‭ ‬والوطن‭ ‬القبلي‭ ‬والساحل‭ ‬وصفاقس‭ ‬وتدعيم‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬لبعض‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬تفتقر‭ ‬لموارد‭ ‬ذاتية‭ ‬محلية‭ ‬قابلة‭ ‬للاستغلال‭ ‬عبر‭ ‬تحلية‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬المحلية‭ ‬المالحة‭ ‬ومياه‭ ‬البحر‭ ‬بولايات‭ ‬الجنوب‭ ‬وصفاقس‭ ‬والساحل‭.‬كما‭ ‬سيتم‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬مواصلة‭ ‬استغلال‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬الجوفية‭ ‬المحلية‭ ‬وذات‭ ‬نوعية‭ ‬جيدة،‭ ‬عبر‭ ‬مواصلة‭ ‬انجاز‭ ‬الآبار‭ ‬العميقة‭ ‬ببعض‭ ‬الجهات،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬برمجة‭ ‬سنوية‭ ‬لعدة‭ ‬تدخلات‭ ‬خصوصية‭ ‬بالمناطق‭ ‬التي‭ ‬تسجل‭ ‬إشكاليات‭ ‬في‭ ‬التزويد‭ ‬بالماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭ ‬خلال‭ ‬الذروة،‭ ‬وذلك‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬والانقطاعات‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬استكمال‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬والمهيكلة‭.‬

يبدو‭ ‬أن‭ ‬معضلة‭ ‬الشح‭ ‬المائي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬مع‭ ‬تواصل‭ ‬انحباس‭ ‬الأمطار‭ ‬من‭ ‬أولى‭ ‬اهتمامات‭ ‬الحكومة‭ ‬بمختلف‭ ‬مؤسساتها‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬قريبة‭ ‬المدى‭ ‬وأخرى‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬لمجابهة‭ ‬خطر‭ ‬الجفاف‭ ‬والعطش‭ ‬الذي‭ ‬يهدد‭ ‬البلاد‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬واحتد‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.‬

واعتبر‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬لمركز‭ ‬بحوث‭ ‬وتكنولوجيات‭ ‬المياه‭ ‬ببرج‭ ‬السدرية‭ ‬حكيم‭ ‬القبطني‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬إعلامي‭  ‬أنه‭ ‬بات‭  ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬تغيير‭ ‬الخارطة‭ ‬الزراعية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬والتكثيف‭ ‬من‭ ‬محطات‭ ‬معالجة‭ ‬المياه‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬البلاد‭ ‬التونسية‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬الحل‭ ‬الأفضل‭ ‬والوحيد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬وفق‭ ‬تقديره‭.‬

فيما‭ ‬أكد‭ ‬عبد‭ ‬الرؤوف‭ ‬العجيمي‭ ‬رئيس‭ ‬ديوان‭ ‬وزير‭ ‬الفلاحة‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬بصدد‭ ‬إعداد‭ ‬دراسات‭ ‬لبناء‭ ‬سدود‭ ‬ومحطات‭ ‬لتحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحافظات‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬ضمن‭ ‬المخطط‭ ‬التنموي‭ ‬الممتد‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬إلى‭ ‬2025‭.‬وشدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬تتبع‭ ‬استراتيجية‭ ‬خاصة‭ ‬تحمي‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬وإطلاق‭ ‬حملات‭ ‬تحسيسية‭ ‬لمجابهة‭ ‬الشح‭ ‬المائي‭ ‬والتوجه‭ ‬الى‭ ‬موارد‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬كتحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬ودفع‭ ‬الاستثمارات‭ ‬فيها‭. ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الوزارة‭ ‬بصدد‭ ‬دعم‭ ‬منظومة‭ ‬الحبوب‭ ‬وتسهيل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬البذور‭ ‬وتحفيز‭ ‬الفلاحين‭ ‬وتسهيل‭ ‬القروض‭ ‬الموسمية‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

عطلة الأمومة في تونس بين الموجود والمأمول : تشريعات لا تكرّس المساواة بين الأمهات العاملات.. ودعوة إلى تعديلها

لطالما مثل «قصر» مدة عطلة الأمومة التي تمنح للأمهات العاملات عند الولادة محل نقاش وجدل واس…