2024-03-31

16 مليار دينار ديون خارجية سيقع سدادها هذا العام : هل تكسب تونس الرهان من جديد دون صندوق النقد الدولي

رغم كل الضغوطات الداخلية والخارجية، تمكنت تونس من سداد الديون الخارجية لسنة 2023، المتمثلة أساسا في صعوبة الخروج إلى السوق المالية الدولية وتعطل اتفاقها المالي مع صندوق النقد الدولي. الأمر الذي بدد الشكوك إزاء احتمال تخلفها عن السداد وكشف أن تونس قادرة على المحافظة على مكانتها في الأسواق الداخلية والخارجية والإيفاء بتعهداتها المالية . وبنفس ثقل ديون سنة 2023 دخلت تونس السنة الجارية برزنامة مثقلة ومزدحمة بسداد الديون الخارجية، ما يجعلها تعيش من جديد دوامة خلاص الديون لاسيما في ظل تواضع مواردها المالية الذاتية ومحدودية مردودية قطاعاتها الأساسية مثل السياحة والادخار الوطني وتصدير المواد الفلاحية، هذه القطاعات التي بدأت تسترجع انفاسها في الأشهر الأخيرة وتحقق نتائج إيجابية لكنها تبقى غير كافية لخلاص كل الديون المقدرة بـ 16 مليار دينار (5.1 مليار دولار) بين أصل وفائدة مرتفعة بنسبة 40 بالمائة عن السنة الفارطة.
وفعلا، انطلقت منذ بداية السنة في تسديد أصل ديون جهات مانحة، وكان أهمها واصعبها القرض الرقاعي الخاص بسنة 2017 الذي سددته تونس في فيفري والبالغ قيمته 850 مليون يورو، وتبقى أيضا على موعد آخر وبالتحديد شهر أكتوبر القادم لتسديد قرض رقاعي ثاني بضمان ياباني بقيمة 50 مليار ين.
وفي حقيقة الأمر، لا تقتصر قائمة الالتزامات على هذين القرضين بل تتضمن القائمة جدولا مليئا بالدفوعات منها دفع أقساط قرض صندوق النقد الدولي بعنوان أداة التمويل السريع لعام 2020، بقيمة 360 مليون دولار، قرض صندوق النقد الدولي بعنوان تسهيل الصندوق الممدد 2016-2019، بنحو 256 مليون دولار، دفع 105 ملايين دولار للبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد لعام 2022 إضافة إلى خلاص مبلغ 100 مليون دولار لتسديد قرض السعودية و70 مليون دولار لصندوق النقد العربي.
ولان قائمة الالتزامات «طويلة» و»ثقيلة»، اتفق الكثير من اهل الاقتصاد على أن 2024 ستكون ربما الأصعب مالياً على تونس من حيث ضخامة سداد ديونها الخارجية بالعملة الأجنبية حتى إن اغلبهم أعاد سيناريو إمكانية تعثر تونس عن الإيفاء بالتزاماتها المتعلقة بالدين الخارجي، غير ان المؤشرات المالية والنقدية الصادرة اول امس الجمعة عن البنك المركزي التونسي، خيبت توقعاتهم وكشفت مدى التزامها تجاه الدائنين ومدى تماسك المالية العمومية خاصة وانها أوفت بنسبة 44.2 بالمائة من ديونها الخارجية خلال هذه الفترة الوحيدة وبرهنت انها قادرة على سداد ديونها في الآجال المتفق عليها بعيدا عن سيناريو لبنان وافلاس المنظومة البنكية.
ولان خلاص ديون شهر فيفري مس بصفة مباشرة مخزون تونس من العملة الصعبة وأثر سلبا على قيمة صرف الدينار، تعمل الجهات المعنية على ايجاد حلول لتأمين ما تبقى من موارد مالية لخلاص الأقساط المتبقية على غرار اتباع سياسة الضغط على المصاريف والتقليص من نفقات الدعم خاصة والاجور، التسريع بتبني سياسة إصلاح هيكلي للشركات العمومية من أجل أن تكون رافعة للاقتصاد الوطني إضافة إلى سن تشريعات جديدة والمصادقة على قوانين اقتصادية من شأنها أن تدر نفعا على بعض القطاعات الحساسة.
ومثل ما كسبت تونس تحدي 2023، تعمل أيضا هذه السنة على كسب تحد جديد بل هو الأصعب لكنه غير مستحيل بحكم ان تحقيقه يتطلب فقط العمل أكثر على دعم الاقتصاد الوطني وجعل مؤشراته تخرج إلى الدائرة الخضراء. الأمر الذي يتطلب المزيد من الإجراءات اللازمة لها علاقة بتحسين مناخ الأعمال لاستقطاب المستثمرين الأجانب، استرجاع نسق إنتاج الفسفاط ، دعم القطاع السياحي وتحسين صادرات القطاع الفلاحي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

البنك الدولي: تحسن الاقتصاد التونسي يستوجب تطوير الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة

«تأثر تعافي الاقتصاد التونسي سنة 2023 بالجفاف الشديد، وظروف التمويل الضيقة والوتيرة المحدو…