2024-03-31

رغم المنحى التراجعي للاسعار : البنك المركزي يتوقع معدل تضخم في حدود 7 % سنة 2024

ما يزال التضخم يمثل معضلة من معضلات الاقتصاد التونسي ومن الضروري، في الوقت الراهن،الاستمرار في دعم مسار تراجعه.ورغم العمل على كبح جماحه من طرف البنك المركزي التونسي الا أن ذلك لم يتم إلى الحدود المطلوبة،حيث ما يزال هذا التضخم مرتفعا خلال 2024 رغم انخفاضه الى 7,5 % خلال شهر فيفري المنقضي. ومن المتوقع وفق البنك المركزي أن يبلغ مستوى يقارب 7 % في المعدل سنة 2024 مقابل 9,3 % في سنة 2023 . وقد أبرز البنك في بيان صادر عن مجلس إدارته يوم 22 مارس الجاري أن توقعات الأسعار عند الاستهلاك تشير إلى استمرار التراجع التدريجي للتضخم حيث بلغت هذه النسبة 7,5% (بحساب الانزلاق السنوي) خلال شهر فيفري 2024 مقابل 7,8% في الشهر السابق و10,4٪ في شهر فيفري 2023، مع بقائها في مستوى أعلى بكثير من معدلها على المدى الطويل.وقد نتج هذا التراجع النسبي عن تباطؤ كل من التضخم الأساسي «دون اعتبار المواد الغذائية الطازجة والمواد ذات الأسعار المؤطرة» (7,8%مقابل 8,3% في شهر جانفي 2024) وأسعار المواد الغذائية الطازجة (11% مقابل 13,8%). وفي المقابل،إرتفع تضخم الأسعار المؤطرة في شهر فيفري 2024 (4,4% مقابل 3% في الشهر السابق).
بيد أن المسار المستقبلي للتضخم لا يزال محفوفا بالمخاطر وفق البنك المركزي نتيجة بالخصوص لارتفاع الأسعار العالمية وذلك في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتفاقم الشح المائي واحتداد الضغوط المسلطة على المالية العمومية. وعلى الرغم من تقلص الآثار الناجمة عن الصدمات الخارجية،فإن التضخم ظل يتطور في مستويات عالية تاريخيا و لا يزال معرّضا لضغوط متأتية من الداخل.ونتيجة لذلك، فإن احتواء الضغوط المتأتية من الزيادة المفرطة في الطلب قياسا بالقدرات الإنتاجية للبلاد، يشكّل شرطا أساسيا للحفاظ على المسار التنازلي للتضخم خلال الفترة المقبلة. وتبعا لذلك فقد حافظ البنك المركزي على نسبة الفائدة المديرية في مستوى 8% التي لازمته منذ بداية سنة 2023 وذلك تخوفا من مخاطر تضخمية مستقبلية نتيجة عدم الاستقرار الجيوسياسي.
وبدوره اكد المرصد التونسي للاقتصاد على أن نسبة التضخم هي في تراجع مستمر منذ سبتمبر 2023 .لكن على الرغم من تحسنه الا انه يعبر فقط عن تباطؤ وتيرة ارتفاع الأسعار مع محافظتها على نسق تصاعدي متواصل، مستشهدا بالأرقام الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء التي أشارت الى أن مؤشر أسعار الاستهلاك خلال شهر فيفري شهد ارتفاعا بنسبة 0,2% بعد الارتفاع بنسبة 0,6% خلال شهر جانفي 2024 وهذا يعود بالأساس الى ارتفاع في اسعار المواد الغذائية وأسعار خدمات الصحة .. وشدد المرصد الاقتصادي على أن السياسات الاقتصادية تبقى قاصرة على التحكم في نسب التضخم،ولازالت التدابير المنتهجة لتقليصها نقدية بالأساس وذات آلية أحادية وهي نسبة الفائدة المديرية دون أن تأخذ بعين الاعتبار العوامل الأكثر تأثيرا على التضخم وهي تطور الإنتاج والعرض الذي ينعكس في نسب النمو والتضخم المستورد المتأثر بشكل كبير بقيمة الدينار .وقد اجمع الخبراء في وقت سابق على أن السلطة النقدية وبهدف مكافحة التضخم والحيلولة دون مزيد ارتفاعه رفعت في نسبة الفائدة في عديد المناسبات.وهي آلية ثبت ان لها تداعيات كبيرة على محرك الاستهلاك والاستثمار والنمو الاقتصادي عامة زيادة على تأثيره المباشر على المقدرة الشرائية.
ويعتبر عديد الخبراء انها هذه ليست الآلية المثلى لمكافحة التضخم غير أن مختصين في الشأن الاقتصادي عبروا عن أملهم بأن يتمكن المحافظ الجديد ومجلس إدارة البنك المركزي من السيطرة على التضخم والانخراط الفعلي في سياسة اقتصادية وإصلاح القطاع المصرفي خاصة وأن انتقادات كبيرة تم توجيهها سابقا للبنك المركزي على خلفية سياسته التي يرى كثيرون أنها إقتصرت فقط على الزيادة في نسبة الفائدة الرئيسية بدعوى مكافحة التضخم المالي.غير انها لم تنجح إلا نسبيا في مكافحة هذا التضخم الذي مازال مرتفعا إلى حد ما.وبالمقابل أثقلت كاهل التونسيين والمؤسسات الاقتصادية.وتتالت دعوات كثيرة للبنك المركزي لمزيد العناية بالإقتصاد الحقيقي وبالقطاعات المنتجة، وأن لا يقتصر دوره على إستهداف التضخم او الاستقرار المالي، بل تحمل المسؤولية في ذلك مع السلطة التنفيذية. وهذا يفترض وجود تنسيق مستمر بين السلطتين النقدية والتنفيذية لاتخاذ عديد الإجراءات الأخرى تستهدف مكافحة الاسباب العميقة لأزمة الاقتصاد التونسي الهيكلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تداعيات التغيرات المناخية  | خبراء : الظرف الحالي للتساقطات يقتضي تغييرا جذريا في السياسة المائية لتونس

تواجه تونس تحديات مناخية عديدة أثرت على الأنشطة الاقتصادية وأهمها الشح المائي المتواصل منذ…