2024-04-28

حتى لا يبقى رهين التحولات المناخية: قطاع الأعلاف معضلة لا بد لها من حلول جذرية

أعلنت وزارة التجارة وتنمية الصادرات، عن اتخاذ اجراءات تهم قطاع الأعلاف منها «التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا بـ 80 دينارا  الطن، بهدف مزيد دعم منظومات الإنتاج والمقدرة الشرائية للمستهلك فضلا عن المحافظة على ديمومة المؤسسات الناشطة في القطاع».

هذا ما جاء في بلاغ الوزارة بعد الاجتماع التنسيقي الذي خصص للنظر في وضعية التزويد بالأعلاف والأسعار وسبل مواصلة التحكم في الكلفة، ومواصلة العمل بالتخفيض التلقائي الذي تم إقراره قبل انطلاق شهر رمضان لسنة 2024 في أسعار الأعلاف المركبة وتدعيمه.

لكن السؤال الملحّ الذي يطرحه الفلاحون ومربّو المواشي هو الى متى سيستمر هذا من ناحية  في قطاع لا يقل أهمية عن المواد الغذائية والادوية والسكن؟

فقد شهد القطاع منذ أكثر من عقد من الزمن، شبه انهيار تام في مقوماته، سواء من لناحية الخزن او التوريد او التوزيع، وخاصة من ناحية الاسعار التي باتت أقرب للخيال منها الى الواقع.

وقد تابع التونسيون بمختلف فئاتهم، وبكل أسف، انهيار القطيع التونسي من المواشي، والذي كان طيلة عقود، قطيعا متميزا، فيه التنوع، وفيه وفرة الحليب والبيض واللحوم بمختلف انواعها، وتحول فجأة، ومنذ ما 14 جانفي الى ما يشبه القطاع السائر نحو الانقراض، حيث سُجّلت فجأة ندرة شبه كاملة في أنواع عديدة من المنتوجات، وعمليات تهريب كبيرة للقطعان الى خارج الحدود، رغم ان التقارير الاخبارية ساعتها تقول أن ملايين الرؤوس الحيوانية خاصة من الغنم والماعز والابل قد وقع تهريبها من الشقيقة ليبيا الى تونس، لكنها تبخّرت بسرعة، كما تبخّر القطيع التونسي، او يكاد، بفعل عمليات التهريب، والتسيب الحدودي، وبفعل غياب رقابة الدولة والجهات المختصة، وبفعل عوامل عديدة أخرى من أهمها الغلاء غير المسبوق وغير المقبول في أسعار العلف، سواء المحلي او المستورد، بشكل يدعو الى الريبة، خاصة وانه لم يرتفع بهذا الشكل المخيف في بلدان المنشأ.

الوزارة دعت في بلاغها أيضا جميع المتدخلين إلى “تعديل سياساتهم السعرية وفقا لهذه الإجراءات ومزيد الضغط على مستوياتها مراعاة للقدرة الشرائية للمواطن بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى وعدم الانسياق وراء عمليات التشويش المفتعل للانفلات بها” وهو نداء يدل أكثر فأكثر على ان لا جهة رسمية قادرة على ضبط ايقاع هذا القطاع، الذي انفلت من عقاله وتجاوز القائمون عليه كل حدود المنطق والعقل في تسعير المواد العلفية، الى درجة ان الفلاح والمربّي أصبح تقريبا مطالبا بأن يعطيهم ثلاثة أرباع قطيعه ليتمكن من اعاشة الربع المتبقي لديه.

واذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي تلتهب ككل عام بدعوات مقاطعة ذبح الاضاحي في العيد، فانها لن تفي بالحاجة، باعتبار انها شريعة دينية اولا، وهو شأن خاص ثانيا ولا يمكن التدخل فيه وضبطه بالقوة، وهي أيضا من جهة ثالثة، موسم من مواسم البيع والربح، وبالتالي تعطيلها من عدمه، لا يعود للنشطاء على الفايسبوك بل تتطلب فتوى شرعية ودراسات اقتصادية وسلوكية وخاصة استشراف ما قد ينتج عن قرار خطير بهذا الحجم.

وبغضّ النظر عن هذه الدعوات التي لن تجد صدى لدى عموم التونسيين، فان واقع الحال يقول ان أسعار الاضاحي لن يكون اقل من مليون ونصف للخروف متوسط الحجم، وهذا نتاج لقلة المعروض منها، خاصة وان أسعار الاعلاف زادت في الارتفاع الجنوني رغم محاولات الوزارة منذ سنوات التدخل والتعديل والتاثير، الا أن كل محاولاتها لا تؤتي أكلها على أرض الواقع، ويبقى الفلاح والمربي هو الذي يدفع الثمن أولا، والمواطن بطبيعته يوشك على نسيان مادة اللحوم واخراجها من قاموسه الغذائي، والدولة ثالثا، التي باتت عاجزة تقريبا عن توفير مستلزمات هذا القطاع وتعديله وارجاعه الى مساره الطبيعي بعيدا عن غوغاء المهربين وجشع المحتكرين، وبعيدا بالخصوص عن مضاربات المتنفذين الذين تحولوا الى حيتان كبيرة نتيجة هيمنتهم على قوت الناس طيلة سنوات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بعد حصوله على ميداليات ونجاحات عديدة: هل يرتقي زيت الزيتون الى مصاف القطاعات التي يُعتمد عليها؟

نجاحات عديدة حققها زيت الزيتون التونسي خلال الايام الفارطة، وحصد ميداليات كثيرة أيضا، وبات…