2024-05-04

رغم نقص الأمطار وسنوات الجفاف الا انها الضامن الوحيد من الجوع : متى تبدأ الاستعدادات لحماية الصابة من الحرائق والآفات؟

بدأت بشائر الصيف وبدأت أيضا معها الاستعدادات لجمع المحاصيل، خاصة موسم الحصاد وما يعنيه للتونسيين من “ضمانة” ضد كل أشكال النقص الغذائي أو شبح الجوع وأزمات الاستيراد وصعوبة العثور على الحبوب في السوق العالمية وما يتطلبه التوريد من استنزاف للمخزون الوطني من العملة الصعبة، وكل التبعات التي يمكن ان تنجر عن تلف الصابة او ضياع جزء منها.

ورغم أن صابة الحبوب في تونس، القمح الصلب واللين والذّرة والشعير، في العادة لا تكفي الاستهلاك المحلي، بل يقول خبراء أنها أحيانا لا تصل الى خمسين في المائة من الحاجيات الضرورية للاستهلاك، الا أنها صابة جيّدة نوعيا، وهي ايضا جيدة من حيث تحقيق ضمانة للتونسيين، حتى وان كانت لا تكفي.

من هنا كان لزاما على الدولة، وعلى كل أجهزتها المعنية، وبدرجة أولى وزارة الفلاحة وديوان الحبوب واتحاد الفلاحين، اضافة الى المؤسسات المكملة كالمطاحن والمخازن، والأجهزة الفنية كالحرس الوطني والحماية المدنية، وكل من له علاقة من قريب أو بعيد بقطاع الحبوب أن يكونوا على أهبة الاستعداد وأعلى درجات الجاهزية للتدخل في أي حادث، من أجل حماية الصابة خاصة من الحرائق، وكل أنواع التّلف الاخرى، بما فيها السرقات.

فهذه الصابة هي في المحصّلة الثابت الوحيد المتبقي منذ ان كانت تونس مطمورة روما ومنذ ان كانت (افريقا) مقصد كل الشعوب والقبائل الساعية من أجل لقمة العيش، والراكضة وراء كيس حبوب يقيها غائلة الجوع.

وهي صابة قد لا تكون كافية كما يقول الخبراء، لكنها ثروة وطنية ورأس مال الشعب الذي لا يعرف نوعا آخر من الاستهلاك أبعد من الخبز أو أقل من العجين، وبالتالي فحمايتها هي مسؤولية الجميع، وهي أيضا حماية لسلة غذاء التونسيين الذين جرّبوا ما معنى النقص في مادة الخبز وما معنى الركض من مخبزة الى أخرى في سبيل توفير ما يكفي لسدّ الرمق.

واليوم، وفي الاسابيع القليلة المتبقية على موسم الحصاد، يبدو الانتباه لكل الاخطار، وأخذ الحيطة والحذر مما قد ينتج عن أي اهمال، والتوقي من كل أشكال التلف التي يمكن ان تمس الصابة، هو المطلب رقم واحد لكل الفلاحين ولكل التونسيين دون استثناء.

فالسوق العالمية تشهد تراجعا كبيرا في انتاج القمح، والاسواق العالمية اصبحت بالكاد توفر بعضا منه للدول الغنية القادرة على الدفع باسعار تتغير كل يوم، والظروف الدولية قابلة للتغير أيضا في كل لحظة وأول من يتأثر بتغيراتها هي السلع الغذائية وعلى رأسها القمح.

كما ان الوضع في الداخل لا يخلو من صعوبات، رغم انتظارات الفلاحين واستبشارهم بالامطار القليلة التي تهاطلت مؤخرا الا ان ذلك لا ينفي ان آلاف الهكتارات قد ذبلت وتحولت الى مرعى للمواشي، وان المتبقي من الصابة لم يشبع أيضا من مياه الامطار، وبالتالي قد لا يعطي المردودية المطلوبة، اضافة طبعا الى شح السدود، وسنوات الجفاف التي مرت على البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة.

وللتذكير فقد عرفت تونس سنوات صعبة في هذا المجال، لكنها شهدت تجند الجميع ساعتها لحماية الصابة وتأمينها والحرص عليها من الحرائق وكل انواع التلف، وهو المطلوب اليوم، حتى تكون الاستعدادات في مستوى التحدي الكبير، الذي هو حماية قوت المواطن وثروة الوطن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لم تصل الى درجة الكارثة لكنها صعبة : الموارد المائية في تونس بين معضلة المناخ وتراجع المائدة الجوفية

مع تواصل ارتفاع درجات الحرارة وبداية «صيف ثقيل» على ما يبدو، تعود معضلة المياه الى صدارة ا…