أصبحت ملاذا ومتنفّسا للأجراء : مؤسسات التمويل الصغير تفتكّ دور البنوك بأقلّ فائدة
مع الانتشار المكثّف لفروع الجمعيات والمؤسسات المانحة لقروض التمويل الصغير الموجّهة لصغار الباعثين والباحثين عن تمويل لانطلاقة مشاريعهم الصغرى ، تحولت هذه المؤسسات إلى بنوك مصغرة لإقراض الموظفين تحت مسميات وعناوين مغرية كغيرها من عناوين البنوك التجارية على الرغم من مؤشرات الفائدة المنخفضة مقارنة بما تستخلصه البنوك .
تتوفر اليوم في بلادنا أكثر من خمس مؤسسات أصبحت معروفة في مجال إسناد القروض الصغرى في مختلف الولايات والسمة البارزة لأنشطتها أنها تأخذ من فئة الموظفين توجها جديدا لسيولة مواردها سواء من حيث تسهيل إسناد القروض أو أيضا من حيث تيسير عملية استرجاع الأقساط ، الأمر الذي يجد فيه الموظف اليوم ملاذا أكثر ارتياحا من البنوك نظرا لشروطها المجحفة ومعاملاتها المعقدة من حيث الإجراءات الإدارية .
إذ أن الشخص الطبيعي الواحد خاصة من فئة الموظفين بإمكانه أن يتمتع بقرض علاوة على إمكانية تقديم ضمانات لاستخلاص قروض أخرى لفائدة أشخاص مقربين من ذوي القرابة والثقة وهي ظاهرة باتت تعرف بها مؤسسات التمويل الصغير في ظل تزايد نفقات المعيشة وغلاء الأسعار وانسداد الأفق مع البنوك في وضعها لمعايير وشروط تزيد من معاناة الموظف .
ومما تمت ملاحظته أن هذه الظاهرة أصبحت تعرف بها فروع هذه المؤسسات المالية في الولايات الداخلية بالأساس وتمكنت بشكل استغلالي للظروف الاقتصادية والاجتماعية من افتكاك دور البنوك في الإسناد المادي للأجراء بشكل عام وإن اختلفت مسالك الضمانات وغيرها في منح القروض بعد أن كانت العناوين الكبرى لهذه القروض الصغيرة التي تتراوح بين 500 و40 ألف دينار موجهة لأصحاب أفكار المشاريع أو المشاريع الصغرى الفلاحية والتجارية وغيرها على أن تكون طاقة استخلاص الأقساط والمواظبة الدائمة في تسديد القرض عنصرا بارزا ومؤهلا لتمكين « الضامن» في القرض الذي غالبا ما يكون موظفا أو صاحب معرف جبائي تجاري من التمتع بقرض جديد كل مرة بأكثر مبلغ كلما حافظ على نسق الاستخلاص بوتيرة منظمة دون تأخير .
لا ضير في ذلك بالنسبة لهؤلاء طالما أن البنوك اليوم لم تغير من سياساتها ومعاملاتها مع الحرفاء بل ولم تقرأ مستوى ما يعانيه الموظف من اختناق مادي على مدار العام بسبب غلاء المعيشة وضعف الأجور تنضاف إلى ذلك المعايير المجحفة من البنوك كلما حاول الموظف التوجه إليها كمحاولة لتجاوز مرحلة ما سواء في النفقات اليومية أو الموسمية وغيرها من النفقات الطارئة .
وفي ما نعلم أنّ التمويل الصغير يلعب دوراً حيوياً في دعم الأعمال الصغيرة والمتوسطة وتعزيز الاقتصاد المحلي إذ يمكن أن يساهم في توفير فرص العمل وتعزيز الابتكار ، وتحسين التنمية المستدامة في المجتمعات المحلية لكنه اليوم بات يعرف مسالك أخرى فرضتها الظروف الاقتصادية والإجتماعية وباتت وجهة لأصحاب الأجور القارة التي لم يتبق منها سوى الإسم طالما أنّ البنوك لن تتوقف عن فرض شروطها وتحديد مربعات التحرك المادي الضعيف إزاء المقدرة الشرائية للأجراء ويغيب عنها إيجاد فرص استثمار هذه القروض عوضا عن جهود « المراوغات» التي يتبعها الأجراء في البحث عن منافذ لأزماتهم المادية المتكررة .
مرّة أخرى الرئيس يتوقف عند « التخريب الممنهج» لقطاع النقل.. نحو مقاربة جديدة لإعادة بناء منظومة منهكة..!
يواجه قطاع النقل في تونس، منذ سنوات، تحديات متزايدة ألقت بظلالها على حياة المواطن اليومية …