2024-04-16

صندوق النقد الدولي : تونس في المرتبة الرابعة ضمن قائمة الدول العربية الأكثر استدانة

حلت تونس في المرتبة الرابعة ضمن قائمة الدول العربية الأكثر استدانة من صندوق النقد الدولي بقيمة ناهزت 1.47 مليار دولار، بعد ما احتلت مصر المرتبة الأولى بديون ناهزت 14.93 مليار دولار، ثم المغرب بقيمة 2.1 مليار دولار فالأردن بقيمة 1.98 مليار دولار، و ذلك بحسب تضمن تقرير أصدره صندوق النقد الدولي. وتضمنت هذه القائمة بعد ترتيب تونس كلا من السودان بـ 1.3 مليار دولار، موريتانيا ب 343.27 مليون دولار، الصومال بـ95.4 مليون دولار، جيبوتي بـ42.1 مليون دولار، جزر القمر بـ24 مليون دولار وأخيرا اليمن بـ6.43 ملايين دولار.

وعلى مستوى الدولي، تصدرت كل من الأرجنتين ومصر وأوكرانيا أعلى دول العالم من حيث الديون المستحقة لصندوق النقد الدولي، وتضم قائمة الـ 10 دول الاكثر مديونية خمس دول إفريقية، مقابل ثلاث دول تقع في الأميركتين، وواحدة في أوروبا، وأخرى في آسيا.

ولئن تدعمت علاقة صندوق النقد الدولي في السنوات الأخيرة ببعض الدول العربية على غرار مصر والمغرب وتونس التي انخرطت في برامج تسهيلات مالية والحصول على قروض الا ان علاقته مع بلدان الخليج المنتجة للنفط اقتصرت على الدعم الفني والمشاركة في مشاورات المادة الرابعة من لائحة العمل بصندوق النقد، حيث يتم استعراض الأوضاع الاقتصادية ومناقشتها وتقديم النصائح والتوصيات.

وبالعودة إلى الدول العربية ونخص بالذكر كلا من مصر والمغرب وتونس، فقد سعت هذه المؤسسة المالية إلى تقديم قروض مقابل تطبيق برامج اصلاحية  ترسمها إدارة الصندوق بهدف معالجة مشاكل اقتصاد هذه البلدان والتي لها علاقة بالميزانية العامة وما يتبعها من قضايا الدعم والديون وايضا عجز ميزان المدفوعات وتأثيراته على سعر الصرف العملة الوطنية واحتياطي النقد الأجنبي.

وفي الوقت الذي ترى فيه إدارة الصندوق أن هذه الاصلاحات ضرورية وتطالب بالتسريع بها، يرى بعض المحللين الاقتصادين ان هذه المطالب مجحفة وتمس من قدرة المواطن المعيشية، حتى إن البعض منهم اكد ان تجربة هذه  الدول مع صندوق النقد الدولي تعد «فاشلة» وفي حاجة إلى إعادة النظر لأنها لم تساهم بالقدر الكافي في النهوض باقتصاد الدول المذكورة على غرار المغرب التي لديها 4 اتفاقيات متعاقبة مع صندوق النقد في إطار ما يعرف بـ «خط الوقاية والسيولة» وتقدمت  مؤخرا بطلب لصندوق النقد الدولي للدخول في برنامج تمويلي آخر تصل قيمته إلى 5 مليارات دولار ومع ذلك لم يشهد اقتصادها «القمة» التي ينشدها.

وفي ما يخص تونس، التي اجبرتها  الأزمات المتتالية على التعامل مع هذه المؤسسة المانحة والحصول على قروض تمويلية، لم تستطع هي الأخرى الخروج من دوامة الديون ولم يفلح برنامجها الاصلاحي في تحقيق نتائج إيجابية، بل جعلت من قروض ومساعدات صندوق النقد مجرد «مسكن» للاقتصاد الوطني بحكم عدم قدرتها على معالجة مشاكل الاقتصاد الحقيقية ودخلت في دوامة التداين من اجل خلاص الديون.

والاكيد أن البرامج الاصلاحي لصندوق «النقد الدولي» الذي خصصه لتونس لن يغير الأوضاع الاقتصادية كثيرا، بل كان سيزيد في تعميق أزمتها ويخلق بالتوازي أزمة اجتماعية خاتقة لو طبقت الحكومة توصياته المتمثلة في رفع الدعم وتسريح الموظفين وخوصصة المؤسسات العمومية. ولعل هذا ما جعل رئيس الدولة قيس سعيد يرفض التعامل مع هذه المؤسسة المانحة رغم حاجة تونس الملحة إلى القرض المتفق عليه من قبل والبالغة قيمته 1.9 مليار دولار بسبب رفضه الإصلاحات اللازمة للحصول على هذا التمويل.

وفي حقيقة الامر، كان عدم تعامل تونس مع هذه المؤسسة هذه السنة فرصة لتدبير أمورها والتعويل على مواردها المالية رغم الصعوبات المالية التي تواجه الاقتصاد خاصة وانها قطعت أشواطاً بارزة في مسيرة الإصلاح الاقتصادي وتمضي قدماً نحو تنفيذ العديد من الإصلاحات الأخرى، وهو ما جعلها قادرة على مواجهة أزمة التمويل عبر جملة من الإجراءات على غرار تطوير الصادرات، الترفيع في  عائدات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج. الأمر الذي ساعد الاقتصاد الوطني على الخروج من دائرة الانكماش وتسجيل بداية التعافي وعودة بعض المؤشرات إلى دائرة الأخضر إضافة إلى النجاح في سداد الديون عن السنة الماضية وجزء من ديون السنة الجارية.

وفي ظل هذا التحسن الملحوظ المسجل رغم الاستغناء عن «وصفة جاهزة» أعدها صندوق النقد الدولي، يرى البعض من اساتذة الاقتصاد أن سياسة الاصلاح ليست مستحيلة ولا صعبة المنال، فقط الامر يحتاج إلى تبني سياسة رشيدة تحسن انتاجية القطاعات الحساسة من جهة وترشيد نفقات الاستهلاك والتحكم في كتلتي الدعم والاجور إضافة إلى منح فرصة للقطاع الخاص للعمل في مناخ أعمال مشجع للاستثمار بعيدا عن البيروقراطية والفساد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

شركة فسفاط قفصة : نحو مضاعفة إنتاج قطاع الفسفاط إلى 12 مليون طن سنة 2025

مثل قطاع الفسفاط لسنوات عديدة مصدراً للعملة الأجنبية بالنسبة إلى تونس، غير أن الأحداث المت…