2024-04-28

مع انطلاقة الاستحقاق الانتخابي الرئاسي: عودة الحياة لـ«مجتمع» الرصد والتوثيق..!

بصدور بيان شبكة مراقبون يوم لخميس الفارط 25 أفريل 2024، يمكن القول ان ما عُرف بعد ملحمة 14 جانفي 2011 بالمجتمع المدني المعني بمراقبة وملاحظة ورصد وتوثيق الانتخابات في ديمقراطيتنا الناشئة كما يقال، قد دبّت فيه الحياة من جديد وبدأت مكوناته في الظهور وإعداد العدة للقيام بوظيفتها قبل وأثناء وبعد الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها تونس الخريف القادم.

وقد كانت شبكة مراقبون واضحة ومباشرة وعرفت كيف تفتح الباب للدخول في جوهر الموضوع من خلال الدعوة إلى الإسراع بتحديد تاريخ الانتخابات الرئاسية المقبلة وهو ما يضمن وفق ما جاء في بيانها «الوضوح للعملية الانتخابية ولكافة المتدخلين فيها من مترشحين وناخبين ومكونات المجتمع المدني المعنية بالملاحظة ووسائل الإعلام».

لكن  ما نلوم عليه في عدد من مكونات المجتمع المدني المهتمة بالشأن الانتخابي هو المناسباتية، والانكفاء على الذات وتذكّر الانتخابات عشية إجرائها أي قبل أشهر أو حتى أسابيع قليلة من برمجتها والحال ان الانتخابات بشكل عام ركيزة من ركائز الديمقراطية ونجاحها في دولنا رهين عمل ثقافي وسياسي دؤوب على مدار السنوات وليس فقط خلال السنة الانتخابية.

ان عمل جمعيات الرصد والمراقبة والتوثيق الانتخابي عمل موسمي، يزدهر بمناسبة الاستحقاق الانتخابي ويخفت في باقي الايام وهو ما يضرب في العمق عملية مراكمة التجربة وتطوير المشاركة السياسية في الشأن العام، فالملاحظات مثلا التي ترد في التقارير الختامية لهذه الجمعيات ومن بينها التأكيد على التثقيف الديمقراطي تظل حبرا على ورق، لنجد انفسنا في كل مرة بصدد البداية من الصفر في تعريف الناخب بأصول التسجيل والترشح والدعاية والوقوف في الطابور والتصويت ووضع الاصبع في الحبر وانتظار النتائج للتعبير عن الفرح بالنصر او دخول مرحلة الحزن الدائم، ويكفي ان ننظر في حجم الأوراق الملغاة مثلا أو في الشكاوى التي تُرفع من اكثر من جهة بشأن الجرائم والمخالفات الانتخابية لنقف على ضعف مردودية عمل هذا المجتمع المدني الانتخابي..

ولعل من بين الأسباب الرئيسية وراء غياب ديمومة عمل هذه الجمعيات، المال الذي هو قوام الأعمال، وكذلك حسابات الجهات التي تقف وراء هذا المال أو وراء الأطراف المعنية بالاستحقاق الانتخابي، فأغلب الموارد المالية متأتية من الخارج نظرا لعدم وجود تمويل عمومي مناسب وبالتالي لا يمكن المراهنة عليها او التخطيط صلبها بحرية للعمل على مدار العام كما أسلفنا والمساهمة بقوة وفعالية في التربية على الديمقراطية وعلى المشاركة السياسية  والشأن الانتخابي.

وللأسف فان عقلية العمل الموسمي والظرفي والمناسباتي ليست حكرا على الجمعيات الناشطة في مجال رصد وملاحظة ومراقبة الانتخابات بل هي تكاد تكون السمة المميزة للمجتمع السياسي التونسي والأخطر من ذلك الطابع الطاغي على عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي قلنا مرارا وتكرارا انها ليست أداة تقنية فقط وانما هي حجر الزاوية في التجربة الديمقراطية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تواترت النداءات والشعارات والانتقادات: ما الذي يعطّل «الثورة التشريعية»؟

في أوج الحملة الانتخابية لمجلس نواب الشعب قبل زهاء سنتين استعمل كثير من المترشحين مقولات و…