2024-03-23

من أجل الانتصار لحق المواطن في خدمات عمومية لائقة : إصلاح قطاع النقل  لم يعد يحتمل التأجيل

يعدّ قطاع النقل قطاعا استراتيجيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى فللوضع الذي يمر به قطاع النقل تبعات مباشرة على الجانب الاقتصادي والاجتماعي والتجاري والثقافي بصفته قطاعا محددا لكل تفاصيل حياة الشعوب وهو مقياس لتأخرها أو تقدمها ومعرفة قدرتها على مواكبة تحديات العصر التقنية والتكنولوجية.

ونظرا لهذه الأهمية التي يكتسيها القطاع فهو محل متابعة من قبل رئاسة الجمهورية وقد كان محور لقاء جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزيرة التجهيز والإسكان والمكلفة بتسيير وزارة النقل سارة الزعفراني أول أمس، حيث أكد رئيس الجمهورية على ضرورة الإسراع بوضع استراتيجية وطنية للنقل العمومي للخروج بهذا القطاع من الوضع الذي تردى فيه نتيجة للسياسات التي تم اتباعها منذ مطلع السنوات التسعين من القرن الماضي وأدت إلى تغييب شبه كامل للمرفق العمومي للنقل إلى جانب عديد المرافق العمومية الأخرى.

وقد عرف قطاع النقل في تونس حالة من التهميش و الإهمال طيلة سنوات ما أدى إلى انهيار وشيك لهذا القطاع ولمختلف الشركات التابعة لوزارة النقل نتيجة تقادم الأسطول و العجز عن تجديده وتهالك البنية التحتية خاصة الحديدية و تراجع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن الذي تحول مجهود التنقل بالنسبة إليه إلى حالة أشبه بالمعاناة اليومية زد على ذلك استشراء منسوب الفساد في هذا القطاع ما وقف حاجزا دون تهيئة بعض من تجهيزات أساطيل النقل وتوفير قطع الغيار في آجالها.

ولم تعد عملية تشخيص وضعية النقل العمومي بالأمر الذي يتطلب دراية واطلاعا كبيرين فحالة الإفلاس وعدم القدرة على القيام بالإصلاحات الهيكلية والمعمّقة وتوفير السيولة والاستثمارات الضرورية هي من أهم المشاكل التي يعاني منها قطاع النقل.

وتواجه شركة نقل تونس أهم شركات النقل الحضري بتونس صعوبات على مستوى توفير السيولة المالية اللازمة للإيفاء بتعهداتها المالية حيث بلغ حجم ديونها 1880 مليون دينار سنة 2022 منها 230 مليون دينار لفائدة البنوك ومزوّدي قطع الغيار، فضلًا عن صعوبة الإيفاء بتعهداتها تجاه المزودين العموميين.

كما يشار إلى أنّ الدّعم السنوي الذي ترصده الدّولة بعنوان منحة الاستغلال لا يسمح سوى بتغطية المستحقات المالية للأعوان البالغ عددهم حوالي 7350 عونً والذين بلغت نسبة أعبائهم %73.4من المداخيل سنة 2022 مقابل %52 سنة 2010.

ونتج عن هذا الوضع التأخير في تنفيذ برامج الاقتناءات وتقادم الأسطول الذي أصبح معدّل عمره 12 سنة و7 أشهر بالنسبة للحافلات و27 سنة و11 شهرًا بالنسبة لعربات المترو و44 سنة و11 شهرًا بالنسبة لعربات الخط ت.ج.م. وهو ما يفسر تزايد عدد الأعطاب بداية من سنة 2020.

كما عمّق عدم اللجوء إلى الزيادة في التعريفة استجابة لسياسة الحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن من تدهور وضع الشركة حيث يناهز المفعول المالي لتجميد التعريفة 700 مليون دينار خلال الفترة 2011-2020 وتراجع مؤشر تغطية أعباء الأعوان باعتبار الدّعم من %67 سنة 2010 إلى %49 سنة 2022.

في المقابل وعلى الرغم من الصعوبات الهيكلية التي تمر بها الناقلة الوطنية إلا أنها تتلمس طريقها إلى التعافي حيث تضاعفت موارد شركة الخطوط الجوية العام الماضي بمقارنة سنوية مما أتاح لها تحسين أدائها خلال السنة الفارطة خاصة في ظل تزامنه مع انتعاش حركة الطيران والسفر واستئناف زخم قطاع السياحة.

وبحسب الإحصائيات فقد نمت العوائد بنسبة 107 في المائة بنهاية 2022 على أساس سنوي لتصل إلى 1.26 مليار دينار مقارنة مع 600 مليون دينار قبل عام.

وتعمل الخطوط التونسية التي تعاني صعوبات مالية على تنفيذ برنامج إصلاح جديد يهدف إلى إنعاشها وبدأت شراء طائرات جديدة بهدف تجديد أسطولها.

ومن المنتظر وحسب البرنامج الذي وضعته وزارة النقل سيتم اقتناء 718 حافلة خلال الفترة الممتدة بين 2023 و2026 منها 175 حافلة  تم اقتناؤها مع موفّى سنة 2023 مع تأهيل بين 50 و80 عربة مترو بين سنتي 2024 و2026، مع برمجة اقتناء 54 عربة مترو جديدة.

كما ينتظر اقتناء 18 عربة للخط تونس-حلق الوادي-المرسى: مشروع بصدد الإنجاز بعد أن تم إمضاء اتفاقيات التمويل المتعلّقة به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

دعوة لبعث مجلس السيادة الغذائية : ضمانة ديمومة المنظومات الإنتاجية والحدّ من التبعية الغذائية

كشفت أزمة جائحة كورونا والحرب الروسية -الأوكرانية عن هشاشة منظومات الإنتاج المحلية في تونس…