قضية اغتيال الزعيم صالح بن يوسف : القضاء الالماني يرد على طلب تحضيري طلبته المحكمة التونسية …
نظرت أول أمس الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية في القضية عدد 20 والمتعلقة باغتيال الزعيم صالح بن يوسف بوصفه أحد قادة الحركة الوطنية زمن الاستعمار.
وبالمناداة على عائلة الزعيم صالح بن يوسف حضر نجله الدكتور لطفي بن يوسف ولم يحضر نائبه الأستاذ عفيف بن يوسف كما لم يحضر أحد من الشهود وغيب الموت كل المنسوب لهم الإنتهاك، وأفادت رئيسة الدائرة ورود الرد عن المكاتبة التي وجهتها المحكمة للوكالة العامة بفرنكفورت بألمانيا حول مدها بنسخة من الأبحاث المجراة سنة 1961 في علاقة بعملية الإغتيال وطلب الدكتور لطفي بن يوسف تأخير القضية للإطلاع على إجابة السلطات الألمانية…
فقررت الدائرة تأخير القضية إلى جلسة 08 أفريل 2024 في انتظار الرد عن المكاتبات الموجهة لوزارة الداخلية والإستجابة للإستدعاءات الموجهة للشهود وانتظار أكتمال التركيبة القانونية لهيئة المحكمة.
وكانت رئيسة الدائرة كشفت في الجلسة السابقة ان وزارة الداخلية أرسلت للمحكمة مجموعة هامة من الوثائق في علاقة بالقضية للاطلاع عليها وبينت انه بإمكان هيئة الدفاع الاطلاع أيضا على تلك الوثائق.
وكان صالح بن يوسف اغتيل يوم 12 أوت 1961 في مدينة فرانكفورت الألمانية.
واكد نجل صالح بن يوسف خلال سماعه من قبل الدائرة ان طلبات العائلة تتمثل في اعتراف الدولة بالجريمة والاعتذار عنها نظرا لتورط أجهزتها فيها وإلغاء حكمي الإعدام الصادرين ضد والده قبل اغتياله وإعادة جثمان والده ودفنه بتونس وإعادة كتابة فصول من تاريخ تونس وذكر دور والده فيه، كما أشار الشاهد أن الدولة الألمانية لم تحرك ساكنا رغم أن الجريمة وقعت على أراضيها.
يذكر ان لسان الدفاع عن عائلة الزعيم الراحل صالح بن يوسف طالب في جلسة سابقة بإصدار بطاقة جلب في حق المتهمين الأحياء والذين هم على علاقة بعملية إطلاق النار وجلب الأرشيف الرئاسي وأرشيف وزارة الداخلية والتلفزة الوطنية والاستماع إلى بعض الوجوه السياسية والنقابية التي لها معلومات حول القضية لإنارة العدالة والرأي العام.
وكانت الدائرة استنطقت المنسوب له الانتهاك المدعو حميدة بنتربوت” الذي انكر التهمة المنسوب إليه أو المشاركة في عملية رصد أو معرفة التخطيط لاغتيال الزعيم الراحل بن يوسف موضحا انه لم يحصل له علم بانتدابه أو الزج به في تنفيذ الاغتيال عدا معرفة القرابة ببشير زرق العيون وهو خاله.
كما ذكر المنسوب إليه الانتهاك حميدة بنتربوت أنه لم تكن له نشاطات سياسية غير أنه يعرف الخلافات الحادة بين بورقيبة وبن يوسف الذي كان معروفا بشخصيته القوية والذي كان صريحا ولا يجامل مما دفع الناس إلى محبته خاصة من جهة جربة، وأضاف المنسوب إليه الانتهاك أنه انتقل إلى الدراسة بألمانيا لمدة أربع سنوات نافيا أن يكون على علم بعملية الاغتيال ولم يسمع بحدوثها إلا بعد يومين.
وأكد أن والده طلب من والدته إبعاده عن بشير زرق العيون متعللا بأن والده لا يحب السياسة، وأضاف أن خاله كانت له عليه سلطة وكان لا يعصيه في أي أمر.
وفاة آخر المتهمين..
للإشارة فإن آخر المتهمين في القضية قد فارق الحياة ولكن هذا لا يعني غلق الملف باعتبار أن عائلة الزعيم الراحل بن يوسف تقدمت بعديد الطلبات للمحكمة من أهمها إلغاء حكمي الإعدام اللذين صدرا ضد الزعيم الراحل بن يوسف بالإضافة إلى كشف الحقيقة من خلال جلب الأرشيف من ألمانيا البلد الذي توفي فيه بن يوسف لكشف الرواية التاريخية وإماطة اللثام عن حقيقة وفاته، كما أن الدولة مطالبة بأن تنصف الزعيم الراحل بن يوسف تاريخيا بإعادة مكانته ورد الاعتبار اليه ولورثته ولشق كبير من التونسيين الذين كانوا مساندين لليوسفيين وليحصل التصالح بين الدولة ومواطنيها بالإضافة إلى ضرورة تقديم الدولة للاعتذار.
وصالح بن يوسف هو أحد أبرز قادة الحركة الوطنية التونسية، تولى الأمانة العامة للحزب الحر الدستوري الجديد كما تولى وزارة العدل في حكومة محمد شنيق التفاوضية بين 1950 و1952.
وعارض سنة 1955 الاستقلال الداخلي الذي قبل به بورقيبة مما أدى إلى حدوث صدام بينهما، أدى الخلاف إلى حدوث شرخ في الحزب الدستوري وإلى دخول أنصار الفريقين في صراع مفتوح.
ورغم حصوله على تأييد جزء كبير من الإطارات الدستورية خسر بن يوسف صراع الزعامة ووقع فصله من الحزب.
واختار بن يوسف ابتداء من جانفي 1956 اللجوء إلى المنفى وتقرب من جمال عبد الناصر.
وبعد إعلان الاستقلال في مارس 1956 والجمهورية في جويلية 1957 ابتعد بن يوسف عن البلاد ليقع في النهاية اغتياله في جوان 1961 في ألمانيا.
أدلة هيئة الحقيقة والكرامة..
أوردت هيئة الحقيقة والكرامة ما وصفتها بسلسلة من الأدلة والبراهين التي تؤكد ثبوت مسؤولية الرئيس الحبيب بورقيبة “بصورة لا لبس فيها” في اغتيال رفيق دربه السابق وخصمه اللاحق صالح بن يوسف، مشيرة إلى أن بورقيبة اتخذ قرار تصفية غريمه إثر لقاء عاصف جمع بينهما بمدينة زيوريخ السويسرية يوم 2 مارس 1961.
وانتظم هذا اللقاء بقاعة النزل الذي يقيم فيه بورقيبة وذلك بسعي منه وبتنسيق مع مدير ديوانه البشير زرق العيون. وحضر هذا الاجتماع كل من وسيلة بورقيبة وعلالة العويتي وسفير تونس بسويسرا توفيق ترجمان، إضافة لعمر الشاذلي الطبيب الشخصي لبورقيبة.
كما واكب الاجتماع عناصر من الأمن السويسري بطلب بن يوسف ضمانًا لسلامته.
وقد احتد النقاش في هذا الاجتماع اذ استنكر بورقيبة إحضار الأمن السويسري ورفض مصافحة بن يوسف، واتهمه بمحاولة اغتياله بواسطة مسدس كاتم للصوت أو بالسم مستدلًا برسالة أرسلها بن يوسف إلى الصادق بن حمزة استفسره فيها عن إفشائه للأمروانتهى اللقاء بعد تشنج بمغادرة بن يوسف بطلب من بورقيبة.
وقالت الهيئة إن دقة التفاصيل المعروضة وكيف صوّب أحد المنفذين مسدسه إلى أذن الضحية وخرجا وأقفلا الباب تتطابق مع التحقيقات الألمانية ومع ما جاء بشهادة صوفية بن صالح أرملة المغدور، وهو ما يؤكد مواكبته لعملية الاغتيال وإعلامه من طرف المنفذين بتلك التفاصيل.
وقال بورقيبة في محاضرته أنه طلب من شخص يُدعى حسن بن عبد العزيز الورداني بإحضار القاتلين لتوسيمهما مكافأة لهما عما قاما به لتخليص تونس من “الحية الرقطاء”. وأكدت الهيئة أنه ثبت فعلًا أن بورقيبة قام بتوسيم القاتلين وهما عبد الله بن مبروك ومحمد بن خليفة محرز بوسام الاستقلال عام 1974 بمناسبة الذكرى الأربعين لانبعاث الحزب الدستوري الحر، كما قام بمكافأة المشرف الميداني زرق العيون بالصنف الأكبر من وسام الجمهورية، وكذلك توسيم الأمني محمد الرزقي الذي اخترق تنظيم الأمانة العامة وفي استدراج صالح بن يوسف وذلك بمنح الرزقي و6 عناصر في وزارة الداخلية الصنف الثاني من وسام الاستقلال بمناسبة عيد الجمهورية عام 1974 أيضًا.
وكانت هذه المحاضرة اعترافًا صريحًا من بورقيبة بوقوفه وراء الاغتيال وهو ما دفع السلطات لحذف الفقرات المتعلقة بالعزم بمكافأة القتلة من النسخة الكتابية والسمعية البصرية للمحاضرة من جميع التسجيلات ومن الطبعات المتتالية للمؤلف الذي أعدته وزارة الإعلام لتوثيق المحاضرة.
وثبت أيضًا أن السلط الألمانية انتهت بختم الأبحاث اللازمة في واقعة الاغتيال بتوصية من سفارة ألمانيا بتونس التي أكدت على دور البشير زرق العيون في المحيط الضيق لبورقيبة وعليه من غير الموصى به إصدار بطاقة إيقاف بحقه ذلك أن تتبعه من شأنه توريط رئيس البلاد نفسه وهو ما يعني إفساد العلاقات التونسية الألمانية.
ولم يقم بورقيبة في الأثناء بالمطالبة بجلب جثة بن يوسف أو بفتح تحقيق قضائي حول واقعة اغتياله وهو ما يمثل دليلًا آخر على تورط الدولة في عملية التصفية.
المنسوب لهم الانتهاك
وللتذكير فأنه بتاريخ 16 ماي 2019 عقدت الدائرة القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية أولى جلساتها في قضية اغتيال الزعيم الراحل صالح بن يوسف وقد شملت الأبحاث في البداية ستة أطراف وهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة واثنان من معاونيه وقد توفوا جميعا وحفظت القضية في حقهم أما الثلاثة الباقون فقد استمعت هيئة الحقيقة والكرامة إلى أحدهم في حين لم يكن بالإمكان معرفة مقر الشخصين الآخرين.
وفي تقرير للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب حول سير مجريات الجلسة الأولى من المحاكمة في قضية اغتيال الزعيم صالح بن يوسف ذكرت بأنه خلال الجلسة استمعت الدائرة إلى شهادة نجل صالح بن يوسف الذي ذكر أن والده تخرج محاميا من جامعة السوربون ثم عاد إلى تونس وانخرط في النضال ضدّ الاستعمار الفرنسي لتونس وتعرض بسبب ذلك إلى الاعتقال والسجن.
وبعد حصول الخلاف بين بورقيبة ووالده غادروا تونس واستقروا بالقاهرة ولم ينقطع والده عن النشاط السياسي.
وبعد فشل محاولة الصلح بين بورقيبة ووالده بسويسرا، تم اغتياله بأحد النزل بفرنكفورت بألمانيا بتاريخ 13 أوت 1961.
وكان الخلاف بين الرجلين حول قضايا التحرر من الاستعمار والتعامل مع فرنسا والعلاقة بحركات التحرر في المنطقة.
اتهم باخفاء وثائق من ملفات ذات صبغة ارهابية : هذا ما تقرر في حق كاتب عام نقابة أعوان وموظفي العدلية …
قررت دائرة الاتهام بمحكمة الإستئناف بتونس احالة كاتب عام نقابة اعوان وموظفي العدلية حطاب…