بعد شهر ونيف على طوفان الأقصى، ما الذي فعلته حركة حماس بغزّة…؟ الخسارات والانتصارات…
بعد كلّ هذا الدمار الذي حلّ بغزّة… وبعد كل هذا التدمير للبشر وللشعب والعشب والحجر… وبعد كل هذه المجازر التي ارتكبها الجيش الصهيوني في حق المدنيين بغزة… وبعد كل هذا الطوفان من الباطل الذي قابل طوفان الأقصى وحاصره من الغرب الاوروبي بكل امتداده وعتاده وأمريكا بكل امكانياتها الاستخباراتية والعسكرية وبعد شهر ونيف وأكثر من 14 ألف شهيد وآلاف الجرحى وبعد قصف غزة بأكثر من 30 ألف طن من المتفجرات وبعد اتفاق العالم االحرّ والديمقراطيب على ان اسرائيل بصدد الدفاع عن نفسها ولذلك يحق لها إفناء شعب وبلد من أجل احفظ ماء الوجهب الذي مرّغته المقاومة في السابع من أكتوبر 2023… بعد كل هذا نريد ان نسأل ذاك السؤال، سؤال العقل الذي أرجأناه الى حين انتهاء الحرب… وبما ان الحرب لن تنتهي الا بعد فناء فقد قررنا ان نلقي بهذا السؤال وليكن ما يكون…
ما الذي فعلته حركة حماس وجناحها المسلح بغزة وأهلها…؟ وهل وضعت كل الحسابات والتقديرات والتداعيات قبل تنفيذ عملية طوفان الاقصى…؟ هل كانت على وعي بأن التدمير سيكون عظيما لكأنه القيامة الآن… هل كانت تدرك بان ردّة الفعل الصهيونية ستكون بهذا الحجم وبأن العالم الاوروبي والامريكي سيفزع ليحضن الطفل الصهيوني المدلل قبل ان ينكسر… هل كانت على وعي بأن العالم سيبرّر كل الجرائم الصهيونية باختلاق عناوين باطلة من مثل االدفاع عن النفسب وسيحاصر الشرق الاوسط بأضخم ترساناته العسكرية بما في ذلك النووية…
هل كانت حماس وهي تعدّ لطوفان الأقصى تدرك بان أرض غزّة وكل ما فيها من حياة سيزلزل زلزالها بما ينهي كل أشكال الحياة؟
بعد شهر ونيف من الدمار الشامل للبشر ولعائلات برمتها خرجت تماما ـ بعد فنائها ـ من سجلات الحياة نسأل ما الذي فعلته حماس بغزّة وبأهل غزّة…؟ فمقاتلوها تحت الارض وفي الانفاق ومن تحتها يقاتلون العدو الصهيوني والمدنيون في غزة فوق الارض ـ لا تحتها ـ لكأنهم دروع ـ حفاة عراة ـ في مواجهة النار… وهم أول الشهداء تحت القصف.
أولا… وقبل ان نمضي أكثر في الكلام… وبعضه قد يزعج المنتصرين هكذا دون عقل… وبعيدا من ذاك الخطاب الذي يدين قيادات حماس بحقّ وبغير حق ويدعي عليهم ويتجنى كالقول بأنهم يديرون الحرب من منافٍ مترفة وبعضهم مسترخٍ في أوروبا وآخرون بين تركيا وقطر ومصر ولهم ثروات واموال وابناؤهم يدرسون بأكبر المعاهد والكليات.. وأنا شخصيا غير معني بهذا الكلام في هذا السياق الذي نحاول من خلاله طرح سؤال عقل ودون الدخول في تلك المتاهة التي تتحدث عن حماس الاخوانية فهذه المسألة أيضا غير مطروحة وقت الحرب فهي ـ الآن ـ حركة مقاومة وطنية تقاوم من أجل استرداد الأرض المنهوبة.. وانتهى.. وبالتالي فإن سؤالنا الاساسي ـ هنا ـ وأسميناه سؤال عقل انما يبحث في ما فعلته حركة حماس بغزة وأهلها..؟ وهل كانت على وعي بكل ما يمكن أن يحدث كردّة فعل من الجيش الصهيوني..؟
لنبدأ من حيث يجب ان نبدأ..
لقد انتصرنا جميعنا كشعوب حرة لعملية اطوفان الاقصىب التي نفذتها حركة حماس يوم 7 أكتوبر لـ2023.. يوم مشهود سيبقى راسخا في تاريخ المقاومة العربية خاصة وقد أبانت عن مدى هشاشة المنظومة الامنية والاستخباراتية الصهيونية التي لم تتوقع االضربةب في ذاك اليوم والتوقيت لذلك هي ردت بكل تلك الشراسة ولن تتراجع الا بعد ابادة حركة المقاومة حماس وكل اجنحتها السياسية كما العسكرية.وفي المقابل أبانت الحركة ان موازين القوى في غير صالحها واكتفت ببعض االرشقات الصاروخيةب التي لم تكلف العدو خسائر تضاهي ما تكبدته غزة المنكوبة في ابنائها وفي نسائها وفي رجالها وفي اطفالها وقد وجدوا أنفسهم عراة لكأنهم دروع رغما عنهم ـ في حرب لم يختاروها ولم يتهيؤوا لها ـ فكانوا اولى ضاحاياها..
وهنا نطرح ما يجب من اسئلة:
عندما قررت حركة حماس اطلاق عملية طوفان الاقصى هل كانت تدرك ما سيحدث من بعد من ردة فعل لجيش تعرف عميقا مدى قدرته على ارتكاب كل اشكال الجريمة..؟
هل فكرت في كيفية حماية المدنيين كما فكرت في حماية مقاتليها في الانفاق..؟ هل هيأت المدنيين للجحيم الذي اطلقه جيش العدو..؟
وفي الحالتين نحن امام مأساة انسانية كبرى..
فإن كانت حماس تدرك بان ردة فعل الجيش الصهيوني ستكون بهذه الشراسة ولم تهيئ المدنيين لذلك ولم تعدّ لهم ما يحميهم ففي ذلك حديث آخر وادانة ايضا فليس من حق أي كان أن يضع 2 مليون مواطن دروعا لتلقي كل ضربات الجيش الصهيوني وردة فعله العمياء..
وان لم تكن تدرك حجم ردة فعل الجيش الصهيوني بعد طوفان الأقصى ـ ما نستبعده في الواقع ـ ففي ذلك ايضا عبث وإدانة لها.. وكان على حركة حماس ان تضمن ـ أولا ـ وقبل اطلاق اطوفان الاقصىب ما يحمي مواطنيها من الموت عشوائيا تحت القصف الاسرائيلي.. فكما هيأت الانفاق لمقاتليها كان عليها ان تهيّئ الحد الادنى من طرق الخروج الآمن للمدنيين.. اما ان يكونوا ادروعاب رغما عنهم فهذه مسألة لا يقبل بها عقل.. وهنا نطرح السؤال الكبير…
هل أن حركة حماس بصدد تنفيذ أجندات أطراف المحور وتحديدا محور ايران وحزب الله وسوريا زائد قطر وتركيا في الجهة المقابلة حيث تقيم القيادة السياسية أم هي بصدد التحرك كفصيل مقاومة فلسطينية…
في الواقع الأمر معقد ومتشابك ـ هنا ـ باعتبار طبيعة المناورات التي تقوم بها القيادة السياسية للحركة والتي لا يضيرها أن تأكل من كل الموائد ومن كل المحاور فكما وثقت العلاقة مع ايران باعتبارها الممول المباشر للحركة عسكريا وماليا وكل سلاحها من ايران تقريبا فإنها لم ترفض عودة التقارب بينها وبين نظام بشار الأسد دون ان تتخلى عن علاقتها القوية بدولة قطر وبتركيا… فالحركة وزّعت الأدوار بين الجناح السياسي والجناح العسكري.. الأول مكلف بتوطيد العلاقة مع قطر وتركيا سياسيا والثاني ينحاز تماما للمحور الايراني ـ حزب الله ـ عسكريا باعتبار احتياجاته من الأسلحة… وبين هذا وذاك تبقى المسألة الفلسطينية مرتهنة الى أجندات دول المحور ولمختلف مصالحها في المنطقة…
عملية اطوفان الأقصىب كما صرّح كل القادة العسكريين والسياسيين بما في ذلك قيادة حماس تمت بمعزل عن كل أطراف المحور بما في ذلك ايران وبما في ذلك حزب الله حيث أنكرها الخامئني كما أنكر حزب الله علمه بها مع مباركتها… فلا أحد كان يتوقعها وقد تمت بسرية تامة ودون استشارة أي كان حيث وجدت كل الأطراف نفسها أمام أمر واقع خطير قد يفتح حربا اقليمية في المنطقة نستبعدها ـ في الواقع ـ رغم الطبول التي تدق من حولها…
لقد وضعت عملية اطوفان الأقصىب كل المنطقة على تماسات خطرة ومحرجة ولم تحقق الى الآن أكثر من رشقات صاروخية تجاه الفراغ… وحتى ورقة الأسرى التي تلوّح بها حماس وتقايض لن تكون ورقة رابحة بما أن الجيش الاسرائيلي ـ في عقيدته ـ إنّما يعتبر كل أسير قتيل..!
وهنا نصل الى تعداد الانتصارات والخسارات بعد شهر ونيف على اطوفان الأقصىب…
نبدأ أولا بتعداد ما نعتبره غير ممكن الحدوث:
أولا: الحرب لن تتوقف الا بهزيمة وزوال أحد الطرفين إمّا حماس وإمّا اسرائيل والخسارات الظاهرة على الارض كفيلة بالاجابة.
ثانيا: ايران لن تغامر بدخول حرب لم تخترها ولم تختر توقيتها لذلك ومنذ البدء انكرت عملية الأقصى وباركتها في نفس الوقت ووكيلها بالمنطقة حزب الله سيكتفي برشق العدوّ من حين الى آخر وسوريا لا لوم عليها فلا حول ولا قوّة لها وبشار يسعى للنجاة بنفسه لذلك سارع بمنع المسيرات العشوائية بدمشق ودولة قطر في إحراج وقيادتها تسعى للقيام بدور الوسيط لاطلاق الأسرى الصهاينة ولا تسعى لوقف اطلاق النار… ومصر لن تحارب على غير أراضيها ولن يتحرك جيشها إلاّ للردّ على عدوان مباشر على أراضيها وعلى شعبها… وما تبقى من دول الجوار فإمّا مطبّعة وإمّا مكتفية بالإدانة شديدة اللهجة على غرار تركيا… وبناء على كل هذا فإنّنا نستبعد قيام حرب اقليمية والتواجد الامريكي العسكري بالمنطقة ليس سوى رسائل مباشرة الى ايران وقد تلقتها بالفعل خاصة بعدما ابرّأهاب وزير خارجية أمريكا ابلينكنب بقوله إنّ ايران لم تكن على علم بعملية طوفان الأقصى وهذه رسالة مباشرة ـ أيضا ـ الى ايران وفيها دعوة ضمنية الى التهدئة والتحييد.
أمّا عن الخسارات بعد شهر ونيف فهي كثيرة وموجعة…
أكثر من 14 ألف شهيد وآلاف مؤلفة من الجرحى وفناء كامل للحياة في غزة وآلاف المهجرين من ديارهم في اتجاه ملاذات غامضة بصدد التهيّؤ في حركة تهجير تبدو عشوائية لكنّها ممنهجة ومدروسة.
بعد شهر ونيف على طوفان الأقصى… شهداء وتدمير وإبادة وشعر وأغنيات وحماسات في شوارع الغضب على الجبهة غير المعنية والحرب ستنتهي ولا شك بانتصار أو هزيمة وسيختفي أحد الطرفين من الوجود… إمّا حركة حماس وإمّا اسرائيل الطفل المدلل لأمريكا ولكل أوروبا…
سنبقى ـ رغم كل شيء ـ منتصرين للمقاومة ولأهلنا في غزّة إلى أن تضع الحرب أوزارها ..
وبعد التعداد يمكن أن ننصت للحساب..
الأخطر من الهزيمة «أوهام الانتصار»..!
لم تكن حرب الابادة في غزة سوى مقدمة أولى لحرب شاملة تعمل دولة الاحتلال على استدراج ايران …