2023-10-14

في الأسبوع الأول لـ«طوفان الأقصى» وما سيليه.. الوحدة الوطنيّة شرط الصمود من تونس إلى فلسطين

وهذه‭ ‬ليست‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تتواتر‭ ‬فيها‭ ‬صور‭ ‬الشهداء‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والشيوخ‭ ‬الذين‭ ‬يتم‭ ‬إخراجهم‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬أنقاض‭ ‬المباني‭ ‬التي‭ ‬يدكها‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬بأعتى‭ ‬الأسلحة‭ ‬ظنا‭ ‬منه‭ ‬بأن‭ ‬استهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬فوق‭ ‬الأرض‭ ‬قد‭ ‬يقلب‭ ‬المعادلات‭ ‬ويحقق‭ ‬النصر،‭ ‬وكأنه‭ ‬لا‭ ‬يعلم‭ ‬ولا‭ ‬يدرك‭ ‬ان‭ ‬الأرض‭ ‬الفلسطينية‭ ‬برمتها‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬ارض‭ ‬فلسطينية‭ ‬تحت‭ ‬السيادة‭ ‬الفعلية‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬برا‭ ‬وبحرا‭ ‬وجوا،‭ ‬والمفاجآت‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬والأسابيع‭ ‬التي‭ ‬ستأتي‭. ‬

ورغم‭ ‬ان‭ ‬الوقت‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬مبكرا‭ ‬للحديث‭ ‬على‭ ‬الانتصارات‭ ‬والمكاسب‭ ‬فان‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬وبكل‭ ‬المقاييس‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬والسياسية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬وحتى‭ ‬العسكرية‭ ‬لصالح‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬فالمقاومة‭ ‬حق‭ ‬مشروع‭ ‬وفق‭ ‬الأعراف‭ ‬والشرائع‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬سلوك‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬اليوم‭ ‬وسلوك‭ ‬رعاته‭ ‬يكشف‭ ‬رغم‭ ‬التعتيم‭ ‬على‭ ‬الخسائر‭ ‬المادية‭ ‬والبشرية‭ ‬أحيانا،‭ ‬وتهويلها‭ ‬أحيانا‭ ‬أخرى‭ ‬بغرض‭ ‬الإساءة‭ ‬للمقاومة‭ ‬وتشويهها،‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬يكشف‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬هم‭ ‬المنتصرون‭ ‬وأنهم‭ ‬بقطع‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬السيناريوهات‭ ‬القادمة‭ ‬والدخول‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬والترتيبات‭ ‬السياسية‭ ‬لن‭ ‬يخسروا‭ ‬سوى‭ ‬قيودهم‭.‬

‭ ‬ولسنا‭ ‬نغالي‭ ‬حين‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬بصدد‭ ‬تحقيق‭ ‬فرز‭ ‬حقيقي‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬وبين‭ ‬الشعوب‭ ‬وداخل‭ ‬الدول‭ ‬ذاتها،‭ ‬بين‭ ‬السلط‭ ‬الحاكمة‭ ‬والأطياف‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬وهنا‭ ‬سجلنا‭ ‬نحن‭ ‬وسجل‭ ‬العالم‭ ‬ان‭ ‬التوافق‭ ‬والتناغم‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬الرسمية‭ ‬وتونس‭ ‬الشعبية‭ ‬ثابت‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬وكما‭ ‬كنّا‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬التاريخ‭ ‬نقتدي‭ ‬بالبوصلة‭ ‬ونصيغ‭ ‬مواقفنا‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬ان‭ ‬الحق‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لا‭ ‬يسقط‭ ‬بالتقادم‭ ‬وأن‭ ‬دورنا‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬الدعم‭ ‬اللفظي‭ ‬والاستعراضي‭ ‬وانما‭ ‬الاشتراك‭ ‬في‭ ‬الاشتباك‭ ‬مع‭ ‬العدو‭.‬

اجل‭ ‬إن‭ ‬تونس‭ ‬الرسمية‭ ‬اولا‭ ‬قد‭ ‬فتحت‭ ‬جبهة ‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ومع‭ ‬رعاته‭ ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬فتئوا‭ ‬يبتزون‭ ‬بلادنا‭ ‬تارة‭ ‬بقرض‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬بموضوع‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬وتارة‭ ‬أيضا‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬التي‭ ‬يتجاهلونها‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬وهي‭ ‬جبهة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬وسياسية‭ ‬وقيمية‭ ‬سواء‭ ‬بالموقف‭ ‬الصادر‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬الرئاسة‭ ‬التونسية‭ ‬وإعلان‭ ‬الدعم‭ ‬الكامل‭ ‬وغير‭ ‬المشروط‭ ‬لحقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭ ‬ثم‭ ‬اجتماع‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬العرب‭ ‬وقلب‭ ‬الطاولة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬بالتبرّؤ‭ ‬من‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬نفس‭ ‬الموقف‭ ‬وشرحه‭ ‬للأشقاء‭ ‬والأصدقاء‭ ‬في‭ ‬مشارق‭ ‬الارض‭ ‬ومغاربها‭.‬

من‭ ‬جانبها‭ ‬فتحت‭ ‬تونس‭ ‬الشعبية‭ ‬جبهة‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬العدو‭ ‬بدت‭ ‬فاترة‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لكنها‭ ‬بدأت‭ ‬بالتصاعد‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنظيم‭ ‬المسيرات‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬والساحات‭ ‬العامة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬استنباط‭ ‬أشكال‭ ‬تضامنية‭ ‬أخرى‭ ‬وخصوصا‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬التبرعات‭ ‬والمساعدات‭ ‬المادية‭ ‬وكذلك‭ ‬التبرع‭ ‬بالدم‭.‬

وفي‭ ‬خطوة‭ ‬تساير‭ ‬وتواكب‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ها‭ ‬هو‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬للشغل‭ ‬يضع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬للعمال‭ ‬امام‭ ‬مسؤوليته‭ ‬وينتقد‭ ‬تعاطيه‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬العمال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وعموم‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الإعلام‭ ‬وعلى‭ ‬تقديم‭ ‬الأخبار‭ ‬والمعطيات‭ ‬والقراءات‭ ‬التفسيرية‭ ‬التحليلية‭ ‬التي‭ ‬تبنى‭ ‬على‭ ‬المضامين‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬الشعارات‭.‬

وحتى‭ ‬تكون‭ ‬النجاعة‭ ‬قوية‭ ‬وفعالة،‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لتوحيد‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجبهات‭ ‬الشعبية‭ ‬والرسمية‭ ‬وتقاسم‭ ‬الادوار‭ ‬والتنسيق‭ ‬بينها‭ ‬وترتيب‭ ‬الجهود‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تذهب‭ ‬سدى‭ ‬فمواقف‭ ‬اتحاد‭ ‬الشغل‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬والرابطة‭ ‬التونسية‭  ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬الانسان‭ ‬ونقابة‭ ‬الصحافيين‭ ‬التونسيين‭ ‬وغيرها‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬الشبكات‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭ ‬او‭ ‬الأهلية‭ ‬او‭ ‬المدنية‭ ‬كما‭ ‬يقال‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬معززة‭ ‬ودافعة‭ ‬لمواقف‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬الرسمية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭.‬

وفي‭ ‬تقديرنا‭ ‬فان‭ ‬المناخ‭ ‬الذي‭ ‬تنجح‭ ‬فيه‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المقاربة،‭ ‬من‭ ‬شروطها‭ ‬الضرورية‭ ‬تكريس‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬وتنقية‭ ‬المناخ‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والسياسي‭ ‬وطيّ‭ ‬صفحة‭ ‬الخلافات‭ ‬التي‭ ‬ميزت‭ ‬المرحلة‭ ‬الماضية‭ ‬فالمرحلة‭ ‬هي‭ ‬مرحلة‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬الوجود‭ ‬الذي‭ ‬يخوضه‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬حاليا‭ ‬نيابة‭ ‬عنا‭ ‬لكنه‭ ‬صراع‭ ‬شامل‭ ‬يهم‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬والدول‭ ‬العربية،‭ ‬ويؤسس‭ ‬في‭ ‬المحصلة‭ ‬لمشهدية‭ ‬جديدة‭ ‬ولخارطة‭ ‬جيوسياسية‭ ‬استثنائية‭ ‬سيتم‭ ‬على‭ ‬قاعدتها‭ ‬ترتيب‭ ‬المنطقة‭ ‬وإعادة‭ ‬تشكيلها‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬الراهنة‭ ‬بعد‭ ‬اطوفان‭ ‬الأقصىب‭. ‬

واذا‭ ‬كانت‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬هي‭ ‬شرط‭ ‬النجاعة‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الاخرى‭ ‬لتحصين‭ ‬الصمود‭ ‬والنجاح‭ ‬في‭ ‬إسناد‭ ‬فلسطين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬فهي‭ ‬ايضا‭ ‬أقوم‭ ‬المسالك‭ ‬كي‭ ‬يحقق‭ ‬شعبنا‭ ‬الفلسطيني‭ ‬انتصاره‭ ‬المرحلي‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬الانتصار‭ ‬النهائي‭ ‬على‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وتكريس‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭ ‬وإقامة‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشريف‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭.‬

اليوم‭ ‬تتعزز‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬بالقوة‭ ‬وتشكل‭ ‬غرفة‭ ‬العمليات‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬فصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إطارا‭ ‬عسكريا‭ ‬وسياسيا‭ ‬وإعلاميا‭ ‬لا‭ ‬بديل‭ ‬عنه‭ ‬ولا‭ ‬مناص‭ ‬من‭ ‬تجاوز‭ ‬بعض‭ ‬الحسابات‭ ‬الخاصة‭ ‬وحتى‭ ‬بعض‭ ‬التقييمات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬كادوك‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بعملية‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بالسلام‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬منذ‭ ‬مدريد‭ ‬1990‭ ‬وسيسمح‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬بصعود‭ ‬أسس‭ ‬وأعمدة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬شاء‭ ‬من‭ ‬شاء‭ ‬وأبى‭ ‬من‭ ‬أبى‭. ‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لتحقيق التنمية الاقتصادية، السلم الاجتماعي والإشعاع الدولي : التونسيون بالخارج طرف رئيسي في المعادلة

كشف مدير عام ديوان التونسيين بالخارج خلال شهر مارس الماضي أن عدد الجالية التونسية بالخارج …