2023-08-21

مشاركتها‭ ‬ضرورية‭:‬ الأسرة‭ ‬وتأثير‭ ‬الممارسات‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬الأبناء‭ ‬أو‭ ‬فشلهم

خضعت المدرسة للعديد من التغييرات، ويبدو اليوم أنها أساسية في حياة المجتمع فهي تسمح بدمج الأفراد في المجتمع، وكذلك تدريب التلاميذ ليصبحوا مواطنين. تقدم المدرسة بعد ذلك للأفراد ثقافة أساسية مشتركة وبالتالي يجب أن تسمح بتكافؤ الفرص. ومع ذلك، لم يكن هذا هو الحال دائمًا: في الواقع، عدم المساواة في التعليم رافقت المدرسة التونسية في عديد الفترات رغم كونها مدرسة مجانية وإلزامية للجميع، ومن المفترض أن تقلل من التفاوتات. ومع ذلك، لم تكن هناك نفس المدرسة للجميع. ومع ذلك، فإنها تتغير ولم تعد تبدو كما هي.

‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬اأن‭ ‬مسألة‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬تم‭ ‬استبدالها‭ ‬بمسألة‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬النجاحب‭. ‬نلاحظ‭ ‬في‭ ‬الأخير‭ ‬أن‭ ‬التفاوتات‭ ‬تقع‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬المدرسة‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬لـ‭ ‬ادمقرطة‭ ‬انتقائيةب‭. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬الى‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬مع‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬للجميع‭ ‬وإلى‭ ‬محو‭ ‬آثار‭ ‬التفاوتات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬المثل‭ ‬الأعلى‭ ‬يصعب‭ ‬تحقيقه‭ ‬في‭ ‬مفتتح‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬دراسية‭ ‬جديدة‭ ‬حيث‭ ‬تشعر‭ ‬العائلات‭ ‬بقلق‭ ‬متزايد‭ ‬بشأن‭ ‬النجاح‭ ‬المدرسي‭ /‬الأكاديمي‭ ‬لأطفالها‭. ‬وهذا‭ ‬القلق‭ ‬يدل‭ ‬دلالة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تولي‭ ‬اهتمامًا‭ ‬متزايدًا‭ ‬للتعليم‭.‬

‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬يعتبر‭ ‬النجاح‭ ‬الأكاديمي‭ ‬الآن‭ ‬أمرًا‭ ‬ضروريًا‭ ‬لتكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬الاندماج‭ ‬اجتماعيًا‭. ‬ويدرك‭ ‬معظم‭ ‬الاولياء‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬ويتخذون‭ ‬إجراءات‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مبكر‭ ‬جدًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬استراتيجيات‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الحياة‭ ‬المدرسية‭ ‬لأطفالهم‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬المدرسي‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬اجتماعية‭ ‬معينة،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يواجه‭ ‬المراهقون‭ ‬ضغطًا‭ ‬نفسيا‭ ‬حادا‭ ‬من‭ ‬الوالدين‭. ‬

يمكن‭ ‬للمؤسسة‭ ‬المدرسية‭ ‬ككل‭ ‬وخاصة‭ ‬المعلمين‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬مواقف‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ردود‭ ‬فعل‭ ‬عاطفية‭ ‬قوية‭ ‬لدى‭ ‬المراهقين‭. ‬ان‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬يُحتمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬صعبة‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬الابتدائية‭ ‬والإعدادية‭ ‬وفي‭ ‬المعاهد‭ ‬متكررة‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تتعلق‭ ‬بالجوانب‭ ‬المتصلة‭ ‬بالتعلم‭ ‬والتقييم‭ ‬والعلاقات‭ ‬بين‭ ‬التلاميذ‭ ‬والمعلمين‭ ‬والعلاقات‭ ‬بين‭ ‬الأقران‭ ‬والأصدقاء‭.‬

يذهب‭ ‬بعض‭ ‬الباحثين‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬التربوي‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬قصور‭ ‬يطال‭ ‬العملية‭ ‬التعلمية‭ ‬هو‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬دماغ‭ ‬المتعلم‭ ‬الذي‭ ‬نظنه‭ ‬العنصر‭ ‬الوحيد‭ ‬المكلف‭ ‬بتحليل‭ ‬المعطيات‭ ‬ومعالجتها‭.. ‬ونهمل‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬شخصية‭ ‬الفرد‭ ‬المتشعبة‭ ‬وثقافته‭ ‬والمحيط‭ ‬الذي‭ ‬ترعرع‭ ‬فيه‭. ‬بالنسبة‭ ‬لهذه‭ ‬المشكلة،‭ ‬إن‭ ‬بنية‭ ‬الأسرة‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬الأكاديمي‭ ‬للتلاميذ‭ ‬بالمساعدة‭ ‬في‭ ‬الواجبات‭ ‬المنزلية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يخصصه‭ ‬التلميذ‭ ‬لواجبه‭ ‬المنزلي‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬نجاحه‭ ‬الأكاديمي‭ ‬وكذلك‭ ‬استثمار‭ ‬الاولياء‭ ‬في‭ ‬تعليم‭ ‬أبنائهم‭. ‬إضافة‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬مشاركة‭ ‬الأولياء‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬المدرسة‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬الأكاديمي‭ ‬للتلاميذ‭. ‬لذلك‭ ‬سنتحدث‭ ‬عن‭ ‬الممارسات‭ ‬التربوية‭ ‬للأسرة،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬المرافقة‭ ‬الوالدية،‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتكيف‭ ‬أو‭ ‬النجاح‭ ‬أو‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬مع‭ ‬محاولة‭ ‬ربط‭ ‬التمثيلات‭ ‬العائلية‭ ‬والممارسات‭ (‬التي‭ ‬لها‭ ‬صلة‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬بالتعليم‭) ‬والنجاح‭ ‬في‭ ‬التعلم‭.‬

المهمة التحفيزية للعائلة

إن‭ ‬المهمة‭ ‬الرئيسية‭ ‬للعائلة‭ ‬هي‭ ‬جعل‭ ‬الأطفال‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬للتعلم‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬شخصيتهم‭ ‬وتنميتها‭. ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المعلم‭ ‬إثارة‭ ‬اهتمام‭ ‬التلميذ‭ ‬وتحفيزه‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬تنوعه‭ (‬الكفاءة‭ ‬في‭ ‬مرجعية‭ ‬المهارات‭ ‬المهنية‭ ‬لمهن‭ ‬التدريس‭ ‬والتعليم‭). ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تكييف‭ ‬جدوى‭ ‬النشاط‭ ‬المدرسي‭ ‬مع‭ ‬التلميذ،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬سوف‭ ‬يثبط‭ ‬عزيمته‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬دافع‭ ‬له‭. ‬يتم‭ ‬تحديد‭ ‬أهمية‭ ‬عدم‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬التلميذ‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬الأخير‭ ‬تصور‭ ‬إيجابي‭ ‬عن‭ ‬الذات‭. ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬التلميذ‭ ‬لديه‭ ‬صورة‭ ‬جيدة‭ ‬عن‭ ‬نفسه،‭ ‬فسيكون‭ ‬أكثر‭ ‬حماسًا‭ ‬وسيجد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬تعليمية‭ ‬أفضل‭. ‬اإتقان‭ ‬أساليب‭ ‬وأدوات‭ ‬التعلم‭ ‬يطور‭ ‬الاستقلالية‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬المبادرة‭ ‬ويعزز‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المشترك‭ ‬والمساعدة‭ ‬المتبادلةب‭.‬

إن‭ ‬مسألة‭ ‬النجاح‭ ‬الأكاديمي‭ ‬هي‭ ‬مسألة‭ ‬أساسية‭ ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الرئيسية‭ ‬لمجتمعنا‭ ‬التونسي‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لديها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخصائص‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمعظم‭ ‬الاولياء،‭ ‬يعني‭ ‬النجاح‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬معدلات‭ ‬جيدة،‭ ‬أو‭ ‬الانتقال‭ ‬الى‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬النموذجية‭. ‬يرغب‭ ‬جميع‭ ‬الاولياء‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬أبنائهم‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬النجاح‭ ‬الأكاديمي‭ ‬الذي‭ ‬يمنحهم‭ ‬شهادة‭ ‬وتقديرا‭ ‬جيدا‭ ‬ويضمن‭ ‬لهم‭ ‬مستقبلًا‭ ‬مهنيًا‭. ‬ان‭ ‬النجاح‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بالارتقاء‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬لذلك‭ ‬هناك‭ ‬مصلحة‭ ‬قوية‭ ‬للعائلة‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬الطفل؛‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الطفل‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬صعوبات،‭ ‬فلن‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬الاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬ثم‭ ‬يُعرَّف‭ ‬النجاح‭ ‬المدرسي‭ ‬بأنه‭ ‬بذل‭ ‬جهود‭ ‬مكثفة‭ ‬بطريقة‭ ‬منهجية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬نتيجة‭ ‬جيدة،‭ ‬وهو‭ ‬إجراء‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭. ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬النجاح‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ااكتساب‭ ‬فعال‭ ‬للمهارات‭ ‬والمواقف‭ ‬والقيم‭ ‬والمعرفة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المتعلمب‭.  ‬يعتبر‭ ‬الفشل‭ ‬والنجاح‭ ‬من‭ ‬المفاهيم‭ ‬التي‭ ‬تنتجها‭ ‬المؤسسة‭ ‬المدرسية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬النجاح‭ ‬أو‭ ‬الفشل‭ ‬نجد‭ ‬الاسرة‭. ‬لذلك‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يواظب‭ ‬المتعلم‭ ‬على‭ ‬الدراسة‭ ‬وان‭ ‬يحضر‭ ‬بانتظام‭ ‬ويكون‭ ‬حضوره‭ ‬الجسدي‭ ‬بدافعية‭ ‬ورغبة‭ ‬في‭ ‬التعلم‭ ‬نابعة‭ ‬عن‭ ‬قناعة‭ ‬شخصية‭ ‬وليست‭ ‬نتيجة‭ ‬ضغوط‭ ‬الوالدين‭.‬

سيكون‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬الفهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬النجاح‭ ‬وليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬جيدة‭. ‬سيكون‭ ‬التلاميذ‭ ‬الذين‭ ‬فشلوا‭ ‬هم‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬قاموا‭ ‬بعملهم‭ ‬ولكنهم‭ ‬لم‭ ‬يفهموا‭ ‬ذلك‭. ‬لهذا‭ ‬السبب،‭ ‬االنجاح‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬هو‭ ‬أولاً‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬تعلم‭ ‬التفكير،‭ ‬وتعلم‭ ‬ممارسة‭ ‬ذكاء‭ ‬الفرد‭ ‬على‭ ‬الأشياء،‭ ‬وتعلم‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬وتعلم‭ ‬ممارسة‭ ‬التضامن‭ ‬الذي‭ ‬يسمح‭ ‬للفرد‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬أكثر‭ ‬ذكاءًب‭. ‬

تريد‭ ‬الأسرة‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬أن‭ ‬تضمن‭ ‬نجاح‭ ‬طفلها،‭ ‬لكن‭ ‬المدرسة‭ ‬تريد‭ ‬مشاركة‭ ‬الوالدين،‭ ‬وهي‭ ‬مشاركة‭ ‬تبدو‭ ‬ضرورية‭ ‬للنجاح‭. ‬يمكن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬ان‭ ‬نربط‭ ‬النجاح‭ ‬الأكاديمي‭ ‬بالنجاح‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ومواقف‭ ‬الأولياء‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬واهتمامهم‭ ‬بها،‭ ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬الأسرة‭ ‬تمارس‭ ‬تأثيرًا‭ ‬على‭ ‬المدرسة‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬لكل‭ ‬والد‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬الخاصة‭ ‬حول‭ ‬التعليم،‭ ‬ويتأثر‭ ‬كل‭ ‬طفل‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬او‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭   ‬بالقلق‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬عائلته‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بدراسة‭ ‬واجوائها،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬واعيًا‭ ‬ومتعمدًا‭. ‬ثم‭ ‬يؤثر‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬الطفل‭ ‬منذ‭ ‬سن‭ ‬مبكرة‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬التنشئة‭ ‬الثقافية،‭ ‬يتصور‭ ‬الطفل‭ ‬طرقًا‭ ‬للعيش‭ ‬والتفكير‭ ‬والتصرف‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬وبالتالي‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬بالضرورة‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬تختار‭ ‬كل‭ ‬أسرة‭ ‬اأسلوبًا‭ ‬تعليميًاب‭ ‬لتربية‭ ‬طفلها؛‭ ‬لذلك‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬تلميذ‭ ‬أكثر‭ ‬أو‭ ‬أقل‭ ‬استعدادًا‭ ‬لمواجهة‭ ‬المدرسة‭ ‬بكل‭ ‬ضغوطها‭ ‬والتزاماتها‭.‬

تشارك‭ ‬العائلات‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬الواجبات‭ ‬المنزلية؛‭ ‬اذ‭ ‬يبدو‭ ‬الواجب‭ ‬المنزلي‭ ‬مفيدًا‭ ‬للمعلمين‭ ‬لأنه‭ ‬يسمح‭ ‬بتوحيد‭ ‬واتعميق‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬حددوهب‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬الإيجابي،‭ ‬فإن‭ ‬العمل‭ ‬المدرسي‭ ‬له‭ ‬جانب‭ ‬امظلمب‭: ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬اأداة‭ ‬للتمييز‭ ‬الاجتماعيب‭ ‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬بعدم‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬التعليم،‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬المثير‭ ‬للاهتمام‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬تأثير‭ ‬البيئة‭ ‬الأسرية‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬الأكاديمي‭.‬

الفشل المدرسي وعلاقته بالوضع المادي للعائلة

لم‭ ‬يكن‭ ‬مصطلح‭ ‬الفشل‭ ‬المدرسي‭ ‬مرتبطًا‭ ‬تلقائيًا‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬بتلاميذ‭ ‬ينحدرون‭ ‬من‭ ‬أوساط‭ ‬اجتماعية‭ ‬فقيرة،‭ ‬ولكن‭ ‬منذ‭ ‬إضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬التنافسي‭ ‬على‭ ‬المدرسة،‭ ‬تطور‭ ‬المصطلح‭ ‬وأصبح‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بالوضع‭ ‬الاجتماعي‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬يعتمد‭ ‬النجاح‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والمهني‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التعليم‭ ‬لأن‭ ‬جميع‭ ‬التلاميذ‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المدرسة‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الأصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬ثم‭ ‬يتم‭ ‬الحكم‭ ‬عليهم‭ ‬وتقييمهم‭ ‬وفقًا‭ ‬لنفس‭ ‬المعايير‭.‬

سيتم‭ ‬تحديد‭ ‬أولوية‭ ‬المدرسة‭ ‬على‭ ‬هدف‭ ‬التعلم‭ ‬هذا،‭ ‬ا‭ ‬سيجد‭ ‬أطفال‭ ‬الثقافة‭ ‬الشعبية‭ ‬أنفسهم‭ ‬في‭ ‬صعوبةب‭. ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فقد‭ ‬بدا‭ ‬مصطلح‭ ‬االرسوب‭ ‬المدرسيب‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬تربوي‭ ‬واجتماعي‭ ‬وسياسي‭. ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬مستوى‭ ‬تعليم‭ ‬الوالدين‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬نجاح‭ ‬التلميذ،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭ ‬نقل‭ ‬العناصر‭ ‬الثقافية‭ ‬إليه،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الطفل‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬متعلمًا‭ ‬في‭ ‬أسرته‭ ‬قبل‭ ‬دخول‭ ‬المدرسة‭. ‬لذلك‭ ‬ثبت‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬العائلات‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬فيها‭ ‬الأم‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬تعليمًا،‭ ‬ينجح‭ ‬الأطفال‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭.. ‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬تكاليف‭ ‬الدراسة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الذي‭ ‬تحتفظ‭ ‬به‭ ‬العائلات‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬الأكاديمي‭ ‬بطريقة‭ ‬أخرى،‭ ‬يمكن‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬المعرفة‭ ‬المنقولة‭ ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬إلى‭ ‬الأبناء‭ ‬غير‭ ‬متكافئة‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬آباء‭ ‬يأخذونهم‭ ‬غالبًا‭ ‬إلى‭ ‬المتاحف‭ ‬أو‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬لديهم‭ ‬مكتبة‭ ‬في‭ ‬المنزل‭ ‬مع‭ ‬والديهم‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الكتب‭ ‬لهم،‭ ‬تتكون‭ ‬لديهم‭ ‬خلفية‭ ‬ثقافية‭ ‬ستكون‭ ‬بالتأكيد‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬عائلات‭ ‬فقيرة‭. ‬لذلك‭ ‬سنلاحظ‭ ‬نشوء‭ ‬مسارات‭ ‬تعليمية‭ ‬مختلفة‭ ‬بل‭ ‬ومتباينة‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يوفر‭ ‬أغلب‭ ‬الآباء‭ ‬لأبنائهم‭ ‬دروسا‭ ‬خصوصية،‭ ‬ويقومون‭ ‬بالإشراف‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬المنزل‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬لا‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬تكافؤ‭ ‬في‭ ‬النتائج‭. ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬تعبئة‭ ‬الأولياء‭ ‬عامل‭ ‬نجاح،‭ ‬ستلعب‭ ‬الأسرة‭ ‬المحفزة‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬الأكاديمي‭ ‬أي‭ ‬الفرص‭ ‬التي‭ ‬توفرها‭ ‬الأسرة‭ ‬لتطوير‭ ‬استخدام‭ ‬صحيح‭ ‬وفعال‭ ‬للموارد‭ ‬المدرسية‭ ‬وقد‭ ‬تتداخل‭ ‬تطلعات‭ ‬وتوقعات‭ ‬الأسرة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتعليم،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يطمح‭ ‬إليه‭ ‬الآباء‭ ‬لأطفالهم،‭ ‬والضغوط‭ ‬التي‭ ‬يسلطونها‭ ‬والحوافز‭ ‬التي‭ ‬يقدمونها‭ ‬لهم‭ ‬للنجاح،‭ ‬وحقيقة‭ ‬أنهم‭ ‬يدركون‭ ‬جيدا‭ ‬واجباتهم‭ ‬تجاه‭ ‬المدرسة‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬التلاميذ،‭ ‬سيتهيؤون‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬لمواجهة‭ ‬قانون‭ ‬اللعبة‭ ‬المدرسية‭. ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالأسرة،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬العامل‭ ‬الأول‭ ‬للتنشئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للطفل‭ ‬قبل‭ ‬المدرسة‭. ‬لاسيما‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬أصبح‭ ‬الأولياء‭ ‬جزءًا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬التعليمي،‭ ‬وهم‭ ‬مندمجون‭ ‬تمامًا‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭. ‬من‭ ‬واجب‭ ‬المعلم‭ /‬الأستاذ‭ ‬أن‭ ‬يبقي‭ ‬على‭ ‬صلة‭ ‬التواصل‭ ‬والتبادل‭ ‬معهم‭. ‬وهذا‭ ‬الامر‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكتسبها‭ ‬المدرس‭ ‬عموما‭..  ‬لان‭ ‬الطفل‭ ‬يكتسب‭ ‬مهارات‭ ‬التعلم‭ ‬بالفعل‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المدرسة‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬عبر‭ ‬عائلته،‭ ‬فالأمر‭ ‬إذن‭ ‬يتعلق‭ ‬بتحديد‭ ‬أدوار‭ ‬كل‭ ‬مؤسسة‭ (‬المدرسة‭/ ‬الاسرة‭) ‬بدقة‭ ‬وأيضًا‭ ‬إقامة‭ ‬علاقة‭ ‬ثقة‭ ‬بينهما‭.‬

فالأسرة‭ ‬هي‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأولى‭ ‬للتنشئة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للأطفال،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬عند‭ ‬دخولها‭ ‬المدرسة،‭ ‬تتمتع‭ ‬بشروط‭ ‬مسبقة‭ ‬كثيرة،‭ ‬ولهذا،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬ا‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬الشروط‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تشكلت‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأسرة،‭ ‬فإن‭ ‬المتطلبات‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تكوينها‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأسرة‭ ‬يصعب‭ ‬تعديلها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تحسينها‭.. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬العائلات‭ ‬اليوم‭ ‬غير‭ ‬مستقرة‭ ‬أكثر‭ ‬فأكثر،‭ ‬ولديها‭ ‬وقت‭ ‬أقل‭ ‬للتحدث‭ ‬مع‭ ‬الأطفال،‭ ‬خاصة‭ ‬لأن‭ ‬أغلب‭ ‬الأمهات‭ ‬يعملن،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬تعزيز‭ ‬اكتساب‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ /‬تقدير‭ ‬الذات‭ ‬قبل‭ ‬دخول‭ ‬المدرسة‭ ‬الابتدائية‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يبقى‭ ‬التلاميذ‭ ‬غرباء‭ ‬عن‭ ‬مطالب‭ ‬المدرسة‭. ‬تلعب‭ ‬الأسرة‭ ‬دورًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬في‭ ‬المراجعة،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬مكملًا‭ ‬للمدرسة،‭ ‬لتعزيز‭ ‬عنصر‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬أو‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬الواجبات‭ ‬المنزلية‭. ‬ولكن‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬أيضًا‭ ‬عائقًا‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬لعب‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬التكميلي‭ ‬الذي‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬التفاوتات‭ ‬بين‭ ‬التلاميذ‭. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اختزال‭ ‬تأثير‭ ‬التربية‭ ‬الأسرية‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬في‭ ‬مرافقة‭ ‬الأسرة‭ ‬للتلميذ،‭ ‬نظرا‭ ‬للاختلاف‭ ‬العميق‭ ‬بين‭ ‬أسلوب‭ ‬التعليم‭ ‬العام‭ ‬للوالدين‭ ‬وذلك‭ ‬الخاص‭ ‬بالمدرس‭ ‬وهو‭ ‬اختلاف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يزعج‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬تعلمهم‭. ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬العائلات‭ ‬أيضًا‭ ‬طرق‭ ‬لدعم‭ ‬أطفالهم‭ ‬في‭ ‬دراستهم‭. ‬وتبقى‭ ‬الغاية‭ ‬من‭ ‬تدخل‭ ‬الاسرة‭ ‬تثمين‭ ‬عمل‭ ‬التلميذ‭ ‬والاعتراف‭ ‬له‭ ‬بخصوصياته‭ ‬المميزة‭. ‬ان‭ ‬الاسرة‭ ‬بإمكانها‭ ‬ان‭ ‬تلعب‭ ‬دور‭ ‬المحفز‭ ‬الخارجي‭ ‬دون‭ ‬التدخل‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬سيرورة‭ ‬التعلم‭ ‬وانماطه‭ ‬وأساليب‭ ‬التدريس‭. ‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

بمناسبة اليوم العالمي للمربي الموافق للخامس من أكتوبر من كل سنة : المُربّي التونسي عنصرٌ فاعل في بناء مدرسة الإبداع والابتكار والذكاء

حظيت‭ ‬التربية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير‭ ‬دراسة‭ ‬ومناقشة‭ ‬وتحليلا‭ ‬فهي‭ ‬تعتبر‭ ‬أح…