الخبير في الحوكمة ومكافحة الفساد شرف الدين اليعقوبي لـالصحافة اليوم: تطهير الإدارة مشروع لكن يجب أن يتم وفق ضوابط علمية وموضوعية
أثار تصريح رئيس الجمهورية حول ضرورة تطهير الادارة من الانتدابات المشبوهة الجدل من جديد حول تزوير الشهادات العلمية والانتدابات غير القانونية في الادارة التونسية حيث كشف تقرير لأحد الهياكل الرقابية عن تزوير شهادة مهندس وقائمة بـ200 شخص دخلوا إحدى المؤسسات العمومية بشهادات مزورة اثر المشاركة في مناظرات وطنية. كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية أحالت أكثر من 200 ملف على القطب القضائي المالي بخصوص تزوير شهادات علمية وانتدابات مشبوهة وذلك بعد تحقيقات إدارية عميقة.
ويرجح الخبير في الحوكمة ومكافحة الفساد وعضو الجمعية التونسية للمراقبين العموميين شرف الدين اليعقوبي أن يتراوح عدد الانتدابات غير القانونية أو المعتمدة على شهائد مزورة في العشر سنوات التي تلت الثورة بين 60 و70 ألف وذلك في شكل عمال مناولة أو العفو التشريعي العام أو شهداء وجرحى الثورة أو في اطار المحاصصة الحزبية مؤكدا أن هذه الانتدابات توقفت منذ سنة 2016. واعتبر في تصريح لـاالصحافة اليومب أن الحديث عن تطهير الادارة رغم ما للكلمة من جوانب سلبية الا أنه من المشروع التساؤل والتدقيق حول طرق الانتداب ومدى حاجة الادارة للوظائف مشيرا إلى أن هذا التدقيق لا يعتبر جديدا بل تم سنة 2016 إعداد تقرير رقابي حول هذا الموضوع شمل الانتدابات الاستثنائية في وزارتي التربية والشاب والرياضة منذ 2011 وتم عرضه على مجلس نواب الشعب حينها.
كما أوضح أن التثبت والتدقيق في الشهائد العلمية المزورة يبقى مشروعا خاصة إذا ما تم وفقا لمعايير واضحة وليس بشكل اعتباطي مع تحميل أصحاب هذه الشهائد لمسؤليتهم. وتساءل في هذا الخصوص حول كيفية المهمة الرقابية لعملية التطهير وإجراءات المساءلة التي سيتم اعتمادها ومن سيشرف عليها خاصة و أن الاشكال الأكبر يكمن في مصير من تم انتدابهم بشهائد علمية مزوّرة.
واضاف شرف الدين اليعقوبي أن هناك عديد المخاوف من أن يتم استعمال التطهير كاداة لتطهير الإدارة بشكل شامل بناء على معايير الانتماء أو الأداء معتبرا أن مطلب المحاسبة مشروع لكن الاشكال في الكيفية والهدف منها خاصة بعد حديث رئيس الجمهورية قيس سعيد في عديد المناسبات عن تطهير الإدارة لكن دون تحديد الطريقة أو وفق أي أسس وضوابط أو الهياكل التي سيوكل لها الاشراف على هذه العملية. وفيما يتعلق بالشهائد المزورة للانتدابات التي حصلت بعد الثورة قال اليعقوبي أنه من الوارد حصول ذلك موضحا أنّ العدد الكبير في الشهائد والملفات التي يجب مراجعتها مرتبط خاصة بملف المناولة وأنّ مجموع الانتدابات المعنية بالمراجعة قد تتخطى 60 ألفا ويصل إلى 70 ألف انتداب غير مطابقة للقوانين .
ويتخوف العديدون من أن تتسبب عملية التطهير في خلق جو من الخوف والتململ داخل الأدارة في صفوف الموظفين في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية عاصفة مما سيزيد من تعكير الأمور خاصة في ما يتعلق بصورة تونس لدى المستثمرين الأجانب حيث اعتبر شرف الدين اليعقوبي أن الاستقرار في الادارة ضروري لتحفيز الأستثمار وخلق بيئة من الثقة لدى المستثمرين الأجانب خصوصا.
وعلاوة على ذلك تعتبر الجمعية التونسية لمكافحة الفساد أن الانتدابات المشبوهة بشهادات مزورة هو ملف فساد ثقيل تسببت فيه المحاباة على أساس الانتماء السياسي وتوريث المناصب داخل عدد من مؤسسات الدولة والوزارات. كما تعتبر أن الفساد المتعلق بالشهائد العلمية ظهر بعد الثورة عندما سعة الحكومات المتعاقبة لترسيخ السلم الاجتماعية التي كانت تكاليفها باهظة في العشرية الأخيرة على الدولة التونسية خاصة و أن شراء السلم الاجتماعية كلف الدولة آلاف التعيينات المشبوهة عن طريق شهادات مزورة في وزارات المالية والصحة والتربية ومؤسسة الديوانة والبنوك العمومية.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد دعا خلال لقائه برئيس الحكومة أحمد الحشاني إلى شنّ حملة تطهير داخل الإدارات ضد من يعرقلون إنجاز المشاريع التنموية بالبلاد، من خلال المراجعة الدقيقة للانتدابات التي جرت بعد عام 2011. وأكد أنه يجب على الإدارة أن تقوم بدورها وأن يشعر كل مسؤول أنه في خدمة الدولة لا في خدمة جهة معينة أو مجموعة ضغط تخال نفسها قادرة على تعطيل سياسات الدولة. وذكّر بأن الإدارة امتداد للسلطة السياسية محمول عليها واجب التنفيذ ولا يُقبل مستقبلا منها أي مماطلة أو تعطيل هذا إلى جانب أن عديد المواطنين والمواطنات صاروا لقضاء شؤونهم رهن إرادة مسؤول يخال نفسه فوق أي محاسبة.
خاصة في مشاريع البنية التحتية : تونس تتّجه نحو تسريع الشراكة الاقتصادية مع الصين
تسعى الحكومة إلى التسريع في إعداد والمصادقة على جملة من مشاريع النصوص المتعلقة بانجاز المش…