الحرب على المضاربة والاحتكار مستمرة ودون هوادة : طرق جديدة لتفكيك شبكات المفسدين
حملات الدولة على المحتكرين والمضاربين مستمرة وبلا هوادة وهي جزء لا يتجزأ من الحرب المعلنة على الفساد. التي انطلقت منذ صيف 2021. ورغم ذلك ما تزال بعض الجيوب من المفسدين تقاوم وتراوغ بأشكال متعددة وهذا ما يتجلى من خلال الارتفاع المشط لبعض الأسعار على غرار بعض المنتوجات الفلاحية مثل الخضر والغلال في موسمها وهو ما يثير استغراب المواطنين وحيرتهم بالإضافة الى ندرة بعض السلع الأساسية من حين إلى آخر بشكل مفاجئ كما هو الحال بالنسبة الى مواد القهوة والسكر والأرز وغيرها.
ولعل هذا ما جعل الدولة تغير استراتيجياتها في مقارعة هذه الظواهر المستعصية وحدث ان غيرت بوصلتها في اتجاه أباطرة المضاربة والاحتكار بعد ان كان التوجه اكثر نحو التجار والباعة الصغار وهو ما جعل النتائج تكون افضل الى حد الآن في انتظار القضاء على هذه الشبكات المفسدة بشكل نهائي وهي التي تهدف الى تجويع التونسيين وتمسّ من قوتهم وأمنهم الغذائي.
وفي هذا الاطار يمكن تنزيل اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بكل من السادة خالد النوري وزير الداخلية وسمير العبيدي وزير التجارة وتنمية الصادرات وسفيان بالصادق كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن الوطني. وتم التطرق خلال هذا الاجتماع الذي انعقد بقصر قرطاج الى نتائج العمليات التي تمت في كامل انحاء الجمهورية لوضع حد للمضاربة والاحتكار والترفيع في الأسعار.
وكان اللقاء مناسبة جدد خلالها رئيس الجمهورية تأكيده على أن استهداف الشبكات الاجرامية المنظمة التي تتاجر بقوت التونسيين ينبغي ان تكون سياسة عامة ومستمرة ودائمة ولا ينبغي ان تقتصر على حملات تدوم ليوم او بضعة أيام وتكون محدودة في الزمان والمكان. تماما كما لا ينبغي ان تقتصر العملية على من يعملون في الظاهر من التجار او أصحاب المخازن وهم الذين يظهرون للعيان في حين ان هناك أباطرة يتحكمون في السوق ويديرونها في الخفاء من وراء ستار من حديد وهم المستفيدون من تغييب بعض المنتوجات وخلق ندرة في بعض السلع حتى يزداد الطلب واللهفة عليها ويتمكنون بالتالي من التحكم في الأسعار وفق مصلحتهم وهذا ما يجعلهم المتنفذين الحقيقيين في المجال التجاري. وهؤلاء هم من يجب اعلان الحرب عليهم دونما هوادة. وهي الاستراتيجية التي باتت تتبعها الدولة الآن موجهة كل اهتمامها للقضاء على هؤلاء الأباطرة وقد شرعوابالفعل يسقطون الواحد تلو الآخر.
وفي هذا السياق شدد رئيس الدولة على ضرورة ابتكار طرق جديدة لمكافحة هذه الظواهر الخطيرة لاسيما وقد أظهرت الوسائل التقليدية محدودية نجاعتها خاصة مع استنباط هؤلاء المفسدين لخطط محكمة يتحيّلون بواسطتها على القانون وعلى أعين أجهزة الدولة.
ولأنه لابد من القول للمحسن أحسنت فقد نوّه الرئيس قيس سعيّد بالتفاعل الإيجابي لعدد من تجار التفصيل مع أعوان المراقبة واعوان الامن فبفضل المرونة التي أبداها أعوان الدولة في التعاطي معهم أظهروا هم أيضا حساّ وطنيا تجلّى في التخفيض التلقائي في أسعار بعض المواد والانخراط أيضا في معاضدة مجهود الدولة في مكافحة ظواهر الاحتكار والمضاربة.
وهذا يحيل على مسألة بالغة الأهمية وهي أن عموم التونسيين يحتاج الى قدر من الثقة وعندما يتوفر يصبحون فاعلين بشكل جدي في مشاريع بلادهم وسياساتها الحمائية بشكل تلقائي ويظهرون روحا من المسؤولية والجدية وهذا ما يمكن المراهنة عليه خاصة في ظل توفر إرادة سياسية للتغيير والتطوير وهو ما يلمسه التونسيون دون بالغ عناء.
وعلى هذا الأساس فإن معركة تقويض هذه الشبكات الفاسدة سيحتاج الى جهود الجميع بدءا من الحرب المعلنة بلا هوادة مرورا بتغيير استراتيجيات العمل وتطويرها وصولا الى تشريك المواطنين وتوعيتهم بدورهم سواء كمستهلكين او حتى كتجار صغار ليس من مصلحتهم ان يعمّ الكساد وتتدهور المقدرة الشرائية أما الهدف الواضح لنا جميعا فهو مافيا المفسدين والأباطرة الكبار الذين يحيكون مكائدهم وخططهم بعيدا عن الأضواء وساعين الى تدمير الأمن الغذائي للمواطن التونسي.
العائدون من سوريا.. مـــاذا سنعدّ لهم..؟
سقط نظام بشار الأسد في سوريا وثبت أن بيته أوهن من بيت العنكبوت وان جيشه فقد العقيدة والثب…