مثّـل انطلاق المداولات حول مشروع ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 واستعراض الحكومة بيانها في الغرض من قبل رئيس الحكومة كمال المدّوري وما رافق ذلك من نقاش جدّي من نوّاب المجلسين النيابيين طيلة اليوم الافتتاحي للجلسات المشتركة مؤشرا قويا من جملة المؤشرات الدّالة على انسجام وتناغم الوظيفتين التنفيذية والتشريعية من أجل تحقيق هدف شامل يمكن تلخيصه في الاستجابة لانتظارات الشعب التونسي وإعلاء المصلحة العليا للبلاد.
إن انطلاق المداولات حول مشروع ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 بتلك العزيمة لممثلي السلطتين التنفيذية والتشريعية والتي تؤكد تحمّل المسؤولية الجسيمة والتاريخية والتي عشنا على وقعها طيلة ساعات المناقشات خلال اليوم الأول من الجلسات الافتتاحية المشتركة يبشر بتحقيق مجمل الأهداف المرسومة في سياق تشاركي وتفاعلي.
ان الصورة التي رسمتها الجلسة الافتتاحية للجلسات المشتركة لانطلاق المداولات حول مشروع الميزانية تعبر بكل وضوح عن إعلاء المصلحة العليا للبلاد والعمل المشترك بين الجميع من أجل إنجاح المرحلة المقبلة وعنوانها الأبرز «البناء والتشييد».
هذه الصورة الإيجابية لافتتاح الجلسات المشتركة تحت قبة قصر باردو بحضور الحكومة ولأول مرّة أعضاء المجلسين النيابيين قطعت مع تلك الصورة «البشعة» لمجلس النواب طيلة العشرية الماضية التي ارتسمت في أذهان ومخيّلة أغلب «التوانسة» كما قطعت أيضا مع أسلوب «التهريج» وتعمّد الإثارة في غياب للحد الأدنى من المسؤولية والصراع حول الزعاماتية والمحاصصات الحزبية التي ضربت أسس الدولة في مقتل وأضرّت بمصالح الشعب التونسي وهمّشت كل انتظاراته وآماله في العيش الكريم والعدالة والمساواة، وهو ما دفع إلى تجميده – أي برلمان العشرية السابقة في فترات حكم «الترويكا» وأتباعها – ثم حله لاحقا من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد والدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها استجابة لمطلب شعبي عام.
وما نتحدث عنه اليوم في هذه المقالة في علاقة بالصورة الإيجابية التي خلفتها الجلسة الأولى الافتتاحية لمناقشة مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025 والمشتركة لأول مرّة للمجلسين النيابيين تؤكده كافة التصريحات والآراء ونسق المناقشات التي دارت في اليوم الأول من هذه الجلسات حيث أكد كل من رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة ورئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي، في افتتاح الجلسات العامة المشتركة للمجلسين المخصصة للنظر في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، الاستعداد التام للنظر في هذا المشروع في كنف التشاركية ووفقا للمقتضيات الدستورية «تأكيدا لوحدة مؤسسات الدولة وتعاونها وتكامل أدوارها خدمة للمصلحة الوطنية».
وقال أيضا بودربالة، في الجلسة الافتتاحية التي حضرها بالخصوص رئيس الحكومة كمال المدوري وأعضاء حكومته، إن المجلسين ينطلقان في هذا العمل المشترك بكل ثقة وعزم للمضي قدما من أجل الغايات الفضلى التي تجمعهما، وأنه لا خيار سوى مضاعفة الجهد ومواصلة العمل الدؤوب والجاد من أجل الوفاء بالالتزامات الوطنية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ تونس.
ونعتبر أن الجلسات الافتتاحية لمداولات ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 كانت إيجابية وبعثت برسائل طمأنة لكافة الشعب التونسي، بما من شأنه أن يعزز الثقة بين المواطن والدولة والوظيفة التشريعية التي تعمل على تفعيل مشاريع القوانين المقدمة من الحكومة ورئاسة الجمهورية إلى قرارات وإجراءات عملية بعد المصادقة عليها من أجل الاستجابة لانتظارات التونسيين وتحسين أوضاعهم الاجتماعية من خلال تجسيم الخيارات التي انبنى عليها مسار الإصلاح والإنقاذ وتنفيذ السياسات العامة للدولة في كل القطاعات والمجالات وتوجّهات وخيارات رئيس الجمهورية..
ولعلّ ما أكد عليه رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي خلال الجلسات الافتتاحية المشتركة، حجة دامغة أيضا على التحلي بروح المسؤولية والعمل المشترك في سياق البناء والتشييد بقوله «إن الجلسة العامة المشتركة ليست فقط لتقديم ومناقشة قانون المالية والميزانية، بل هي مناسبة لتجديد الالتزام بالدفاع عن حقوق الشعب والعمل من أجل تحقيق تطور البلاد»…و«أن دور المؤسسات لا يقتصر على مناقشة الأرقام وتوزيع الميزانيات، بل يتجاوز ذلك إلى مجابهة كل التحديات الاجتماعية الملحة وتعزيز التنمية البشرية وضمان وصول الموارد والفرص إلى جميع المواطنين دون تمييز».
فكل المعطيات تؤكد اليوم أن كافة أعضاء الحكومة و أعضاء المجلسين النيابيين على وعي بدقة المرحلة ومتطلباتها وبالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم كل حسب وظيفته ،فقد عبّروا بكل وضوح في تصريحات سابقة وخلال الجلسات الافتتاحية المشتركة عن عزمهم الثابت لإنجاح مرحلة البناء والتشييد والانخراط في معركة التحرر الوطني من أجل بناء الدولة الاجتماعية ودفع التشغيل والنهوض بالتنمية والاستثمار وتكريس العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجهات والأقاليم والدفاع عن السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني ومواصلة اعتماد سياسة التعويل على الذات.
فأعضاء المجلسين النيابيين أكدّوا من جديد مع انطلاق المداولات حول مشروع ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2025 أنهم في مستوى اللحظة الفارقة في تاريخ البلاد وبعثوا شكلا ومضمونا برسائل طمأنة إلى الشعب التونسي تؤكد عزمهم على العمل المشترك وبالنسق المطلوب و تحمّلهم المسؤولية مع كافة مؤسسات الدولة انطلاقا من مقتضيات الدستور ومرتكزات مسار 25 جويلية من أجل إحداث «ثورة» تشريعية تحقق العدالة الاجتماعية والمساواة وتعيد الأمل للشعب التونسي في غد أفضل ينهض فيه الاقتصاد والتنمية وتتحسن فيه الأوضاع الاجتماعية ومستوى عيش التونسيين.
عن المشاريع المعطّلة في القطاع الصحي : نحو استكمال الأشغال..في انتظار تحميل المسؤوليات.. !
مثّل تعطّل استكمال المشاريع العمومية في القطاع الصحي محل اهتمام ومتابعة رئيس الجمهورية قيس…