شملت الابحاث فيه 15 متهما : ملف «براكة الساحل» أمام القضاء
نظرت أمس هيئة الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس في قضية “براكة الساحل” التي تضرر منها 244 عسكري والتي أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة وضمت لائحة الاتهام 15 متهما بينهم الرئيس الراحل بن علي وعبد الله القلال ومحمد علي القنزوعي وعز الدين جنيح وعدة قيادات أمنية وجهت إليهم تهم التعذيب والإيقاف التعسفي وإلقاء القبض على شخص واحتجازه دون إذن قضائي صاحبه العنف والتهديد والمشاركة في ذلك.
وقد قررت الدائرة تأجيل المحاكمة لانتظار اكتمال النصاب القانوني للهيئة أثر التحاق بعض اعضائها للعمل بمحاكم أخرى.
وتعد قضية “براكة الساحل” من أبرز القضايا التي شهدت عمليات تعذيب ممنهجة وفظيعة وعددا كبيرا من المتضررين من العسكريين ،ففي 22 ماي 1991 قال وزير الداخلية عبد الله القلال في ندوة صحفية أنه تم اكتشاف مؤامرة كانت تحاك للانقلاب على نظام”بن علي” واتهم حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي بالتحضير للانقلاب العسكري واختراق المؤسسة العسكرية هذا التلاعب المحاك من قبل أجهزة أمن الدولة استطاع أن يقنع الرأي العام، وفي هذا الإطار تم إيقاف العسكريين زورا وتم اقتيادهم إلى وزارة الداخلية أين خضعوا إلى شتى أنواع التعذيب، بعد ذلك تم إطلاق سراح 151 منهم بينما اقتيد 93 آخرين للمحكمة أين حكم عليهم بأحكام تراوحت بين ثلاثة و16 سنة سجنا.
من جهة أخرى خسر كل المتهمين مناصبهم في الجيش ولم يعودوا يتمتعون بحقوقهم القانونية.
ونفذت العملية من قبل وزير الداخلية الاسبق ووزير الدفاع الوطني الاسبق فأما الأول فقد تحمل مسؤوليته القانونية في الاستعمال الممنهج للتعذيب ضد العسكريين والثاني تحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية وفق ما ورد في ملف القضية .
وفي 23 جوان1991 استقبل وزير الداخلية الاسبق وفدا من كبار الضباط من بين الذين وقع توقيفهم وتعذيبهم وقدم لهم اعتذاراته واعترف لهم ببرائتهم وذلك بحضور ممثلي وزارة الدفاع ومن بينهم المدير العام للقضاء العسكريين والمدير العام للأمن العسكري إلا أنه حتى بعد إعلان براءتهم لم يسمح للعسكريين بالرجوع لمناصبهم في صفوف الجيش وذلك بأمر خاص من بن علي القائد الأعلى للقوات المسلحة دستوريا ولمدة عقدين شهد العسكريون هرسلة متواصلة من قبل قوات الأمن وتم منعهم كذلك من العمل والسفر وأشياء أخرى أثناء هذه المدة وتم الاحتفاظ بهذه القضية تحت جدار من الصمت من قبل النظام.
وفي سنة 2011 اثر اندلاع الثورة تم إنشاء جمعية “إنصاف قدماء العسكريين” من قبل عدة ضباط متقاعدين والذين تضرروا في قضية”براكة الساحل” وأخذت هذه الجمعية على عاتقها الدفاع عن قضيتهم لدى المؤسسة العسكرية من أجل تحقيق إعادة التأهيل الرسمي للضحايا واسترداد جميع حقوقهم مع تعويض عادل عن الأضرار التي لحقت بهم وعملت أيضا على إيصال قضيتهم حول الانتهاكات التي تعرضوا لها.
شهادات ..
وكانت المحكمة فسحت في جلسة سابقة المجال للمتضررين للإدلاء بشهاداتهم واستمعت إلى شهادة المتضرر الشاذلي الخميري الذي لاحظ أنه أنتدب سنة 1977 وكيلا مساعدا في البحرية وفي تاريخ 08 ماي 1991 لما كان يهم بمغادرة ثكنة منزل جميل تم إعلامه أنه مكلف بالتنقل في مهمة وتم نقله إلى المثلث العسكري باب سعدون أين نقل إلى إدارة الأمن العسكري وخضع إلى أسئلة إرشادية قبل نقله إلى ثكنة العوينة أين انتزع منه زيه العسكري بقي فيها لمدة حوالي 20 يوما في ظروف سيئة للغاية وأعيد له زيه وتم نقله إلى وزارة الداخلية أين انتزع منه زيه مرة أخرى وخضع إلى البحث حول انتمائه ونشاطه السياسي ولم يوجه له أي سؤال حول براكة الساحل، ملاحظا أنه يمارس واجباته الدينية وليس له أي نشاط فكري أو سياسي بقي “بمخافر” الداخلية لمدة 20 يوما خضع فيها إلى التعذيب كوضع الدجاجة فضلا عن السب والشتم على فترات ولا يذكر أسماء من عذبه غير أنه تردد ذكر اسم يكنى “الزوو” كان يقوم بتفقد مقرات الإيقاف ولم يتعرض من قبله إلى التعذيب وتم إخلاء سبيله على إثره برغم ثار التعذيب البادية عليه وتم تمكينه من تذكرة النقل إلى مسقط رأسه بجندوبة وبقي يتقاضى جراية عمرية 90دينارا، وبقي عاطلاً عن العمل رغم أنه عائل لزوجة وثلاثة أطفال وتم إخضاعه للمراقبة وبقي على تلك الحال إلى حدود الثورة ولاحظ أنه تحصل على مقرر جبر الضرر 74 % وطلب محاسبة من تسبب في حرمانه من العمل وعزله من وظيفته وما تعرض له من انتهاكات حتى لا يتم تكرار ذلك.
وأما الشاذلي الخميري فذكر في شهادته انه عمل سنة 1983 برتبة ضابط صف إلى حدود 1991 حيث عمل عريف أول وفي 21 ماي 1991 تم إيقافه من ثكنة المدرعات ثم تم إيقافه بسجن الثكنة مع مجموعة من الشباب وضباط الصف لمدة شهر ثم وقع نقله مع ثلاثة آخرين مكبلي الأيدي إلى إدارة الأمن العسكري أين تم أخذ إرشادات وتسليمهم في نفس اليوم إلى وزارة الداخلية بعد نزع ملابسهم الداخلية واخضعوا إلى البحث ونالوا ألوانا شتى من أنواع التعذيب.
النهضة
وتمحورت الأسئلة الموجهة إليه حول تمويل حركة النهضة آنذاك بالتبرع بجزء من جرايته حسب ادعاء النقيب محسن وبمكافحته به كان لا يرد إلا بالإيماء وبادية عليه الانتهاكات ملاحظا أنه لا يعرف معذبيه الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية وأمضى على محضر البحث دون الإطلاع عليه وتم نقله إلى السجن المدني بمرناق قبل عرضه على التحقيق العسكري الذي أذن بإيداعه بالسجن قضاها بين سجن 09 أفريل وسجن برج الرومي، وتعرض خلال فترة إيقافه إلى العديد من الإهانات والتعذيب النفسي والسب والشتم قضاها في رعب وجميع الموقوفين معه من قضية براكة الساحل تواصل إلى حوالي سنة قبل أن يتم الإفراج عنه دون محاكمة.
وبعد خروجه من السجن أوقف عن العمل وأصبح يتقاضى جراية بسيطة عن الفترة التي قضاها لقاء مساهمته بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الإجتماعية مضيفا أنه تم منعه من العمل وتعرض لصعوبات في الاندماج في الحياة بسبب ملاحقته وإخضاعه للمراقبة الإدارية المشددة ثم خففت لاحقا إلى حدود أيام الثورة، مضيفا أنه تحصل على مقرر جبر الضرر بنسبة 82% طالبا تنفيذ قرار جبر الضرر وكشف الحقيقة ومحاسبة كل من تسبب له في ما حصل له دون ذنب اقترفه باعتبار أن القضية في جملتها مفتعلة وفق قوله.
وصرح سعيد بوسعيد أنه إلتحق بالجيش سنة 1975 اختصاص الصواريخ وكان متميزا في اختصاصه ومتفوقا في كل اختباراته داخليا وخارجيا وكان يقوم بواجباته الدينية بداية من سنة 1980 وأفاد أنه ضابط عتاد بثكنة بوفيشة وآمر سرية، وفي تاريخ 23 جويلية تمت دعوته إلى المثلث العسكري بباب سعدون وكان على علم مسبق بالإيقافات وبوصوله تم إخضاعه إلى أسئلة إرشادية وإيقافه ليلة كاملة بثكنة العوينة قبل تحويله إلى وزارة الداخلية أين تم نزع ملابسه العسكرية واستبدالها بزي شغل و”شلاكة بلاستيكية” وتعرض إلى الضرب والإهانة دون تعليق وكانت الأسئلة تدور حول انتمائه لجمعية غير مرخص فيها تبين أنه تم حشره من قبل زميلين له وبعد مدة من الإيقاف في حالة سيئة تم إيداعه بالسجن المدني لمدة 12 شهرا ثم أحيل على القضاء الجناحي وحكم 04 سنوات سجنا والحال أنه لا انتماء له لا فكريا ولا سياسيا عدا انه كان يقوم بفرائضه الدينية وزوجته ترتدي الحجاب ما دفع بضابط الأمن العسكري من التنبيه عليه بخلع حجابها ورفض ذلك وبعد انقضاء فترة السجن التي قضى منها 03 سنوات قضاها بغرفة واحدة مع مساجين الحق العام في ظروف سيئة للغاية من الضرب والإهانات والتجويع.
وقضى العقوبة كاملة عانت عائلته خلالها أقسى العذاب بزيارته مرة في الشهر من الهوارية إلى سجن الهورارب وخضع الى المراقبة الإدارية لمدة 05 سنوات إضافية كانت مشددة في البداية قبل تخفيفها وتحصل على جراية بسيطة لفترة عمله وتحصل على مقرر جبر الضرر بنسبة 82 % بقي إلى الآن دون تفعيل قبل تسوية وضعيته الإجتماعية سنة 2014.
وطالب بكشف الحقيقة والوقوف على ما حصل له وبقية زملائه وإحالتهم إلى وزارة الداخلية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات حتى لا تتكرر مرة أخرى.
……………..
ملف الهجوم الارهابي على مدينة بن قردان أمام محكمة الاستئناف وهذا ما تقرّر
جلبت الوحدات الامنية تحت حراسة مشددة الى هيئة الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في القضايا ا…