2024-10-19

لضمان معاضدته الجهود الحكومية لتعبئة موارد مالية لفائدة الميزانية بأقل كلفة ممكنة : مقترح قانون ينهي استقلالية البنك المركزي التامة عن السلطة التنفيذية

قرر مكتب مجلس نواب الشعب خلال الاجتماع الذي عقده أمس الأول إحالة مقترح قانون تقدم به سبعة وعشرون نائبا من مختلف الكتل البرلمانية وغير المنتمين الى كتل الى لجنة المالية والميزانية. ويتعلق هذا المقترح بتنقيح وإتمام القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي.

ويتضمن مقترح التعديل فصلين اثنين. ينص الفصل الأول على تعديل مضمون 11 فصلا من القانون الاساسي للبنك المركزي الصادر سنة 2016. وينص الفصل الثاني على إضافة ثلاثة فصول جديدة انتقالية لملاءمة القانون الأساسي للبنك المركزي مع مقتضيات دستور 25 جويلية ووضع الضوابط والشروط للتمويلات المباشرة لميزانية الدولة. والمتمعن في هذه التعديلات يلاحظ بانها ترمي الى الحد من السلطة المطلقة لهذا البنك في ضبط السياسة النقدية، والإنفاق والتحكم في الاحتياطي النقدي، والتصرف في الذهب.

وفي وثيقة شرح الأسباب المنشورة على الموقع الرسمي لمجلس نواب الشعب بين أصحاب المبادرة التشريعية انه وفق القانون الأساسي للبنك المركزي لسنة 2016 فانه لا يمكن لهذا البنك ان يمنح الخزينة العامة التمويلات المباشرة. وهو ما أدى الى خسارة تفوق 67 مليون دينار لدافع الضرائب التونسي بسبب كلفة الفوائد وانخفاض قيمة الدينار. كما أدى الى خسارة تفوق 46 مليون دينار للاقتصاد التونسي بسبب خروج عملة اجنبية بلا مقابل. وتسبب ذلك أيضا في ارتفاع كبير في ديون تونس الداخلية والخارجية وان لم يتغير شيء في سياسة هذا البنك النقدية فان ذلك سيؤدي حتما الى افلاس الدولة. كما تسببت هذه السياسة في اعتماد بلادنا على المانحين الأجانب مما أدى الى فقدان الدولة لسيادتها. وأدت أيضا الى توجيه السيولة نحو تمويل خزينة الدولة وليس نحو المشاريع، مما خلق حالة من الركود التضخمي.

وأمام هذه الوضعية التي أدى اليها القانون الأساسي الحالي الذي أرسى استقلالية مطلقة للبنك المركزي في ضبط السياسة النقدية وسياسة الصرف، يرى النواب أصحاب المبادرة التشريعية انه من الضروري التفكير في حلول، تم طرحها في شكل عدد من المقترحات. ومن بين ما تم اقتراحه، هو اعتماد شراء هذا البنك للسندات الحكومية التي تحتفظ بها البنوك كوسيلة أساسية لسد احتياجاتها من السيولة، ثم تخفيض أسعار الفائدة لهذه السندات بعد شرائها الى حد 1 بالمائة، ويكون سدادها بالالتجاء الى اصدار سندات جديدة من البنك المركزي تجاه الخزينة العامة.

ومن الحلول الأخرى المقترحة، تمويل البنك المركزي للدين الخارجي من خلال استخدام احتياطيات العملات الأجنبية مع الالتجاء الى اصدار سندات جديدة تجاه الخزينة العامة مقومة بالدينار التونسي، مع منحها تسهيلات نقدية قصيرة الاجل أقصاها 20شهرا بنسبة فائدة سنوية 1 بالمائة وفي حدود 5 بالمائة من واردات السنة الفارطة. هذا ولتجنب التضخم يمكن تمويل سداد السندات الحكومية التي ليست في حوزة البنك المركزي في حدود 1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ويمكن الترفيع فيها الى 3 بالمائة بتصويت الأغلبية المطلقة للنواب وبعد استشارة هذا البنك.

ومن المتوقع حسب النواب أصحاب مقترح تنقيح وإتمام القانون عدد 35 لسنة 2016 المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي ان تمكّن الحلول المقترحة في مبادرتهم الى انخفاض سريع في نسق الديون وبالتالي تلافي خطر افلاس البلاد نهائيا. كما انه من المتوقع ان تتمكن الخزينة العامة للبلاد من توفير آلاف ملايين الدنانير سنويا من تكاليف التمويل، والتي يمكن توجيهها نحو نفقات لخلق قيمة مضافة على غرار البنية التحتية. هذا الى جانب التخفيض في عجز ميزان المدفوعات سنويا، وتقوية سيادة الدولة من خلال ترشيد التمويل الخارجي والحد من التبعية تجاه المانحين الأجانب. ومن المتوقع أيضا ان يتم حل مشاكل السيولة لدى البنوك وتوجيه المدخرات التونسية المتوفرة لديها نحو تمويل المشاريع الاستثمارية لتعزيز النمو الاقتصادي وليس نحو تمويل ديون الخزينة.

وعموما تأتي إعادة النظر في القانون المتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي الحالي بعد ثماني سنوات من حصوله على الاستقلالية التامة عن السلطة التنفيذية التي منحه إياها هذا القانون منذ سنة 2016. وتندرج ضمن خطة الإصلاحات الاقتصادية العاجلة التي تحتاجها البلاد، لمعاضدة الجهود الحكومية على تعبئة موارد مالية لفائدة الميزانية بأقل كلفة ممكنة، خاصة في ظل ارتفاع نسب الفائدة على القروض الممنوحة للدولة محليا ودوليا. ويمثل مشروع القانون المقترح أحدث خطوة لوضع نهاية بشكل كامل لاستقلالية البنك المركزي، الذي تعرض لانتقادات مستمرة وحادة من رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي عبر في أكثر من مناسبة عن رفضه بأن يكون هذا البنك دولة داخل الدولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الديبلوماسي السابق أحمد ونيّس لـ«الصحافة اليوم» : حضور الرئيس قيس سعيّد في احتفالية الثورة فيه عمق ورمزية تاريخية..

في متابعتنا لزيارة الرئيس قيس سعيد إلى الجزائر للمشاركة في احتفالية الثورة وبحسب الصحافة ا…