2024-08-20

وفق البيانات الأخيرة للمعهد الوطني للاحصاء : نسبة النمو الاقتصادي المسجلة لم تدرك بعد المستوى المسجل نهاية عام 2019

تفاوتت تقييمات الخبراء بخصوص البيانات الاخيرة التي أصدرها المعهد الوطني للإحصاء حول نسبة النمو الاقتصادي بالنسبة للثلاثي الثاني من سنة 2024 وأداء القطاعات الاقتصادية الرئيسية في تونس وقد استندت هذه التقييمات إلى الأرقام والإحصائيات الرسمية الاخيرة مبرزة التباين في أداء القطاعات المختلفة وتأثيرها على الناتج المحلي الإجمالي. لكنها أجمعت أن الاقتصاد التونسي لم يدرك بعد حجم الناتج المحلي الإجمالي المسجل في نهاية عام 2019، أي قبيل الأزمة الصحية التي تسببت فيها جائحة كورونا. فبحسب معهد الاحصاء سجل النشاط الاقتصادي نموا في حجم الناتج المحلي الإجمالي المعالج من تأثير التغيرات الموسمية بنسبة بلغت 1,0%على مدى الثلاثية الثانية للسنة الحالية (من أفريل إلى جوان لسنة 2024)، وذلك مقارنة بالثلاثي المماثل في السنة الفارطة،أي بحساب الانزلاق السنوي. اما بحساب التغيرات ربع السنوية، أي مقارنة بالثلاثي الأوّل من السنة الحالية، فقد سجل حجم الناتج المحلي الإجمالي تدرٌجا بنسبة 2,0% بينما كان قد ارتفع بنسبة 0,6 بالمائة خلال الثلاثية السابقة. وعلى هذا الأساس، يكون الاقتصاد التونسي قد سجل نموا بـ0,6  في المائة خلال السداسي الأوّل من السنة الحالية.

وفي تقييمه للنتائج التفصيلية للنمو الاقتصادي التونسي كتب استاذ الاقتصاد رضا الشكندالي قائلا أن نسبة النمو الاقتصادي للثلاثي الثاني من سنة 2024 هي 1% بفضل السياحة (8%) وخاصة الفلاحة (8%) والتي أسهمت بنسبة 66% في النمو المسجل خلال الثلاثي الثاني من هذه السنة. أما بالانزلاق السنوي، فنسبة النمو الاقتصادي للسداسي الأول من سنة 2024 هي 0.6% مقابل 2.1% مقدرة لميزانية الدولة لسنة 2024، وهذا يعني في نظره أن تحقيق نسبة نمو اقتصادي بـ2.1% كما قدّرتها وزارة المالية في ميزانية الدولة لسنة 2024 أصبحت صعبة المنال، إذ تتطلّب تحقيق نسبة نمو لا تقل عن 3.5% في الثلاثي الثالث وفي الثلاثي الرابع من هذه السنة.ويرى بذلك ان المهمة تكاد تكون مستحيلة خاصة وأن الفترة المتبقية من هذه السنة فترة انتخابية بامتياز عادة ما لا يقبل فيها المستثمرون على عملية الاستثمار، بل تتميّز بالتريّث والتردّد على مستوى الاستثمار. واضاف الشكندالي أن الصناعة وخاصة الصناعات المعملية هي المؤشر الأبرز لقياس مدى تحسن الاستثمار الخاص وخلق الثروة المنتجة، لكن الصناعات المعملية سجلت تراجعا بـ1.9% خاصة في قطاع حساس وهو البناء والتشييد والذي تراجع بـ 3.5% خلال الثلاثي الثاني من هذه السنة تحت تأثير السياسة النقدية الحذرة والتي أسهمت في ارتفاع مشطّ لنسبة الفائدة المديرية وبالنسبة للصناعات غير المعملية، وهي تحت إشراف الدولة، فيرى الخبير انها تراجعت بـ 6.3% خاصة في قطاعي النفط والغاز الطبيعي (-14.4%) والفسفاط (-2.5%).

وخلص الى ان سياسة التقشف في توريد المواد الأولية ونصف المصنعة كسياسة معتمدة من طرف الحكومة لتفضيل تسديد الديون الخارجية على حساب ما يلزم من مواد أولية ونصف مصنعة هي السبب المباشر للانكماش الاقتصادي التي تعيشه تونس خلال السنوات الأخيرة.ولولا الطلب الداخلي والذي نما بـ2.6% خلال الثلاثي الثاني من هذه السنة وخاصة منه الاستهلاك الخاص، لكانت نسبة النمو الاقتصادي أقل من ذلك.

من جهة أخرى وبحسب تقييم للجمعية التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة فقد اعتبرت فيه ان معطيات المعهد الوطني للإحصاء قدمت صورة معقدة للوضع الاقتصادي في تونس سنة 2024 واشار التقييم بدوره الى تحسن ملحوظ للقطاع الفلاحي بعد سنوات من التراجع نتيجة الظروف المناخية الصعبة حيث ارتفعت القيمة المضافة بنسبة 2.6% في الربع الأول و8.3% في الربع الثاني بحساب الانزلاق السنوي، مما يعكس عودة جزئية لهذا القطاع الحيوي ومساهمته الإيجابية في النمو الاقتصادي العام وذلك عبر اضافة 0.66 نقطة مائوية إلى نسبة النمو المسجلة للناتج المحلي الإجمالي (1.0%). وهذا يشير إلى أن الفلاحة، رغم تحدياتها، ما تزال تلعب دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد التونسي كما تعرض التقييم الى تراجع القطاع الصناعي من خلال انخفاض الصناعات المعملية بنسبة 1.9% في القيمة المضافة خلال الربع الثاني من عام 2024، مما يعكس تراجعًا في الإنتاج الصناعي هذا علاوة على ضعف قطاع الطاقة والمناجم الذي شهد تراجعًا حادًا بنسبة 6.3% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، مع انخفاض كبير في إنتاج النفط والغاز الطبيعي بنسبة 14.4% وتراجع في نشاط قطاع المناجم بنسبة 2.5%.وهذه الانخفاضات الكبيرة في قطاعات الطاقة والصناعات المعملية تسببت وفق الجمعية في تراجع إجمالي للقطاع الصناعي بنسبة 3.0% خلال الربع الثاني.

كما اشار التقييم ايضا الى ركود قطاع البناء والتشييد أيضًا الذي شهد نموًا سلبيًا بنسبة 3.5% بحساب الانزلاق السنوي، مما يبرز استمرار التحديات في هذا القطاع.

مقابل ذلك أشار التقييم إلى قطاع الخدمات الذي حافظ على نشاطه النسبي رغم التباطؤ، أما بالنسبة لقطاع النزل والمطاعم والمقاهي فقد سجل نموًا قويًا بنسبة 8.2%، كما شهد قطاع النقل نموًا بنسبة 1.2%.وبناء على ذلك فان التحسن الملحوظ في القطاع الفلاحي والطلب الداخلي يعكس بداية تعاف اقتصادي، ولكن الاقتصاد التونسي ما يزال هشًا بسبب التحديات الكبيرة التي يواجهها في قطاعي الصناعة والطاقة  كما أن النمو الضعيف في قطاع البناء وغيره يحد من إمكانيات الانتعاش الشامل التي تتطلب الحاجة إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز القطاعات غير التقليدية، إضافة إلى تحسين البنية التحتية والإنتاجية في القطاعات الصناعية والطاقة لمواجهة التحديات المتزايدة ودفع عجلة النمو بشكل مستدام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

احتياطي العملات الأجنبية يغطي 116 يوم توريد : مستوى «مطمئن».. يحتاج مزيد دعم سعر صرف الدينار

تواصل الموجودات الصافية من العملة الصعبة منحاها التصاعدي في البلاد حيث بلغت يوم 5 سبتمبر ا…