2023-12-26

قوة اقتراح سيما للجهات الأقل حظا في ملف التنمية : الانتظارات لا تخرج عن دائرة تحسين واقع الخدمات الأساسية للمواطن

تٌشكل محطة انتخابات المجالس المحلية في تونس نقطة بارزة في فهم التحديات الاقتصادية والاجتماعية لما تحمله من أهمية كبيرة في تطوير المجتمعات المحلية، وإتاحة فرصة التعبير عن احتياجات وآراء الجمهور في ما يتعلق بالرهانات التي سطرتها تونس ضمن خطتها التنموية في غضون سنة  2035 .

هذه الانتخابات وعلى نسبة مشاركتها الضئيلة إلا أنها كتجربة أولى تقدم لنا انطباعات واضحة عن عدم التصاق الشأن السياسي بالشأن المعيشي اليومي وتواصل القطيعة بين الواقع والمأمول في علاقة بالأجسام الوسيطة كالأحزاب وتمثيليات الشعب التشريعية .

الحديث عن التمثيلية ، يقودنا إلى نجاعة اتخاذ القرارات المحلية من حيث تمكين المجتمعات المحلية والجهوية من اتخاذ القرارات التي تلبي الاحتياجات  بشكل أفضل من خلال الأولوية في اقتراح المشاريع ومساندة السلطات التشريعية والتنفيذية في صنع القرار وبلورة المشاريع سيما في ملفات الصحة والتربية والتعليم والبنية التحتية والبيئة والإقتصاد المحلي وغيرها من مقومات التنمية الأساسية التي تشهد تراجعا في مؤشراتها بنسب متفاوتة نتيجة غياب الاستقرار السياسي خلال السنوات الأخيرة وتدني مردودية المتابعة إلى جانب ما تشكو منه ميزانيات الدولة من صعوبات بالغة الأهمية .

التنمية وتحسين الخدمات المحلية

في مسح عام لقراءة بسيطة بشأن الوعود الانتخابية التي قدمها المترشحون يبرز الفهم المحدود للمسؤوليات والتداخل بين الشخصي والموضوعي الذي تمليه التشريعات في هذا التوجه ، إلا أن هذه التجربة لا يمكن أن تتغافل عن بناء نواة للمجالس المحلية المنتخبة في وضع خطط تنمية محلية تعزز التطور الاقتصادي والاجتماعي داخل الجهات وفي ضوء التقسيم الجديد لأقاليم البلاد التونسية .

منهج المشاركة المدنية والوعي المجتمعي في  اتخاذ تصورات أولية لصنع القرار بصفة تشاركية ينبع من القاعدة يمكن أن يكون الأساس في اعتماد كل استراتيجيات النمو واحداث المشاريع في مختلف القطاعات شريطة أن تتمكن هذه التمثيليات المنتخبة من  خلال قوة سلطتها وشرعية مكانتها من إحداث التفاعل الإيجابي مع التحديات المحلية ومواجهة الصعوبات بشكل أفضل نظرًا لفهمها العميق لاحتياجات المجتمع المحلي .

ففي التجارب المقارنة ولئن تمكنت هذه المجالس من بلورة الخطط واتخاذ القرارات بصفة مستقلة إلا أنها في بلادنا وفي غياب قوانين تفسر وتوضح أكثر العلاقات بين المجالس التشريعية ، يمكن أن تكون بداية تشكل نواة حقيقية لقوة الاقتراح داخل مساحات المجال المحلي وتسهم في إيجاد الحلول  الاقتصادية وتخلق فرص العمل مما يحسن مستوى معيشة السكان من جهة وتوجيه الاهتمام نحو تطوير البنية التحتية المهترئة في أغلب الجهات مثل الطرقات وشبكات المياه ومشاريع التنمية المندمجة التي لم توفق بالشكل المطلوب في اغلب الجهات رغم ما تزخر به من مقومات اقتصادية متنوعة حسب الخصوصيات المتاحة التي يمكن الاستثمار فيها، بالاستئناس ببعض التجارب الناجحة التي تعمل عليها بعض السفارات في تونس بالتعاون مع الوكالات والصناديق المالية التي تخطط لإنجاح مثل هذه المشاريع بالتنسيق مع المجتمعات المحلية وتحفّز بذلك على التنوع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي انطلاقا من خصوصية كل جهة.

مقومات التنمية في المنظور التونسي اليوم وإن تعددت وتنوعت إلا أنها غير مفعلة وهي قادرة على خلق نمو اقتصادي مستدام يوفر فرص العمل سيما لأعداد العاطلين عن العمل سواء من حاملي الشهادات العليا أو شهادات التكوين المهني ، وفي ضوء التوجهات الجديدة للحكم القاعدي يمكن الاستثمار في هذه النقاط من حيث دراسة مختلف الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية شريطة توفر التفاعل الإيجابي مع الهياكل الحكومية وتشريك القطاع الخاص والمجتمع المدني الذي أصبح قوة اقتراح بعد سنة 2011 لأجل تحقيق التوازن في التشغيل والحد من الفوارق الإجتماعية بين الجهات .

بناء على ذلك يمكن الحديث في ما بعد عن أهمية الحكم الرشيد قولا وفعلا لتحقيق نظم حكم فعّالة وشفافة تعزز الاستقرار الاقتصادي وتعيد الثقة للفاعلين السياسيين خدمة لاحتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية ، وإلا فإن مثل هذه المحطات الانتخابية ستبقى مجرد «ديكور سياسي» يأخذ من أموال المجموعة الوطنية دون فائدة تذكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

نحو 700 مدير مدرسة ابتدائية يحتجون : رفضوا أن يتم التخلي عنهم إثر نجاحهم في مناظرة رسمية

احتج امس الاثنين عدد من مديري المدارس الابتدائية أمام مقر وزارة التربية مطالبين سلطة الإشر…