2024-07-21

رحلة حجّاج دون تراخيص: ابتزاز وترهيب وحالات ضياع تامّ

عاش مجموعة من الحجاج التونسيين غير المرخص لهم ، تجربة الحج هذا العام بكثير من المتاعب والمرارة في نفوسهم ، تجربة كانت محفوفة بالعديد من المخاطر التي اعترضتهم ولعل أهمها الابتزازات في الأسعار والتخويف من عدم إكمالهم لمناسك الحج ، كل ذلك لأنهم اختاروا طريقا ثانية غير الطريق الرسمية أولنقل خارج الوفد الرسمي . اختار مئات الحجاج من تونس هذا العام التوجه نحوالأراضي السعودية لأداء مناسك الحج باعتماد «فيزا» سياحية وهوما مكنهم من القيام بواجبات العمرة في مرحلة اولى ثم انتظار استكمال مناسك الحج كخطوة يرونها في متناولهم غير أن ويلات الابتزاز والمضايقات من « الأمن السعودي» دفعت ببعضهم إلى الجزم بعدم إعادة التجربة ولوكانت بصفة مجانية وبامتيازات الـ «في آي بي» سفراً وإقامة …

«الصحافة اليوم» جمعت شهادات غريبة وموجعة من بعض الحجاج العائدين هذه الأيام وهم من جهات مختلفة أجمعوا على أن رحلة الحج بطريقة موازية لا تخلومن مخاطر هددت حياتهم لأكثر من شهر ونصف منذ دخولهم المملكة العربية السعودية غير أنهم لا يعلمون بذلك مسبقا .

موضوع الحج والمتاعب والمشقة التي يتعرض لها الحجاج الذين ذهبوا عن طريق البعثة الرسمية لا يخلومن مصاعب فما بالنا بمن سافر دون ترخيص لأداء فريضة الحج إذ لا شيء يحميهم حتى تلك الوكالات التي أمّنت سفرهم وعودتهم وغير ذلك لا حول لهم ولا قوة في مجابهة مخاطر هذه المغامرة .

معاناة الحجاج دون ترخيص تمثلت بالأساس حين انتقل بعضهم من الإقامة بجدة والرياض إلى مناطق قريبة من الحرم بمكة قبل انطلاق موسم الحج بأسبوع تقريبا ، واشتدت هذه المضايقات وفق شهادات ممن تحدثنا إليهم في اليومين الأولين للحج ، حيث يقول الحاج محمد علي بن عيسى أصيل ولاية نابل انه قصد الأراضي المقدسة منذ شهر ونصف رفقة عدد من أقاربه للقيام بالعمرة أولا تحت تأشيرة سياحية وفضلوا المكوث هناك لأداء مناسك الحج رغم نفقات الإيجار وغلاء وسائل النقل ولكن سرعان ماتحولت أحلامهم الروحانية إلى كوابيس واقعية جرت تحت أنظارهم وأنظار أقرانهم من النساء ، إذ والكلام لمحدثنا تتولى عناصر مدنية تدّعي أنها من الأمن العام السعودي ، طردهم من المنازل والإقامات التي تحيط بمكة ويقومون بطردهم إلى أماكن أخرى بعيدة بتعلة أن إقامتهم هناك غير قانونية ولا بد من ترخيص رسمي من سلطات بلد الإقامة لتواجدهم في هذه المساكن بنية أداء فريضة الحج…محدثنا أشار إلى أن هذه المضايقات وإخراجهم بين الفينة والأخرى من مقر اقامتهم كلّفهم نفقات باهظة لكراء سيارات الأجرة فردي  حيث تفوق أحيانا تكلفة مسافة 5 كيلومترات حاجز الألف دينار تونسي علاوة على قطع الكهرباء عن إقاماتهم والغاية هي إبعادهم من المكان .

الظروف الصحية والأمنية

التعرض لمخاطر صحية وأمنية نتيجة الانتقال دون تنظيم وفي غياب مرشد لرحلة أداء الحج ، تسبب لهؤلاء في مشاكل صحية ثانوية وفزع طيلة أيام الحج ، إذ يؤكد الطيب القادري أصيل ولاية سيدي بوزيد ، أن وكالات الأسفار التي أمّنت رحلتهم لا تعترف بأي شيء غير أسعار تذاكر الذهاب والعودة ولم تكلّف نفسها عناء البحث عن بعض المفقودين في المملكة العربية السعودية .

ويعرّج القادري على أن ظاهرة الاحتيال والاستغلال المادي أيام الحج ، تعد ظاهرة لن يتقبلها أي عقل بشري طالما لم يمر بمثل هذه التجربة دون حماية رسمية.  ومن منطلقه الشخصي فقد أكد أنه اضطر لبيع بعض مقتنياته الخاصة ليتولى الإنفاق على أمور طارئة واستثنائية على غرار النقل الفردي والسكن الذي كلما قدموا معاليم ليلة كاملة إلا وباغتتهم عناصر من الأمن ليخرجوهم من المكان دون استرجاع مادفعوه من معاليم إيجار باهظة جدا .فلا صاحب الإقامة ولا الأمن فكروا في استرجاع حقوقهم المسلوبة على مدى أيام وليال.

التأكيد على أهمية تراخيص الحج في حماية وراحة الحجاج

هذه المعاناة التي سبق ذكر بعض تفاصيلها يمكن تناسيها لدى البعض خاصة ممن أتمّوا مناسك الحج رغم التضييقات والمحاصرة التي تعرضوا لها ، إلا أنه بالنسبة للبعض الآخر فقد التجأ إلى إخراج الفدية في بعض المناسك على غرار رمي الجمرات بما أنه لم يتمكن من الدخول إلى باحة الحرم المكي ، وهو حال الشافعي الرابحي أصيل ولاية القصرين معتبرا أن هذه الرحلة لم تكن كما تمنّاها ، حيث أفاد في هذا الخصوص   قائلا:«سامح الله من تسبب في ذلك ، تكاليف الحج الرسمي باهظة جدا وحاولنا الذهاب بتأشيرة سياحية ثم نمكث هناك لأداء مناسك الحج ولكن لا نعلم أننا قمنا بجرم كبير لهذا الحد حتى تستفزنا عناصر أمنية مدنية بتلك السلوكات … » ودعا محدثنا كل مواطن يفكر في الحج أن لا يسافر إلا مع الوفد الرسمي حيث الإحاطة والإهتمام والرعاية.

محدثنا استدرك في الآن ذاته أن الرعاية التي وجدها المشاركون في البعثة الرسمية لم تكن مماثلة هذا العام لدى كل الحجاج الذين رخّص لهم وهوما وقف عليه الجميع من خلال بعض التجاوزات والتقصير الحاصل ، فكيف الحال بالنسبة لمن هم خارج البعثة ، ذلك أنه والكلام لمحدثنا « فقدوا صفة المواطنة التونسية» خلال أيام الحج بما أن كل نداءات الاستغاثة والمساعدة التي أطلقوها عبر أصوات أهاليهم في تونس عبر المكالمات الهاتفية والمراسلات باءت بالفشل ولم تتدخل أي جهة رسمية على الأقل لصون كرامتهم وإنقاذ البعض الآخر من المخاطر الصحية والمعاناة التي تكبدوها سيما على المستوى النفسي والصحي .حيث أن كبار السنّ ممن سافروا باعتماد التأشيرة السياحية وفي غياب أي مرشد أومساعد لهم سجلت حالات ضياع في صفوفهم دامت لأكثر من أسبوع وقد تم ترحيلهم إلى مناطق جبلية محاذية لمكة لا ماء ولا شراب فيها ، ثم يجدون أنفسهم عرضة لابتزاز سيارات الأجرة فردي لإعادتهم من حيث أتوا وهكذا دواليك طيلة أيام الحج .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مثّل أبرز الوعود الانتخابية لرئيس الجمهورية : المجلس الأعلى للتربية والتعليم من أجل ترميم ما تداعى

انتظمت الخميس الماضي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم جلسة عامة حوارية بحضور وزير التربية ن…