التقدم في النظر في قضية «الجهاز السري» للنهضة.. الارتقاء من المسؤولية السياسية والأخلاقية إلى المسؤولية الجزائية
عيّنت دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الارهاب بمحكمة الاستئناف بتونس العاصمة جلسة يوم 1 أوت القادم للنظر في ملف ما يعرف بقضية الجهاز السري لحركة النهضة.
وكشف الناطق الرسمي باسم محكمة الاستئناف بتونس الحبيب الطرخاني لوكالة الانباء الرسمية ان هذا الملف ورد على الوكالة العامة منتصف جويلية الجاري بعد ان تولى قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب ختم البحث بشأنه.
ويشمل ملف القضية 35 متهما من بينهم خمسة متهمين موقوفين على ذمة القضية ذاتها وسبعة موقوفين في غيرها من القضايا و12 متهما في حالة سراح و 11 متهما في حالة فرار وعلى رأس قائمة الموقوفين البارزين راشد الغنوشي وعلي العريض وفتحي البلدي وكمال البدوي وعاطف العمراني فيما يعتبر كمال العيفي وخاصة مصطفى خذر أبرز الفارين.
وكما هو معلوم فان ملف القضية أثير مطلع سنه 2022 اثر شكوى قدمتها النيابة العمومية وهيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد والتيار الشعبي.
وكما هو معلوم أيضا فقد وجهت هيئة الدفاع وعائلتا الشهيدين وكذلك حزبيهما وقبل ذلك الجبهة الشعبية التي شاركا في تأسيسها تهما عديدة لعلّ أبرزها الاغتيال وكذلك بناء جهاز سري تم بواسطته اختراق مؤسسات الدولة وأبرزها المؤسسة الأمنية الى جانب التورط في عملية التسفير الى ما صار يعرف ببؤر التوتر وغيرها من الملفات ذات الصلة، ليس لحظة 6 فيفري 2013 أو 25 جويلية 2013 أيضا ولكن ما قبلهما وما بعدهما.
ولئن كانت المسؤولية السياسية والأخلاقية للنهضة في ما حصل ببلادنا أمرا ثابتا باعتبارها كانت تضطلع بأعباء الحكم، فإن تحميلها المسؤولية الجزائية ظل تحدّيا ساهمت عوامل كثيرة وأطراف عديدة في تعقيده لكن يبدو أننا وصلنا الى مرحلة متقدمة في كشف جوانب من الحقيقة الكبرى أو بالأحرى جملة من الحقائق الصغيرة التي ستبرز دون شك هذه الحقيقة الكبرى.
ومثل ما تم البتّ في ملف فرعي لقضية اغتيال الشهيد شكري بلعيد وإصدار أحكام ابتدائية شملت عددا من الأذرع الآدمية للأسف التي تولت تنفيذ الجريمة، تسير الأمور بنسق جيد في علاقة بملفات مترابطة منها ملف التسفير الذي حصل تقدم في تحقيقاته وكذلك قضية اغتيال شهيد الجمهورية الحاج محمد البراهمي.
ولا يمكن في هذا الاطار الفصل بين ما يحدث في الحقلين السياسي والقضائي، فثمّة ترابط وتقاطع سمح بتذليل الكثير من الصعوبات التي كانت تعوق التقدم في الاطلاع على بعض الملفات او استدعاء بعض المشتبه بهم والتجرؤ على ايقافهم.
واذا كان التقدم اليوم يسمح بكشف الحقيقة فلا مانع ولا حرج في تقديرنا في ذلك بل من الضروري ان يلعب القضاء دوره بكل مسؤولية وان تتوفر جميع ضمانات وشروط المحاكمة العادلة لكل من أخطإ وأجرم في حق الوطن بعيدا عن التوظيف من جهة، وعن جلد الذات من جهة أخرى، فالجرائم في حق البلاد والعباد لا تسقط بالتقادم، و«اللي غلط يخلّص» كما يقال في موروثنا الشعبي.
ولنا في التاريخ دروس وعبر حيث أخطأ النظام قبل ملحمة 14 جانفي 2011 غير المكتملة على سبيل المثال في التعاطي مع الاسلاميين واستغل معركته معهم للتضييق على الجميع في المجتمع المدني والسياسي وفي الاعلام والثقافة والقضاء والتعليم وغيره بحجة مجابهة الخطر الجاثم فانقلب عليه السحر، ونجح الاسلاميون بخطاب المظلومية والتقية ودعم الخارج، وفشل عموم التونسيين حين انتفضوا وأهدوا ثورتهم لـ«المظلومين اللي يخافو ربي» الذين سرعان ما خذلوهم وبرهنوا لهم أن الاسلام براء منهم..
ان جرائم التسفير والاغتيالات والجهاز السري وغيرها ليست جرائم بسيطة بل هي تمس في العمق الأمن القومي وقد كانت للأسف سببا رئيسيا في تعطيل التجربة الديمقراطية وانتكاستها في بلادنا وفتح الأبواب للتدخل الخارجي وهي اليوم قضايا رأي عام يحتاج الشعب لمتابعة أدق تفاصيلها انتصارا أولا لحقه، وثانيا جزاء لمن اقترف الجرائم في حقه، وثالثا البرهنة على أن القضاء، نزيه وناجز، وقادر على أن يكون أساس العمران.
بحكم دورها ومردوديتها : السياحة الداخلية بحاجة لمزيد الاهتمام..!
كشف رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار أحمد رجب أن السوق الداخلية تمثل ٪30 من النشاط ال…