حفاظا على السلم الأهلية ولدرء مخاطرها على المجتمع: مكافحة الجريمة أولوية أيضا..!
بتنا في الآونة الاخيرة نستفيق على أخبار جرائم فظيعة ترتكب في صلب العائلة من قبيل قتل الزوجات او الأبناء والأمهات والاعتداء على الأطفال القصّر بالعنف المادي أو الجنسي من قبل ذويهم أو مدرّسيهم أحيانا.
بالإضافة الى ظاهرة السطو والبراكاجات وكل ما يتصل بالسرقة بواسطة التهديد.
والحقيقة ان الشارع التونسي لم يعد آمنا بل اصبح عالي المخاطر خاصة على النساء والفتيات. كما ان وسائل النقل العمومي باتت هي الأخرى مصدرا للتهديد لأمن المواطنين فقد تعرضت في أكثر من مناسبة الى هجمات من منحرفين ومجرمين لسلب المواطنين تحت التهديد بالسلاح الأبيض.
ولم يعد خافيا على أحد ان هناك تفشيا كبيرا للجريمة في بلادنا بكل أنواعها بل إن هناك إيغالا في الوحشية والدموية في نوعية الجرائم المسجلة في الأعوام الأخيرة. وهي مؤشرات توحي بعمق التوترات التي يعيشها المجتمع التونسي بكل فئاته ويعكس حجم الإشكاليات التي تعانيها العائلة التونسية.
مرة أخرى تحتل المسألة الأمنية صدارة اهتمام رئيس الجمهورية قيس سعيد لدى استقباله وزير الداخلية السيد خالد النوري وكاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن الوطني السيد سفيان بالصادق.
وفي هذا السياق شدد رئيس الجمهورية على ضرورة مضاعفة الجهود من أجل التصدي لكل مظاهر الجريمة وتأمين المواطنين في كل مكان. والأكيد ان الظاهرة الإجرامية المتفشية في بلادنا تستلزم اليقظة الشديدة من القوات الأمنية والتصدي لها بكل صرامة.
والأكيد هنا أن الإجرام ليس دائما فعلا فرديا يقترفه شخص خارج عن القانون في سياق نفسي وعائلي ومجتمعي مخصوص بل هناك الجريمة المنظمة وهناك مجرمون ينشطون في شبكات دولية عابرة للقارات والأقطار خاصة مافيا المخدرات، التي وبكل أسف أصبحت ظاهرة في تونس. والتي تقف خلفها تقاطعات بين تجار هذه السموم وبين المتاجرين بالبشر ضمن شبكات دولية تنشط بالتنسيق مع مراكز نفوذ وقوى خارجية ليس من اجل جني الأموال فحسب وإنما بغية إحداث القلاقل والارتباك في بعض المجتمعات والمساس بالأمن القومي لبعض البلدان لغايات كامنة في أنفس خبيثة تحرّكها اجندات في صلب ما نسميه لعبة الأمم.
ومعلوم ان تونس مقدمة على حدث مهم ألا وهو الاستحقاق الانتخابي الذي بات قاب قوسين او أدنى بعد ان برزت تفاصيله للعموم ومن المنتظر ان يتوجه التونسيون يوم 6 أكتوبر المقبل الى صناديق الاقتراع لممارسة حقهم الانتخابي لاختيار رئيس الجمهورية التونسية للفترة المقبلة. والأكيد ان مثل هذا الحدث ينبغي ان يتم في أجواء اجتماعية مستقرة تماما وبعيدا عن التوترات.
وفي هذا الإطار من المهم التحلي بمهارات استشرافية من قبل قوات الأمن والتحسب واليقظة لأي فرضية ممكنة لأي اعمال إجرامية تهدف الى احداث بلبلة لا قدر الله للتشويش على الانتخابات المنتظرة . وبالتالي فإن القوات الأمنية مدعوة الى مضاعفة جهودها ويقظتها في هذه المرحلة من أجل وأد أي محاولة من هذا القبيل.
والأكيد أن مقاربة هذه الظاهرة الخطيرة تحتاج إلى تضافر كل الجهود حفاظا على السلم الأهلية ولدرء مخاطرها على المجتمع.
وإذا كانت المقاربة الأمنية هي الركن الأساسي لمقارعة الجريمة وملاحقة المجرمين بكل اصنافهم وإنفاذ القانون عليهم بالصرامة اللازمة باعتبار ان الدولة تمتلك حق استعمال «العنف المشروع» عندما يقتضي الأمر ذلك، إلا انه قطعا لا تكفي هذه المقاربة لوحدها لاستتباب الأمن في أي مجتمع كان.
فالعنف كظاهرة اجتماعية ونفسية ينبغي ان تقارب ثقافيا واعلاميا واقتصاديا أيضا. فمعلوم مثلا ان تردي الأوضاع المادية للأفراد يجرّ بعضهم الى البحث عن طرق غير قانونية أحيانا لتأمين الحاجيات فتكون السرقة وسيلة من الوسائل او السطو كذلك .
كما أن التوتر النفسي والشعور بالإحباط او اليأس قد يقود الى الجريمة وكذلك تدهور القيم والمعايير يمكن ان يسهل اللجوء الى الفعل الإجرامي بالإضافة قطعا الى الدور الذي يمكن ان يلعبه الإعلام وحتى الدراما والسينما في «تجميل الجريمة» إن جازت العبارة وهو ما يجعل المراهقين والشبان ينقادون الى الممارسات الإجرامية بدافع الرغبة في التجربة والبحث عن البطولات الزائفة.
ولهذا فإن الخبراء والباحثين في مجال علم الاجتماع وعلم النفس مدعوون الى الانكباب على هذه الظاهرة وعلى الوزارات المعنية الاهتمام بنتائج هذه البحوث والاستلهام منها لإيجاد الحلول اللازمة. كما انه على وسائل الإعلام القيام بدورها سواء عبر الحملات التحسيسية او عبر البرامج الثقافية التي من شأنها أن تخلق حالة من الوعي الجماعي بمخاطر الجريمة وطرائق مكافحتها.
ونحن في بداية عهدة رئاسية جديدة : تدشين مرحلة البناء وضماناتها..
الآن وقد منح الشعب التونسي تفويضا غير مسبوق للرئيس قيس سعيد لعهدة رئاسية أخرى فإن تونس قط…