2024-06-09

بعد تحديد مياه الريّ: هل باتت غابة القوارص في خطر؟

نداءات استغاثة متعاقبة بدأ يطلقها فلاحو ولاية نابل في الايام الاخيرة، خشية على غابة القوارص، وخوفا على محصول الموسم القادم، بعد أن حددت وزارة الفلاحة “حصة الجهة من مياه الري لأشهر جوان وجويلية وأوت بـ6 ملايين متر مكعب والتي لا تفي حتى بحاجة ثلث المساحات المروية العمومية”، وفق تعبير الناطق باسم اتحاد الفلاحين في الجهة.

السيد عماد الباي، رئيس اتحاد الفلاحة والصيد البحري بالجهة، يذهب بعيدا في تشاؤمه وتحذيره، ويقول، في تصريحات اعلامية، “لقد نزل خبر قرار وزارة الفلاحة بتحديد حصة ولاية نابل من مياه الري المتأتية من مياه الشمال بـ6 ملايين متر مكعب نزول الصاعقة على فلاحي الجهة، بما ينذر بموسم قوارص كارثي ويهدّد بزوال غابة القوارص واندثار قطاع ينشط فيه نحو 6 آلاف فلاح”.

وهي استغاثة مرعبة خاصة حين يتعلق الامر بقطاع مثّل لعقود فخرا لتونس ومورد رزق لاكثر من ستة آلاف فلاح وعامل فلاحي، وموردا للعملة الصعبة، وشكّل جزء لا يتجزأ من صورة تونس في العالم كله، بجودة الانواع التي ينتجها، وبتنوع الحمضيات والاقبال الكبير عليها في تونس وفي الخارج.

وبغضّ النظر عن الحسابات الاصلية لوزارة الفلاحة حول تقسيم الشمال وحصة كل منطقة من الريّ، فان هناك بلا شك أولويات قصوى لا بد من الحرص على ايفائها ما تستحق من عناية، لان التراجع عن الريّ ولو لفترة قصيرة جدا في قطاع حيوي كالقوارص، لا يحتمل العطش، سيكون كارثيا بكل معنى الكلمة.

كميات مياه الري الموزّعة في الموسم الفارط لم تتجاوز 20 بالمائة من الحصة المتفق عليها وكانت في حدود 8,5 ملايين متر مكعب في شهري جويلية و اوت 2023”، واذا استمرت بنفس النسق في الموسم الحالي، فان الكارثة واقعة لا محالة، وفق السيد الباي الذي قال ان منظمته “وقعت اتفاقا مع وزارة الفلاحة منذ 2018 للتزويد بمياه الري بالنسبة لولاية نابل يمتد على 7 سنوات وينصّ بالخصوص على تمكين الجهة من نحو 33 مليون متر مكعب لغابة القوارص في السنوات غير الممطرة، وبنحو 24 مليون متر مكعب في السنوات الممطرة، وبـ28 مليون متر مكعب في السنوات العادية”.

الجانب الرسمي يتحجج بضعف كميات الامطار التي هطلت خلال المواسم الاخيرة، ويعتبر ان جهات كثيرة وقطاعات عديدة لا بد لها من حصة كاملة من مياه الري المتأتية من مياه الشمال، لكن خصوصية منطقة القوارص بالوطن القبلي تفرض أيضا على الجهات المعنية خصوصا سلطة الاشراف، الانكباب على الازمة وايجاد الحلول مهما كانت صعبة، كالزيادة  في الكمية وحفر الابار العميقة من قبل الدولة والسماح للفلاحين بحفر الابار في مزارعهم، وتوفير موارد مائية اضافية، مهما كانت الصعوبات.

قرار وزارة الفلاحة الاخير زاد في تعقيد الوضعية الصعبة لقطاع القوارص، وبات تهديدا حقيقيا لاستدامة القطاع، حسب السيد الباي، مضيفا ان “هذه الوضعية قد تدفع الناشطين في قطاع القوارص الى اقتلاع اشجارهم او الى التوجه الى غراسات جديدة او انشطة فلاحية اخرى”.

وهي وضعية لا أحد يمكن ان يتخيل فداحتها على الجهة والبلاد، وما على الحكومة وتحديدا وزارة الفلاحة، ان كانت تروم ان لا تصل الجهة والبلاد الى هكذا كارثة، الا ان تتجند بكل طاقاتها وامكانياتها لايجاد الحلول المناسبة التي تجنّبنا وضعا لا يمكن حتى مجرد تخيله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لا بد من الرهان على الحزم الاداري والردع القانوني: الوعي المواطني وحده لا يكفي لحماية البيئة والمحيط

عادة ما يتداول التونسيون في موسم الاصطياف خصوصا، صورا ومشاهد وفيديوهات لمجموعات شبابية او …