2024-06-01

بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين : تونس تعمل على سنّ قوانين ونشر الوعي للحدّ من الظاهرة

تحتفل تونس كسائر بلدان العالم يوم31 ماي من كل عام مع منظمة الصحة العالمية وشركائها في كل مكان باليوم العالمي للامتناع عن التدخين، مع إبراز المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي التبغ والدعوة إلى وضع سياسات فعالة للحد من استهلاكه.

ويعد تعاطي التبغ أهم سبب منفرد للوفيات التي يمكن تفاديها على الصعيد العالمي علما بأنه يؤدي حاليا إلى وفاة واحد من كل عشرة بالغين في شتى أنحاء العالم.

ويكمن الهدف النهائي لليوم العالمي للامتناع عن التدخين وفق منظمة الصحة العالمية في المساهمة في حماية الأجيال الحالية والمقبلة من هذه العواقب الصحية المدمرة، بل وأيضا من المصائب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية لتعاطي التبغ والتعرض لدخانه.

وسيتيح اليوم العالمي للامتناع عن التدخين 2024 منبرا للشباب حول العالم يحثون منه الحكومات على حمايتهم من أساليب التسويق المخادعة الشرسة التي تمارسها صناعة التبغ. فهذه الصناعة تستهدف الشباب لتحقيق أرباح مدى الحياة من خلال إنشاء موجة جديدة من الإدمان.

وقد أصبح الأطفال يتعاطون السجائر الإلكترونية بمعدلات تفوق مثيلاتها بين البالغين في جميع الأقاليم، حيث يُقدّر عدد صغار السن من الفئة العمرية 15-13 عاماً الذين يتعاطون التبغ ما يصل إلى 37 مليون طفل حول العالم، كما يتسبب التدخين بـ 9 من كل 10 حالات لسرطان الرئة، وفقا لما ذكرته منظمة الصحة العالمية.

وما يزال تفاقم أعداد الوفيات بسبب التدخين يشكل هاجسا يؤرق السلطات والمنظمات الصحية في تونس، التي تحتل المرتبة الأولى عربيا في نسبة تعاطي التبغ، وفق إحصاءات أشرفت عليها منظمة الصحة العالمية، مما دفع تونس للعمل منذ سنوات على سن قوانين جديدة وإطلاق حملات للتحذير من مخاطر التدخين، وذلك بهدف مكافحة ارتفاع نسب المدخنين التي تزايدت في أوساط المراهقين والشباب من الرجال والنساء على حد سواء، وصارت أحد أبرز العوامل التي تسبب حالات الإصابة بأمراض خطيرة مثل السرطان وضيق التنفس وغيرها.

أرقام مفزعة!!!

أمام المؤشرات المفزعة ونسب الوفيات المرتفعة تواصل تونس مساعيها ومجهوداتها في خلق آليات جديدة ومتجددة للحد من ظاهرة التدخين، حيث تمثل نسبة التدخين في تونس عند الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة حوالي 7.7 بالمائة، بحسب دراسة وطنية أنجزت سنة 2017 بالتعاون بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.

ويعتبر التدخين حسب هذه الدراسة أحد أهم أسباب الوفيات المسجلة سنويا في الجلطة الدماغية (5642 وفاة)، وسرطان الرئة والأمراض التنفسية المزمنة (2078 وفاة)، والجلطة القلبية (144 وفاة)، وأمراض القلب والشرايين (1155 وفاة).

كما يعد سببا في الوفيات المسجلة في أمراض القصبات الهوائية المزمنة (582 وفاة)، وأمراض الروماتيزم والعظام (412 وفاة)، وأمراض الجهاز الهضمي والكبد (372 وفاة)، وسرطان الحنجرة (243 وفاة).

وفي هذا الإطار كشف حاتم بوزيان رئيس منظمة التحالف التونسي ضد التدخين، التي تضم أكثر من 10 جمعيات طبية وعلمية ومدنية ومنظمات خاصة تعمل جمعيها على مكافحة تعاطي التبغ، أن الأرقام المفزعة التي تتعلق بعدد المدخنين في تونس تستوجب جهودا كبيرة للحد من نزيف الوفيات، التي يتسبب فيها التدخين بشكل مباشر. ويعتبر الدكتور بوزيان أن  أرقام استهلاك التدخين وتداعياته الصحية الخطيرة مفزعة ومهولة، إذ أن نصف التونسيين من الرجال يتعاطون التبغ، وهذه النسبة ترتفع إلى 65 بالمئة في الفئة العمرية بين 25 و65 عاما، ما نتج عنه احتلال تونس المرتبة الأولى عربيا في التدخين مشيرا إلى مؤشرات التدخين لدى النساء التونسيات التي ما تزال غير دقيقة باعتبار أن الدراسات التي تقوم بها مكاتب الدراسات أو جمعيات مكافحة التدخين تتم أحيانا بحضور العائلة، والكثير من النساء تخفي استهلاكهن للتبغ لأسباب تتعلق بالعادات والتقاليد، لكن عدد النساء اللاتي يتعاطين السجائر في تونس مرتفع.

وقال بوزيان إن التدخين يتسبب في وفاة أكثر من 13 ألف تونسي سنويا، بمعدل 30 إلى 40 حالة وفاة يوميا، من بينهم أكثر من 2600 شخص فارقوا الحياة بسبب التدخين السلبي أو العيش مع مدخن في البيت أو المكتب أو غيرها من الأماكن وفق الإحصائيات التي أنجزتها منظمة التحالف التونسي ضد التدخين بالتعاون مع وزارة الصحة وبدعم منظمة الصحة العالمية في أواخر 2022، والتي خلصت إلى أن تونس الأولى مع الأردن ولبنان في نسبة المدخنين، لكن تونس الأولى في نسب الوفيات بسبب التدخين.

تداعيات وخيمة!!!

كشف رئيس التحالف التونسي ضد التدخين أن تداعيات ظاهرة استهلاك التبغ الاقتصادية وخيمة جدا، إذ تخسر تونس 2 بالمئة من الناتج الوطني الخام من جراء ارتفاع نسبة المدخنين، وذلك بسبب ارتفاع عدد أيام الغياب عن العمل واستيراد الأدوية الخاصة للعلاج من الأمراض التي يتسبب فيها التبغ، و50 بالمئة من المدخنين يموتون قبل سن 65 عاما بسبب التدخين، وهو السبب الرئيسي لسرطان الرئة، إذ أن 90 بالمئة من هذا النوع من الأورام سببه التدخين.

وأوضح حاتم بوزيان أن التدخين نوع من الإدمان، وكل ظاهرة إدمان تتطلب جهودا كبيرة وتواجه صعوبات أكبر للتعامل معها والخروج منها. «نحن نعمل تحت إشراف منظمة الصحة العالمية وبالتعاون مع عشرات الجمعيات العلمية وغيرها لتقليص أعداد المدخنين في تونس، لكن هناك أطراف أخرى علينا مواجهتها، وهي الشركات المصنعة للتبغ التي تحمل أهدافا تجارية وغايات ربحية».

مجهودات!!!

وضعت تونس إستراتيجية وطنية لمكافحة التدخين ارتكزت على 4 محاور أساسية هي التثقيف الصحي والتحسيس بمضار التدخين ووضع وتطوير التشريعات في مجال مكافحة التدخين والمساعدة على الإقلاع عن التدخين بالمنظومة الصحية التونسية (بعث 54 عيادة للغرض موزعة على الخطوط الصحية الثلاثة) ومراقبة ظاهرة التدخين عن طريق عمليات المسح الصحي. وفي سياق ذلك بدأت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العمل على هذا القرار في مقراتها والمؤسسات الراجعة لها بالنظر منذ شهر جوان 2022، بالتنسيق والشراكة مع منظمة الصحة العالمية إذ تشكلت لجان على مستوى الوزارة بتمثيل من منظمة الصحة العالمية، وتم العمل مدة عام على مقترح المنشور.

وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للامتناع عن التدخين الموافق لـ 31 ماي من كل عام نظمت وزارة الصحة في تونس يوما مفتوحا بعدد من الولايات تحت شعار «يوم عالمي دون تدخين» يتضمن العديد من الأنشطة والمداخلات العلمية للتحسيس بمضار التدخين وطرق التوقي منه وذلك بالتعاون مع كلية الطب بسوسة ومدرسة المهندسين بسوسة ومستشفى سهلول بسوسة وبالتعاون أيضا مع منظمة الصحة العالمية والتحالف التونسي ضد التدخين يوما علميا مفتوحا موحدا بين ولايات سوسة وصفاقس والمنستير. بالإضافة إلى تنظيم ورشة علمية تتضمن العديد من المداخلات على غرار «التدخين في تونس: الواقع والآفاق »، و «الإقبال على الأنواع الجديدة من التدخين بغية المساعدة على الإقلاع هي طرق جديدة للإدمان على التبغ»، و«المنتوجات الجديدة للتبغ: التحديات وما يجب فعله تجاهها بالتعاون مع كلية الطب بتونس».

تؤكد الجمعيات الناشطة في المجال والمهتمة بالتحسيس ضد التدخين على أن هذه الظاهرة تؤرق وتهدد المجتمع التونسي بالنظر إلى المؤشرات المرتفعة والمفزعة وتجمع جلها على ان التحسيس بمخاطر التدخين لا يمكن أن يتوقف ولا يمكن الحديث عن أهداف نهائية داعية إلى ضرورة  مضاعفة هذه الجهود وتنويعها والبحث عن أساليب جديدة واستنباط أخرى لتشجيع الإقلاع عن التدخين خاصة أمام اتساع قاعدة المدخنين في تونس وتفشي هذه الظاهرة لدى الناشئة خاصة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

ورشة عمل نظمها مجلس النواب بعنوان «عطلة الأبوة : الآثار الاجتماعية والاقتصادية وحالة التقدم في المنطقة» مشروع قانون إجازة الأمومة والأبوة بين الموجود والمأمول

ما يزال مشروع قانون إجازة الأمومة والأبوة في تونس محور نقاش وجدل سواء داخل وزارة الأسرة أو…