2024-05-24

في الذكرى الخمسين لتأسيس هيئته :  حال قطاع الهندسة المعمارية من حال فوضى المشهد العمراني

احتفل المهندسون المعماريون  مؤخرا بالذكرى الخمسين لتأسيس هيئتهم (هيئة المهندسين المعماريين بالبلاد التونسية) وباليوم الوطني للمعمار الذي يوافق يوم 22 ماي من كل سنة ويمثل هذا اليوم مناسبة للوقوف على واقع هذا القطاع الذي يعد حجر الأساس في البناء والتعمير والتنمية بصفة عامة والذي لم يعد خفيا مايمر به من صعوبات ومشاكل زادت من حدة القلق لدى منتسبيه وإستيائهم من اوضاعهم ومن وضع قطاع الهندسة المعمارية بصفة عامة في بلادنا في ظل مؤشرات سلبية على عدة مستويات لعل ابرزها تردي الوضع المادي والمعنوي للمهندس في اغلب مجالات الهندسة.

فحسب دراسة قامت بها عمادة المهندسين مؤخرا  أظهرت تدهور دخل المهندس في تونس مقارنة بنظيره في بلدان شقيقة اذ يبلغ معدل أجر المهندس في المغرب مثلا 4 أضعاف متوسط دخل المهندس التونسي ويصل إلى الضعفين في الأردن مما أدى إلى تدهور القدرة الشرائية للمهندس وهو ما ترتب عنه نزيف الهجرة  والبحث عن افاق افضل بارقام مفزعة فقد غادر تونس 39 الف مهندس من مجموع 90 الف مهندس مسجلين بالعمادة خلال الفترة الممتدة بين عامي 2015 و 2020 أي بمعدل 20 مهندسا مغادرا  للبلاد كل يوم حسب ما صرح به عميد المهندسين الاسبوع المنقضي  خلال مداخلة له امام لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي بالبرلمان.

وبالاضافة الى تردي الوضع المادي للمهندس بصفة عامة يعاني قطاع الهندسة المعمارية بصفة خاصة من عديد الصعوبات الاخرى  لعل اهمها قدم الإطار التشريعي فالقوانين التي تنظم مهنة المهندس المعماري في تونس ما تزال حسب اهل الاختصاص  ضعيفة جدا وقديمة مقارنة بالقوانين المقارنة خاصة في الدول التي شهدت نهضة معمارية كبرى هذا الى جانب عدم تفعيل بعض النصوص القانونيّة وعدم إدخال التنقيحات اللّازمة على القانون المنظم للمهنة الصادر منذ سنة 1974.

كما يشكو المتدخلون في المجال مما اعتبروه غياب الإرادة السياسية للرقي بهذه المهنة وتواصل اقصاء الدولة للمهندس المعماري على عديد المستويات بشكل حال دون قيامه بواجباته على أكمل وجه وهو ما نتجت عنه تداعيات سلبية  على مسار المهنة التي باتت تعاني من الدخلاء ومن عديد التجاوزات الاخرى التي تشوب تكوين المهندسين المعماريين في التعليم العالي الخاص.

ومما لا شك فيه ان غياب اهل الاختصاص الذين يفترض ان يحددوا مصير تونس  ومستقبلها انعكس سلبا على وضعية قطاع هو اساس  وجه البلاد لتنتج حالة الانفلات والفوضى  التي تعمقت شيئا فشيئا بعد الثورة طابعا معماريا وعمرانيا مشوها  لا يجسد عراقة الفن المعماري الضارب في تاريخ البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

يستمر في تونس الى غاية 2027 : إطلاق المرحلة الثانية من مشروع دعم النسيج والملابس بمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا

انطلقت رسميا  نهاية الاسبوع المنقضي المرحلة الثانية من البرنامج العالمي للنسيج والملابس جي…