2024-05-16

مقرّر لجنة الحقوق والحريات لـ«الصحافة اليوم» : من المهم الحفاظ على روح المرسوم 88 المنظّم لعمل الجمعيات..

يبدو أن المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المنظم للجمعيات وبعد ان مثّل منذ سنة 2016 محل عديد المحاولات لإعادة النظر فيه قد بدأ العد التنازلي لإنهاء العمل به، والمسألة لم تعد سوى مسألة وقت لتعويضه بقانون أساسي. وقد مثلت هذه المسألة محل نظر مجلس وزاري مضيق التأم بداية الأسبوع الجاري أشرف عليه رئيس الحكومة أحمد الحشاني بحضور وزراء العدل والداخلية والمالية بالإضافة الى محافظ البنك المركزي زهير النوري.

وفي بلاغ لها بيّنت رئاسة الحكومة ان مشروع القانون الأساسي الجديد المتعلق بتنظيم الجمعيات يهدف إلى تنظيم وتعصير آليات تأسيس الجمعيات وطرق سيرها مع الموازنة بين تكريس حرية العمل الجمعياتي والرقابة على تمويلاتها ونظمها المالية، وذلك بهدف دعم دورها كأحد مكونات المجتمع المدني ومساهمتها في تحقيق التنمية الشاملة. هذا وبعد التداول والنقاش حول الصيغة الحالية لمشروع هذا القانون الذي يتضمن سبعة أبواب، قرر المجلس الوزاري المضيق عرضه على أنظار مجلس الوزراء.

وبالتوازي مع ذلك نجد ان عشرة نواب من مختلف الكتل البرلمانية قد بادروا في شهر أكتوبر من السنة الماضية بتقديم مقترح مشروع قانون أساسي حول تنظيم الجمعيات تضمن 28 فصلا. وفي وثيقة شرح الأسباب بين النواب ان مبادرتهم تتنزل في إطار «تنظيم عمل الجمعيات واضفاء الشفافية على تعاملاتها المالية ووضع ضوابط للتمويل الأجنبي الذي استشرى منذ صدور المرسوم 88 لسنة 2011 وتم توجيهه لغايات غير التي من المفروض ان يوجّه لها».

وقد كان هذا المقترح محل نقد ورفض طيف واسع من مكونات المجتمع المدني ومع ذلك انطلقت لجنة الحقوق والحريات في جلسات الاستماع حوله مع عدد من المتدخلين في هذا الملف. وفي هذا الإطار تحدثت «الصحافة اليوم» مع النائب محمد علي مقرر هذه اللجنة الذي أفادنا بان لجنته قد كان لها سلسلة من جلسات الاستماع لممثلين عن البنك المركزي واللجنة التونسية للتحاليل المالية ووزارتي المالية والشؤون الاجتماعية وكذلك ممثلي دائرة المحاسبات. وكان ذلك في إطار البحث عن آليات الرقابة على التمويل وخاصة التمويل الخارجي.

وحول ما توصلت اليه جلسات الاستماع في ما يخص المبادرة التشريعية التي تقدم بها زملاؤه، أوضح النائب ان ممثلي الهياكل الذين استمعت لهم لجنة الحقوق والحريات قد توقفوا عند عديد مواطن الضعف خاصة في علاقة بالتضييق على عمل الجمعيات وحرية تكوينها. ليتواصل النقاش حول هذه المبادرة لتثمين الفصول التي لا تطرح إشكالا وتفادي الفصول التي تطرح بعض الإشكالات.

وأشار محدثنا ان الإشكال الذي سيعترض لجنته هو عند إحالة الحكومة لمشروعها الى البرلمان في نفس الوقت الذي تواصل فيه جلسات الاستماع على قاعدة النظر في مبادرة النواب. ودستوريا تكون الأولوية للمشروع الحكومي، لتجد اللجنة نفسها في حرج مع النواب أصحاب المبادرة ومع الأطراف التي تم الاستماع اليها، اذ ستضطر الى إعادة دعوتها لجلسات استماع على قاعدة النظر في مبادرة الحكومة. وهو نفس الإشكال الذي حدث مع مشروع قانون المسؤولية الطبية وسيحصل كذلك مع مشروع قانون اصدار الشيك دون رصيد.

وفي هذا الإطار دعا النائب محمد علي الحكومة الى تحيين وتنظيم علاقتها بالبرلمان في ما يخص المبادرات التشريعية. واعتبر انه من غير المقبول ان يجتهد النواب لتقديم مبادرة ثم يتم سحبها من اجل النظر في المبادرات الحكومية كما ان ذلك سيكون سببا في عدم اجتهاد النواب لتقديم مبادرات. وهنا دعا الى ضرورة التنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ما يخص التشريع، لتفادي معارك جانبية بلادنا اليوم في غنى عنها.

وبالرغم من إشارة رئاسة الحكومة إلى قرار عرض مشروع القانون الأساسي الجديد المتعلق بتنظيم الجمعيات على أنظار مجلس الوزراء، الا ان محدثنا استبعد التسريع في المصادقة عليه لدواعي إجرائية وإعادة جلسات الاستماع وتوسيع قائمة الأطراف التي سيتم الاستماع اليها.

ومن منطلق خصوصية لجنة الحقوق والحريات فان هناك قناعة بأنه لا يمكن وضع آلاف الجمعيات في سلّة واحدة واعتبار ان جميعها محل شبهات، اذ هناك جمعيات تتعلّق بها شبهة الفساد المالي وغسل الأموال وتمويل الإرهاب وذلك مثبت بالوثائق. وهذه الجمعيات يمكن محاسبتها اعتمادا على ترسانة من القوانين التي وضعت لذلك. وبالتالي فان اللجنة تتوجه الى عدم التضييق على الجمعيات لوجود الآلاف التي تعمل بنزاهة وأخرى في حاجة للتمويل لتواصل نشاطها. كما ان هذه الجمعيات لا يمكن انكار معاضدتها لمجهود الدولة في مجال التشغيل وفي القيام بدورها المجتمعي في عديد المجالات.وفي هذا الإطار أوضح محدثنا انه من المهم الحفاظ على روح المرسوم 88 الذي مثّـل نقلة نوعية في حرية التنظم في مجال الجمعيات بتونس ويعتبر مكسبا يجب البناء عليه وتجاوز ما ورد فيه من نقاط ضعف واخلالات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في‭ ‬إطار‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وحفاظا‭ ‬على‭ ‬التوازنات‭ ‬الاجتماعية: انطلاق‭ ‬تنفيذ‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لفائدة‭ ‬الفئات‭ ‬الهشة

صدر‭ ‬يومي‭ ‬9‭ ‬و10‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬جويلية‭ ‬الجاري‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬الأمر‭ ‬المتعلق‭ ‬بضبط…