2024-05-02

التربية على الاستهلاك الصحي والمستدام : القافلة الوطنية تحطّ رحالها في العديد من المدارس 

مواصلة لأعمالها التحسيسية والتوعوية والتثقيفية لفائدة الأطفال بهدف توجيههم لاعتماد  الاستهلاك الصحي والسليم كسلوك جيد في حياتهم  مع مراعاة مبدإ الحفاظ على  البيئة والمحيط بمعنى «الاستهلاك المستدام» حلت القافلة الوطنية للتربية على الاستهلاك بالوسط المدرسي في دورتها الثامنة مع شركائها المعهد الوطني للتغذية والتقنيات الغذائية والوكالة الوطنية مؤخرا  بالمدرسة الابتدائية النور للمكفوفين بئر القصعة.

وغيرها من الزيارات الاخرى التي شملت العديد من المدارس على امتداد السنوات الماضية فقد ارتكزت مجهودات  القافلة على تقديم أنشطة تفاعلية وتشاركية مع التلاميذ والإطار التربوي من خلال تمارين وأمثلة تطبيقية كما تم توزيع دعائم اتصالية وتنظيم ورشات يؤمنها مختصون  حول محاور مختلفة تهدف جميعها إلى تربية الناشئة على السلوك الغذائي السليم ولعل من ابرزها فهم وتشفير تأشير المنتجات الغذائية والمقارنة بينها من خلال تقييم المواد الأولية المستعملة وسلاسل الإنتاج والتحسيس  بمراعاة حفظ المواد وتقليص التبذير وحول الاستهلاك الرشيد للماء والمحافظة على المحيط وحول التغذية السليمة والمتوازنة والانتقال الغذائي وانعكاساته على الصحة وعلى تفاقم الأمراض غير السارية.

حيث يعمل المعهد الوطني للاستهلاك على معاضدة مجهودات الدولة  على مستوى مجالات الاستهلاك والتحسيس والتوعية وخاصة في ما يتعلق بالتبذير الغذائي وترشيد الاستهلاك وفي هذا الإطار واستنادا للاتفاقية المبرمة بينه وبين وزارة التربية، وبالشراكة مع المعهد الوطني للتغذية والتقنيات والوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات الغذائية، يتولى المعهد الوطني للاستهلاك الاشراف على القافلة الوطنية للتربية على الاستهلاك بالوسط المدرسي قصد توعية وتحسيس التلاميذ حول الاستهلاك المستدام والمسؤول.

ورغم ارتفاع اسعار اغلب المواد الاستهلاكية الغذائية وتراجع المقدرة الشرائية للمواطن التونسي الا ان ارتفاع مستويات التبذير مايزال يمثل السمة البارزة في سلوك المستهلك التونسي حيث كشفت بيانات صادرة عن المعهد الوطني للاستهلاك، أن تبذير الطعام يزداد بشكل كبير خلال شهر رمضان نتيجة انفاق    العائلات  أكثر على  حاجياتها من المواد الغذائية خوفا من فقدانها من الأسواق و التي تضطر في ما بعد لإلقاء كميات كبيرة منها في حاويات النفايات   و تقدر قيمة الأغذية المهدورة من الأسر سنويا بنحو 576 مليون دينار (184.74 مليون دولار)، وفق أرقام  المعهد الوطني للاستهلاك التي  أكدت تنامي ظاهرة تبذير الطعام في سلوك التونسيين، خاصة خلال شهر رمضان وذلك بإتلاف 66 بالمائة من المأكولات و في مقدمتها الخبز الذي يأتي على رأس قائمة المواد التي تلقى في القمامة، بنسبة 46 بالمائة تليه الغلال  بنسبة 30  بالمائة، والحلويات بنسبة 20  بالمائة، واللحوم بـ19 بالمائة، والحليب ومشتقاته بـ18 بالمئة، والخضر بـ14 بالمئة، والمشروبات بـ13.4 بالمئة، والبيض بـ5.5 بالمئة، وهي نسب تعد مرتفعة في ظل الصعوبات الاقتصادية.

وفي سياق متصل تطرقت خلال الاسبوع الماضي جمعية جذور وتنمية مستديمة في بلاغ لها بعنوان « التبذير الغذائي في تونس فهم المشكلة حتى نتمكن من السيطرة عليها»  إلى الخسائر المالية التي تقع على عاتق الأسر التونسية والدولة بسبب هذا التبذير وإسهامه في التلوث كما أقرت بالحاجة الملحة الى إيجاد حلول مؤكدة أن  «التبذير الغذائي أصبح  مشكلة حقيقية في تونس التي يجب حلها لأنه يساهم في تقليل توفر الغذاء، وتسريع التدهور البيئي ويزيد من استيرادات المواد الغذائية التي تعتمد عليها البلاد بالفعل بشكل كبير» وبحسب ما وثقه المعهد الوطني للاستهلاك فان الخبز المهدر يكلّف حوالي 100 مليون دينار للمجموعة الوطنية أو حوالي 22.2 ٪ من ميزانية تبلغ 450 مليون دينار خصّصتها الدولة لدعم دقيق الخبز.

ومن الناحية البيئية، أكدت الجمعية ان التبذير الغذائي هو مصدر هام للتلوث إذ  يساهم في الاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية وتدهور النظم الإيكولوجية وبالتالي في انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتعطيل الدورات البيولوجية الجيوكيميائية والنظم الإيكولوجية، والاستهلاك المفرط للموارد المائية، وتآكل التربة، وفقدان التنوع البيولوجي. ويتمّ التخلّص من معظم الطعام المهدر ، فيصبح نفايات ومصدرًا مهمًا للتلوث، خاصة مع الأساليب الحاليّة لإدارة النفايات، التي تتّسم بانخفاض معدّلات تغطية الجمع والاستخدام شبه الآلي لدفن النفايات داعية الى ضرورة  إشراك أكبر عدد ممكن من الأطراف المعنيّة حتى يتسنّى قياس الخسائر وتحديد خطة وطنية لمكافحة جميع أشكال التبذير الغذائي قبل الإنتاج وبعده وتنفيذ الإجراءات اليومية لتقليل الخسائر والإهدار»، هذا ما أكّده مؤلفو الدراسة مبيّنين أن مكافحة التبذير الغذائي تتّبع مقاربات مختلفة. فوفقًا لمقاربة فرديّة، سيتعيّن على كل مواطن وكل طرف معنيّ تحديد مصادر تبذيره الغذائي لتجنّبه. وباستخدام مقاربة قطاعيّة، يمكن لكل قطاع، مثل الفنادق والمطاعم والمراكز التجارية، أن يعمل بصفة مباشرة على مصادر تبذيره. ووفقًا لمقاربة محلّيّة أو وطنيّة، يجب على البلديات أو الدولة وضع التدابير والإطار القانوني والتنظيمي والحوافز الكافية لمكافحة التبذير الغذائي. ومن الممكن أيضا التفكير من حيث القطاع حتى يتعين على كل جهة فاعلة الدخول في حوار مع روابطها والجهات الفاعلة الأخرى لتطوير سلسلتها الغذائية في ميادينها بهدف الحدّ من التبذير والخسائر بصورة جماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

القطاع الفلاحي من الحشرة القرمزية إلى ذباب الزيتون …أي مصير قادم..؟

يعتبر القطاع الفلاحي قطاعا استراتيجيّا وحيويّا، لا في تونس فقط، بل في العالم ككلّ، إذ أنّ …