2024-04-28

للحدّ‭ ‬من‭ ‬توافد‭ ‬الأفارقة‭ ‬ومحاولة‭ ‬توطينهم‭ ‬في‭ ‬بلادنا: حراك‭ ‬برلماني‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬اقتراح‭ ‬مبادرتين‭ ‬تشريعيتين‭..!‬

‎بعد‭ ‬ان‭ ‬صرحت‭ ‬ان‭ ‬الحل‭ ‬لمعضلة‭ ‬المهاجرين‭ ‬الافارقة‭ ‬المتوافدين‭ ‬على‭ ‬تونس‭ ‬هو‭ ‬ترحيلهم‭ ‬وإعادتهم‭ ‬إلى‭ ‬أوطانهم‭ ‬وإعلانها‭ ‬عن‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬ترويج‭ ‬عريضة‭ ‬شعبية‭ ‬لجمع‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬إمضاء‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬لرئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬سند‭ ‬شعبي‭ ‬عندما‭ ‬يتخذ‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬القرار،‭ ‬كشفت‭ ‬فاطمة‭ ‬المسدي‭ ‬النائبة‭ ‬عن‭ ‬جهة‭ ‬صفاقس‭ ‬أمس‭ ‬بأنها‭ ‬ستقوم‭ ‬رفقة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬بإطلاق‭ ‬مبادرتين‭ ‬تشريعيتين‭. ‬تتمثل‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬تجريم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بتسويغ‭ ‬منازل‭ ‬أو‭ ‬محلات‭ ‬للأجانب‭ ‬بتونس‭ ‬دون‭ ‬رخصة،‭ ‬اما‭ ‬المبادرة‭ ‬الثانية‭ ‬فتتمثل‭ ‬في‭ ‬تجريم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تورط‭ ‬في‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص‭ ‬بتونس‭.‬

ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬التحرك‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬شعبي‭ ‬او‭ ‬برلماني‭ ‬بسبب‭ ‬أزمة‭ ‬المهاجرين‭ ‬الأفارقة‭ ‬غير‭ ‬النظاميين،‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬محل‭ ‬قلق‭ ‬المواطنين‭ ‬التونسيين‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬تدفقا‭ ‬غير‭ ‬عادي‭ ‬للأفارقة‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬يؤتونها‭ ‬تجاه‭ ‬أهالي‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬يتواجدون‭ ‬فيها‭ ‬وسلوكهم‭ ‬العنيف‭ ‬ضدهم‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الوقائع‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬عديد‭ ‬المناطق‭ ‬تم‭ ‬تشبيه‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬بـاالاحتلالب‭. ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬الى‭ ‬إطلاق‭ ‬دعوات‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬لترحيل‭ ‬المهاجرين‭ ‬الأفارقة‭ ‬الذين‭ ‬توافدوا‭ ‬وما‭ ‬يزالون‭ ‬بأعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬بلادنا،‭ ‬وباتوا‭ ‬حسب‭ ‬عديد‭ ‬المتابعين‭ ‬يهددون‭ ‬أمنها‭ ‬القومي‭.‬

ونظرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جهة‭ ‬صفاقس‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬توافد‭ ‬الأفارقة،‭ ‬فان‭ ‬النائبة‭ ‬عن‭ ‬الجهة‭ ‬فاطمة‭ ‬المسدي‭ ‬أكدت‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬احتقان‭ ‬مجتمعي‭ ‬كبير‭ ‬هناك،‭ ‬بسبب‭ ‬أزمة‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬النظاميين‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬رفضها‭ ‬لما‭ ‬وصفته‭ ‬بسياسة‭ ‬التوطين‭. ‬لتدعو‭ ‬الى‭ ‬المضي‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬سياسة‭ ‬الترحيل‭ ‬الطوعي‭ ‬لهؤلاء‭. ‬وقد‭ ‬عبرت‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬المناسبات‭ ‬عن‭ ‬اسفها‭ ‬لتعمّد‭ ‬بعض‭ ‬التونسيين‭ ‬تغذية‭ ‬تواجدهم‭ ‬واسهامهم‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬والتمعش‭ ‬منها‭.‬

وقد‭ ‬دفعت‭ ‬التطورات‭ ‬الخطيرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬جدت‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬العامرة‭ ‬بولاية‭ ‬صفاقس‭ ‬النواب‭ ‬الى‭ ‬التحرك‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إعداد‭ ‬مبادرة‭ ‬تشريعية‭ ‬تهدف‭ ‬الى‭ ‬تجريم‭ ‬من‭ ‬يتولى‭ ‬تسويغ‭ ‬محل‭ ‬للأجانب‭ ‬بلا‭ ‬ترخيص‭ ‬وبلا‭ ‬اجراءات‭ ‬قانونية‭ ‬معينة‭ ‬وأخرى‭ ‬تهدف‭ ‬الى‭ ‬مكافحة‭ ‬تجارة‭ ‬البشر‭ ‬ومعاقبة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يسهّل‭ ‬عمليات‭ ‬توطينهم‭. ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يلفت‭ ‬الانتباه‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬هو‭ ‬وجود‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ‬عدد‭ ‬61‭ ‬لسنة‭ ‬2016‭ ‬المتعلق‭ ‬بمنع‭ ‬الإتجار‭ ‬بالأشخاص‭ ‬ومكافحته‭ ‬والقانون‭ ‬عدد‭ ‬7‭ ‬لسنة‭ ‬1968‭ ‬المتعلق‭ ‬بحالة‭ ‬الأجانب‭ ‬بالبلاد‭ ‬التونسية‭.‬

وهنا‭ ‬يمكن‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬الجدوى‭ ‬من‭ ‬المبادرتين‭ ‬التشريعيتين‭ ‬التي‭ ‬أعلن‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬عن‭ ‬نية‭ ‬اعدادهما‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬أفادنا‭ ‬علي‭ ‬نني‭ ‬أستاذ‭ ‬القانون‭ ‬الخاص‭ ‬بأن‭ ‬تجريم‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬ينص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬التونسي‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتجريم‭ ‬تسويغ‭ ‬محل‭ ‬للأجانب‭ ‬فانه‭ ‬حسب‭ ‬تعبيره‭ ‬مفرغ‭ ‬من‭ ‬معناه‭ ‬باعتبار‭ ‬ان‭ ‬ذلك‭ ‬يحيل‭ ‬على‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬حرية‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬تأجير‭ ‬محلاتهم‭ ‬لمن‭ ‬يشاؤون‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التدخل‭ ‬الا‭ ‬بعد‭ ‬ثبوت‭ ‬تأجير‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬محله‭ ‬لشخص‭ ‬يمارس‭ ‬فيه‭ ‬نشاطا‭ ‬غير‭ ‬مسموح‭ ‬به‭ ‬قانونا،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬منع‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬تأجير‭ ‬محلاتهم‭ ‬للأجانب‭ ‬باعتبار‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬أجانب‭ ‬لهم‭ ‬صفتهم‭ ‬القانونية‭. 

وأضاف‭ ‬محدثنا‭ ‬ان‭ ‬التجريم‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أخطر‭ ‬النقاط‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬لان‭ ‬الأصل‭ ‬في‭ ‬الأشياء‭ ‬هي‭ ‬الإتاحة‭. ‬وبالتالي‭ ‬في‭ ‬تقديره‭ ‬قبل‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬العميق،‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬الانتباه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التجريم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اقتراحه‭ ‬بطريقة‭ ‬اعتباطية‭. ‬ليذكّر‭ ‬بان‭ ‬تجريم‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬التونسي‭ ‬ليتساءل‭ ‬عما‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يضيفه‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬مبادرتهم‭ ‬التي‭ ‬بادروا‭ ‬بإعدادها‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬تجريم‭ ‬كراء‭ ‬المحلات‭ ‬للأجانب‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬الأستاذ‭ ‬نني‭ ‬انها‭ ‬مسالة‭ ‬دقيقة‭ ‬جدا‭ ‬وأنها‭ ‬مسالة‭ ‬سيادية‭ ‬وقد‭ ‬تمس‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية،‭ ‬وانه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬التجريم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المسالة‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬زاوية‭ ‬نظر‭ ‬ضيقة‭ ‬او‭ ‬محددة‭ ‬وان‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بمسألة‭ ‬توافد‭ ‬الأفارقة‭ ‬على‭ ‬بلادنا،‭ ‬ليشدد‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬اضرار‭ ‬على‭ ‬بلادنا‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الإيجابيات‭. ‬وأضاف‭ ‬انه‭ ‬لو‭ ‬هناك‭ ‬إرادة‭ ‬لمكافحة‭ ‬توافد‭ ‬المهاجرين‭ ‬غير‭ ‬النظاميين‭ ‬من‭ ‬أفارقة‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬فان‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬باعتماد‭ ‬التجريم‭ ‬وانما‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬بعديد‭ ‬الوسائل‭ ‬والمقاربات‭ ‬الأخرى‭.‬

وأوضح‭ ‬محدثنا‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬ان‭ ‬يؤجر‭ ‬محلا‭ ‬سواء‭ ‬لمواطن‭ ‬تونسي‭ ‬او‭ ‬أجنبي‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬العلم‭ ‬بانه‭ ‬سيتم‭ ‬استغلاله‭ ‬في‭ ‬نشاط‭ ‬مخالف‭ ‬للقانون‭. ‬ليضيف‭ ‬انه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬التنصيص‭ ‬في‭ ‬المبادرة‭ ‬القانونية‭ ‬المقترحة‭ ‬على‭ ‬استثناءات،‭ ‬فان‭ ‬صورة‭ ‬البلاد‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬الميزان،‭ ‬خاصة‭ ‬وان‭ ‬تونس‭ ‬عرفت‭ ‬بانها‭ ‬دولة‭ ‬منفتحة‭ ‬على‭ ‬الأجانب‭ ‬وتدعو‭ ‬للاستثمار،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬مسألة‭ ‬تجريم‭ ‬تسويغ‭ ‬محل‭ ‬للأجانب‭ ‬تعطي‭ ‬صورة‭ ‬مخالفة‭ ‬لذلك‭. ‬وبالتالي‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬اعتبره‭ ‬الأستاذ‭ ‬علي‭ ‬نني‭ ‬متناقضا‭ ‬مع‭ ‬توجهات‭ ‬الدولة‭ ‬الكبرى‭ ‬سواء‭ ‬منها‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬وتشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬أو‭ ‬المتعلقة‭ ‬بحرية‭ ‬الأفراد‭ ‬التونسيين‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتهم‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يخالفوا‭ ‬القانون‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

زيارة وفد عن البنك العالمي إلى تونس : متابعة سير برامج التعاون القائمة وبرنامج العمل للفترة القادمة

يزور بلادنا هذه الأيام وفد عن البنك العالمي. وقد استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد أمس الأول…