استمرت تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج في السنوات الأخيرة في تحقيق نتائج إيجابية، الأمر الذي منح تونس أكثر من مرة فرصة لتعزيز احتياطاتها النقدية من العملة الصعبة لاسيما في ظل ما تشهده من صعوبات مالية وتذبذب مردودية القطاعات الإستراتيجية بحكم ان هذه التحويلات المالية تعدّ موردا أساسيا يدعم احتياطات البنك المركزي كما أنها تخفف ضغوطات ميزان المدفوعات.

ووفق بيانات حديثة نشرها البنك المركزي التونسي، بلغت عائدات التونسيين المقيمين بالخارج 1810 مليون دينار خلال الربع الأول من سنة 2024 مقابل 1738 مليون دينار خلال نفس الفترة من السنة السابقة.

وتكشف هذه الأرقام تحسن مردودية هذا القطاع الواعد الذي ظهرت بوادر تعافيه بداية من سنة 2006 حيث ارتفعت قيمة التحويلات بوضوح بين سنتي 2006 و2016 من 2006 مليون دينار (690 مليون دولار) إلى أكثر من 3.8 مليار دينار (1.35 مليار دولار).

ومع أن مردوديتها تراجعت نسبيا بعد ذلك، الا انه تزامنا مع أزمة كوفيد 19 عادت الحيوية إلى مؤشرات القطاع ، حيث ارتفعت قيمة هذه التحويلات سنة 2021 بنسبة 28 بالمائة مقارنة بنتائج سنة 2000.

وتواصل هذا النسق الإيجابي توازيا مع ارتفاع أعداد التونسيين بالخارج حتى انها بلغت خلال شهر أكتوبر سنة 2022 قرابة 7,15 مليار دينار مسجلة زيادةً بنسبة 13.5 بالمائة مقارنة بنفس الفترة الزمنية من سنة 2021، محققة بذلك ضعف العائدات السياحية.

واقتصاديا، تمثل هذه التحويلات رافدا هاما للاقتصاد الوطني نظرا لما تحمله من ايجابيات على بقية القطاعات حيث تساهم هذه الموارد المالية بنسبة 32 بالمائة في مخزون العملة الصعبة، وبنحو اثنين في المائة من إجمالي المداخيل الضريبية للدولة، وهي بذلك تمثل 5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، وحوالي 20 في المائة من الودائع في البنوك.

وفي ظل ما يعانيه الوضع الاقتصادي الحالي من صعوبات بعد أن تعثرت نسبة النمو نتيجة ركودٍ أغلب الانشطة الاقتصادية تزامنا مع ارتفاع معدّلات التضخم إضافة إلى الاختلالات المالية التي تعاني منها خزينة الدولة، باتت خيارات الدولة محدودة وتقتصر على التعويل على مواردها الذاتية على غرار دعم الصادرات والاستثمار وتحسين الإنتاج والإنتاجية وخاصة تحفيز قطاعي السياحة وتحويلات التونسيين المقيمين بالخارج بعدما أثبتا بالأرقام جدواهما الاقتصادية في الأشهر الأخيرة.

وبالعودة إلى قطاع التحويلات المالية للتونسيين بالخارج، يذكر ان ارتفاع عددهم في السنوات الأخيرة ساهم بشكل مباشر في تحسن مؤشرات هذا القطاع، وقد بلغ عددهم أكثر من 1.7 مليون شخص ممثلين بذلك حوالي 12 في المئة من إجمالي عدد سكان البلاد موزعين بين اورويا والعالم العربي حيث تستقطب أوروبا لوحدها حوالي 85.7 بالمائة منهم ( 55.8 بالمائة منهم بفرنسا و15.1 بالمائة بإيطاليا و6.6 بالمائة بألمانيا) بينما يتواجد 10 بالمائة من التونسيين مقيمين في الدول العربية. وبسنّ قوانين محفزة على الاستثمار وتشجيعهم على تحويل مبالغ هامة من أموالهم، تسجل خزينة الدولة موارد إضافية من العملة الصعبة ويتحسن واقع التنمية الجهوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

البنك الدولي: تحسن الاقتصاد التونسي يستوجب تطوير الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة

«تأثر تعافي الاقتصاد التونسي سنة 2023 بالجفاف الشديد، وظروف التمويل الضيقة والوتيرة المحدو…