رئيس الجمهورية في لقائه برئيسة اللجنة الوطنية للصلح الجزائي : لاوجود لخيار ثالث.. إرجاع الأموال أو التتبّع الجزائي..
يواصل رئيس الجمهورية قيس سعيد اهتمامه بملف الصلح الجزائي ومتابعة تقدمه. ومن هذا المنطلق التقى أمس الأول برئيسة اللجنة الوطنية للصلح الجزائي وذلك بعد أقل من شهر من تعيينها وبقية الأعضاء الجدد للجنة بناء على قانون الصلح الجزائي المنقح للمرسوم عدد 13 لسنة 2022 الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب خلال منتصف شهر جانفي الفارط.
وحسب هذا اللقاء فإن الرئيس أبدى تشبثه بإعادة أموال الشعب وبمحاسبة المتخلفين عن الالتزام بما اعتبره مطلبا شعبيا. ومرة أخرى ذكّر بمحاولات عدد من المعنيين بإجراء الصلح الجزائي التلاعب بالإجراءات بهدف التقليص من قيمة المبالغ المطالبين بإعادتها للدولة، أو التهرب تماما من هذا الإجراء. وهذا الامر غير مقبول كما انه لن تمنح للمتخلفين عن فض ملفاتهم فرصة أخرى وسيكون التتبع الجزائي مصيرهم. في المقابل فإن من سيحرصون على المضي في الصلح الجزائي واستكمال إجراءاته فقد وعدهم سعيد بعودتهم الى ما يتعاطونه من أنشطة اقتصادية «بمنأى عن أي ابتزاز من أي جهة كانت». وذكر من جديد بانه لا مفر لمن تمتعوا بأموال الشعب من غير وجه حق الا دفع ما عليهم، باعتبار انه لن تؤخذ في الحسبان للحيلولة دون ذلك لا وساطة من أطراف داخلية ولا أطراف خارجية. وهو ما يؤكد عمل رئيس الجمهورية على حسم ملف الصلح الجزائي بما يحفظ حقوق الدولة من جهة ولا يعطل الاستثمار من جهة أخرى.
وكان من المنتظر بعد تعيين أعضاء اللجنة الجديدة للصلح الجزائي بناء على قانون الصلح الجزائي الذي تمت المصادقة عليه في البرلمان في جانفي الفارط ان تنطلق اللجنة في أعمالها والنظر في مطالب الصلح. ومنطقيا يمثل النظر في الملفات القديمة التي توصلت اليها اللجنة المنتهية إحدى أولوياتها وذلك في إطار استمرارية العمل. وبالتالي من باب التسريع في نسق اعمالها لن تطالب أصحاب الملفات السابقة بإيداع ملفات أخرى في المقابل تدعوهم الى القيام بالإجراءات التي نص عليها القانون الجديد وتسهر هي كلجنة على تطبيقها.
وفي إطار اجراء الصلح الجزائي فإن رجال الأعمال المتورطين في نهب ثروات البلاد هم مطالبون وفق قيمة الأموال المتخلدة بذمتهم، بإنجاز مشاريع تنموية داخل المناطق المفقرة والأقل حظا في التنمية، تتعلق ببناء مدارس ومستشفيات ومرافق خدمات وتوفير موارد رزق للعاطلين عن العمل وغيرها. وقد بدت اللجنة الوطنية للصلح الجزائي في أول وهلة في طريق مفتوح لاستعادة أموال الدولة المنهوبة ممن تورطوا في اختلاس المال العام وتوظيفها في تحقيق مشاريع واستثمارات في البلاد، لكنها واقعيا لم تنجز مهمتها في الوقت المحدد ما أدى إلى إنهاء مهام أعضائها وتعديل المرسوم المتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته، وتعويضه بقانون نص على تعيين أعضاء آخرين في لجنة الصلح الجزائي وعلى اجراءات عساها ان تضفي مزيد النجاعة والحوكمة على المسار ككل ليكون فرصة للأطراف المعنية به لتسوية وضعياتهم، وإعادة أموال الشعب عبر إنجاز مشاريع تعود بالفائدة عليه.
وبالرغم من أن ملف الصلح الجزائي يمثل أحد أبرز اهتمامات الرئيس قيس سعيد، باعتبار أهميته في ظل الوضع المالي والاقتصادي الراهن الذي تمر به البلاد وتعطل قطار التنمية فيها، الا ان الجدل حول امكانية تحقيق هذا الإجراء للأهداف المرجوة منه مازال متواصلا. وهذا الجدل مبني على القانون المنظم له ومدى القدرة على تطبيقه على أرض الواقع. إذ يرى البعض أن ما تضمنه من إجراءات هي غير قابلة للتحقيق. فيما يرى البعض الآخر عكس ذلك وأنها بإمكانها ان تؤدي الى عقد مصالحة اقتصادية مع رجال الاعمال المعنيين بالصلح الجزائي، كما أنها بإمكانها تحقيق مردودية اقتصادية وتنموية لا بأس بها بشرط معالجة كل القضايا بالشفافية اللازمة ودون محسوبية.
وللتذكير فان النائب ياسر القوراري، رئيس لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب كان قد كشف في احدى المناسبات أن لجنة الصلح الجزائي التي تشكلت سنة 2022 لم تتمكن من جمع سوى قرابة 27 مليون دينار. وهو ما يعتبر أبعد ما يكون عن المبلغ المرتقب استرجاعه من رجال الأعمال والذي يعد بآلاف المليارات. وهنا يكمن الرهان المستوجب على لجنة الصلح الجزائي بتركيبتها الجديدة رفعه، حيث أنها مطالبة بمضاعفة هذا المبلغ مئات وآلاف المرات.
وقد كان رئيس الجمهورية قد اسدى توصياته بأن يتم تحميل من سيتم تعيينهم بلجنة الصلح الجزائي المسؤولية كاملة في التدقيق في الملفات التي ستعرض عليهم قبل أن تعرض على مجلس الأمن القومي الذي من دوره أن يقرّ مبلغ الصلح أو يرفّع فيه أو يرفضه كما نص على ذلك القانون. وبالتوازي مع ذلك دعا الى ضرورة تذليل كل الصعوبات الإدارية التي قد تواجه هذه اللجنة خاصة مع الإدارات واللجان المعنية بالصلح الجزائي.
حراك ديبلوماسي متواصل ومتنوع : تنويع العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة وتطويرها
تمثل السياسة الخارجية التي تنتهجها بلادنا احدى النقاط المضيئة، اذ وفق ثوابت معينة تعمل على…