2024-03-30

بعد الإقالات الأخيرة في عدد من المناصب العليا في الدولة : على المسؤولين في الدولة التقاط الرسالة كاملة…

شهدت الأيام القليلة الماضية إقالات لعدد من الوزراء ومسؤولين في مناصب عليا للدولة بعد زيارات مفاجئة لرئيس الجمهورية والاطلاع على تقصيرهم في أداء واجبهم وثبوت عدم كفاءتهم وجدارتهم بالمنصب، وهو ما يدفع بقية المسؤولين في الدولة في مختلف الهياكل والإدارات والوزراء والولاة والمعتمدين وغيرهم الى ضرورة التقاط هذه الرسالة التي تفيد بحتمية العمل للمصلحة العامة ومعالجة مشاكل المواطنين في كل ربوع البلاد والالتصاق بالمواطن للتعرّف على مشاغله الحقيقية وبذل كل الجهود الممكنة للاستجابة لانتظاراته.

وجميعنا نتذكر حجم الخراب الذي عاينه رئيس الدولة في وزارة الثقافة والمنشآت التابعة لها وسوء التصرف والتسيير والحالة مشابهة تقريبا في علاقة بوزارة النقل باختلاف الاختصاص والتفصيلات طبعا.

وتتالت الإقالات صلب المناصب العليا للدولة خلال الأيام القليلة الماضية حيث أعلنت وزارة الداخلية عن إنهاء مهام المعتمد الأوّل بولاية صفاقس الحبيب البلغوثي  وتعيين محمد قدودة خلفا له كما تم أيضا أول أمس الخميس إنهاء مهام المعتمد الأوّل بولاية القيروان الشاذلي جهيناوي وتعيين سامي العابدي خلفا له،وتم مؤخرا إعفاء كل من واليي المهدية والمنستير من مهامهما.

ان المسؤولين في الدولة اليوم وخاصة الولاة والمعتمدين مطالبون بتغيير برامج ونسق عملهم وفق ما تقتضيه عناوين المرحلة والالتصاق أكثر بالمواطن للتمكن لاحقا من اقتراح الحلول الواقعية والإصلاحات الضرورية التي تهدف إلى تحسين الوضعية الاجتماعية للمواطنين وتحسين جودة الخدمات المسداة المختلفة والمتنوعة.

كما ينتظر من كافة المسؤولين في المناصب العليا في الدولة وفي الإدارات والهياكل المركزية والجهوية اتخاذ القرارات الجريئة والمناسبة والخروج من حالة التذبذب والانكماش وذلك لا يتحقق الا بالدراية الكافية والمعرفة بالسياسات العامة للدولة في مختلف المجالات وخاصة في ما يتعلق بالمجال التنموي والجهوي وأن تكون لديهم الكفاءة والخبرة اللازمتين للتعامل مع المستجدّات التي يمكن أن تطرأ في أي زمان وفي أي مكان.

عامل آخر لا يقل أهمية على ما ذكرناه آنفا يتمثل في كسب ثقة المواطنين واحترامهم وهو رهين العمل الجاد والصادق وتكريس مبدإ العدالة والمساواة أمام الجميع والسعي إلى دفع كافة المشاريع المحلية والجهوية التي ترجع بالنفع على البلاد والعباد وتخلق الثروة وتحسّن من الظروف المعيشية لـ«التوانسة» الذين ينتظرون من المسؤول اليوم المعاملة الجيّدة والاحترام المتبادل وتقديمه الإضافة أينما يكون والقطع مع منطق «الحقرة» والتمييز والمحاباة.

فالمواصلة في الالتزام بالعمل المكتبي للمسؤولين في الدولة وعدم بذل مجهودات إضافية لإيجاد حلول لكبرى الملفات المطروحة في أي جهة أو منطقة من ولايات الجمهورية سيعمّق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية ويصبح عائقا أمام التنمية وحاجزا أمام الإسراع في انجاز المشاريع المبرمجة ومهددا للسلم الاجتماعية، وهو ما يتطلب وفق هذا الطرح وخاصة بعد استكمال تنصيب المجالس المحلية ومجلس الأقاليم والجهات وانتخاب المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة التشريعية الثانية) المرور إلى السرعة القصوى وتكثيف العمل الميداني والتنسيق المشترك مع كافة الأطراف المعنية التي تمثل الدولة وهياكلها لدفع التنمية وتنفيذ توجّهات الدولة وسياساتها العامة في مختلف المجالات والقطاعات.

وفي هذا السياق يتنزل لقاء رئيس الجمهورية قيس سعيّد بقصر قرطاج أول أمس الخميس برئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزير الداخلية كمال الفقي والذي أكد خلاله.. «على ضرورة أن تكون الإدارة بوجه عام في خدمة الاختيارات التي حدّدها الشعب التونسي لأنه في كثير الأحيان لا تنفذ القرارات أو يقع تأجيلها بحجة احترام الإجراءات التي تمطط أو تختصر بحسب إرادة من هو مكلّف بإنفاذها».

وفي علاقة بعمل السلط الجهوية فقد أكد رئيس الدولة على ضرورة قيام السلط الجهوية والمحلية بدورها كاملا وأن يتولى كل مسؤول معالجة مشاكل المواطنين وأن يكون قدوة في التعفف وفي العطاء غير المحدود وعلى كل مسؤول  جهوي أو محلي أن لا يغيب عنه أنه يمثل الدولة ويحرص على وحدتها وعلى تناغم كل مؤسساتها وتكاملها.

ونعتقد أن الفرصة مازالت سانحة لممثلي الدولة في المناصب العليا في السلط الجهوية والمحلية والمركزية وفي الإدارة لتعديل البوصلة وفق متطلبات المرحلة وإحكام تنفيذ  السياسات العامة للدولة في مختلف القطاعات والمجالات وفق التوجهات العامة الاقتصادية والاجتماعية التي تضعها الدولة.

فاضطلاع كافة المسؤولين في الدولة اليوم كل من موقعه ومنصبه على المستوى المحلي والجهوي والمركزي  بمسؤولياتهم كاملة بما يخدم المصلحة العامة للدولة ومطالب الشعب المشروعة خاصة في علاقة بما هو اجتماعي واقتصادي من شأنه أن يحقق التناغم والتكامل بين مختلف مؤسسات الدولة ويسهّل تحقيق كافة البرامج المزمع تنفيذها بما يعود بالنفع على الشعب ويساهم في تحسين أوضاعه الاجتماعية.

كما أن ممثلي الدولة في مختلف المؤسسات والهياكل مطالبون بإعطاء المثال في التصرف والسلوك وتنفيذ الالتزامات المنوطة بعهدتهم وذلك في تناغم مع السياسة العامة وتنفيذ مختلف البرامج التي تضبطها الدولة في مختلف القطاعات والمجالات وإيجاد حلول لمختلف الإشكالات العالقة وتذليل الصعوبات والاستجابة لانتظارات الشعب الحقيقية والتي تكون عادة في التصاق وثيق باحتياجاته اليومية انطلاقا من ضمان جودة الخدمات الإدارية وتوفير مواطن الشغل لأهالي المنطقة وضمان الحق في الصحة والتعليم والنقل بالجودة المطلوبة وتحسين الخدمات المسداة والعناية بنظافة وجمالية المدن وبالبنى التحتية للطرقات والمرافق العمومية وضمان الأمن الغذائي للتونسيين بتوفير كافة المواد الأساسية وإنفاذ القانون على المتجاوزين من الذين يعبثون بقوت الشعب والحرص على تأمين كل ذلك وفي زمن معقول،إعلاء لهيبة الدولة وتكريسا لدورها الاجتماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

«صَمْتٌ»..إلى حين..!

 ساعات قليلة تفصلنا عن موعد الاقتراع في الانتخابات الرئاسية 2024 داخل تونس بكافة تراب الجم…