2024-03-27

تسبب في فرار آلاف التونسيين خارج البلاد : مراجعة قانون «الشيكات» يجب أن تراعي مصالح جميع الأطراف

بلغ عدد الشيكات المقاصة الكترونيًا سنة 2023 قرابة 25.27 مليون شيكً بقيمة إجمالية بـ 123.9 مليون دينار، تم رفض 417 ألف شيكًا وقدرت قيمة الشيكات المرفوضة بـ3.5 مليار دينار، أي ما يعادل نسبة 2.84 % من قيمة الشيكات ضمن العمليات المتبادلة. ودائما وفق البنك المركزي التونسي ، فقد بلغت الشيكات المرفوضة لعدم كفاية الرصيد أو انعدامه  سنة 2022 حوالي 392 ألف شيك من مجموع 25.3 مليون شيك جرى تداولها، أما قيمة الشيكات المرفوضة فقد بلغت 2.9 مليار دينار تونسي من القيمة الإجمالية للشيكات  وارتفعت عمليات الدفع عن طريق الشيكات خلال سنة 2022 بنسبة 16.8 في المائة مقارنة بسنة 2021. ووفق ذات البيان، فان عملية رفض الشيكات تعود بنسبة 0.5 في المائة الى أخطاء شكلية وبنسبة 1 في المائة إلى عدم توفر الأرصدة الكافية موضحا ان عدد هذه القضايا سيشهد ارتفاعا لاسيما في ظل عدم أخذ قرار بشأن قانون «الشيكات» والذي سبق رئيس الجمهورية تكليف السيدة وزيرة العدل بإعداد هذا المشروع تنقيح أحكام الفصل 411 من المجلّة التجاريّة بهدف تخفيف من وطأة الإجراءات القانونية والعقوبات السجنية في خصوص القضايا المتعلقة بإصدار شيك دون رصيد المصنفة ضمن الجرائم المالية التي تستوجب السجن في حال عدم السداد.

وعموما مثلت الدعوة الى تنقيح هذا المشروع مطلبا ملحا لعدد من الخبراء ولاسيما المختصين منهم في الشأن الاقتصادي لما له اثر مباشر على نشاط الدورة الاقتصادية  بحكم ان ارتفاع عدد الموقوفين والمحكومين وفرار آلاف التونسيين إلى الخارج بعد دخولهم في دوامة العجز المالي لعدم القدرة على الخلاص حيث يوجد أكثر من « 189 موقوفً في قضايا شيكات دون رصيد، بينما هناك 238 سجينً  وقع الحكم عليهم، وجميعهم تتعلق بهم 10058 قضية» وفق تصريح سابق لوزيرة العدل التونسية ليلى جفال التي أكدت أن عدد الملفات المنشورة بالمحاكم بما فيها المتعلقة بمن هم في حالة سراح وفي حالة فرار ومن هم موقوفين ومحكومون، بلغ 200010 قضايا.

وتتعلق اغلب هذه القضايا بعدد كبير من رجال الأعمال وصغار المستثمرين وأصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة، الأمر الذي يعكس بوضوح الصعوبات التي تواجهها المؤسسات التونسية للنفاذ إلى التمويل وندرة السيولة وجعل الصك يحيد عن وظيفته الأصلية وهي الاستخلاص إلى أدوار أخرى من المفترض أن تضطلع بها البنوك وهي الاقتراض والتمويل.

وبالعودة الى قانون الشيكات ونخص بالذكر «قضايا الشيكات دون رصيد» والذي أثار جدلا  وسط دعوات بضرورة إلغاء العقوبات السجنية المترتبة عنها، فقد أكد ممثّل عن وزارة العدل، خلال جلسة استماع له يوم  8 مارس الجاري تحت قبة البرلمان، ان مراجعة هذا القانون تعد «ذات أولوية» لأنها تتعلّق بعدة جوانب منها الاقتصادية والاجتماعيّة والاستثماريّة موضحا أنّ التأخير في إحالة مشروع القانون المتعلق بتنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية (المتعلّق بالعقوبات المترتّبة عن الشّيك دون رصيد) يتطلب دراسة معمقة من اجل ان تكون عملية تعديله «ناجعة» ودافعة للاقتصاد الوطني خاصة وان المشروع الجديد تضمن أحكاما تراعي طبيعة المعاملات المالية التي تبقى من مسؤوليات المؤسسات البنكية والمالية.

ولان مشروع هذا القانون يهدف بالأساس الى جعل التعامل بالصكوك البنكية وسيلة «آمنة وموثوقة»، عبر تحمل المؤسسات البنكية والمصرفية مسؤوليتها في حوكمة إصدار الشيكات وصرفها من جهة ومن جهة أخرى تعديل المنظومة القانونية للشيكات لتكون أكثر سلاسة مع المدين، تمنح الفرصة للمستثمرين في مشاريع صغرى ومتوسطة للبحث عن طرق أخرى لحل مشاكلهم المالية بعيدا عن أسوار السجون أو خارج ارض الوطن. وهذا من شأنه ان يضمن معاملات مالية شفافة قادرة على ضمان ديمومة انشطة المؤسسات الصغرى والمتوسطة المقدر عددها بحوالي 960 ألف مؤسسة أي ما يُمثِّـل أكثر من 80 بالمائة من النسيج الاقتصادي و تساهم بأكثر من 50 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. ورغم أهميتها الاقتصادية إلا أن أصحاب هذه المؤسسات يعانون من عرقلة البنوك لملفات التمويل ومن فرض شروط مجحفة على القروض. الأمر الذي أجبرهم على استعمال «الشيكات» وأصبحوا بالتالي أول ضحايا الفصل 411.

ويعاقب الفصل 411 من القانون التجاري التونسي  بالسجن مدة خمسة أعوام وبغرامة تساوي 40 في المائة من مبلغ الشيك أو من باقي قيمته على ألا تقل عن 20 في المائة من مبلغ الشيك أو باقي قيمته على كل من أصدر شيكاً ليس له رصيد سابق وقابل للتصرف فيه أو كان الرصيد أقل من مبلغ الشيك أو استرجع بعد إصدار الشيك كامل الرصيد أو بعضه أو اعترض على خلاصه. وتجدر الاشارة إلى أنه تنظيم وقفة احتجاجية تساند المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو العام في قضايا شيكات دون رصيد يوم 28 مارس الجاري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مع تزايد الضغوطات المالية المسلطة على الميزانية : الترخيص للبنك المركزي إقراض الدولة يثير مخاوف حول استقلالية المؤسسة المالية

صادق أمس مجلس النواب على مقترح الفصل الذي تقدمت به وزيرة المالية سهام البوغديري بإضافة فصل…