2024-03-22

تونس تحتفل باليوم العالمي للمياه وسط تحدّيات ومخاوف من تعمّق الأزمة : «الحق في الماء»..بين الواقع والتشريع..!

تحت شعار «الماء في خدمة السلام» تحتفل  تونس كسائر الدول باليوم العالمي للمياه لسنة 2024 وسط جملة من التحديات والمخاوف من  احتداد الأزمة خلال الفترة القادمة خاصة بعد موجة الجفاف التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية والتي  أدت إلى تراجع  مخزونات السدود الى درجة حرجة مع حلول منتصف مارس 2023 بحوالي 390 مليون متر مكعب، مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2022.

وتؤكد منظمة الأغذية والزراعة تراجع موارد المياه العذبة في جميع مناطق العالم خلال الـ  30  سنة الماضية فيما يشهد توفر المياه وجودتها على المستوى العالمي تراجعًا بوتيرة مقلقة للغاية.

وتزداد في المقابل التحديات المحدقة بالمياه على غرار موجات الجفاف والفيضانات بسبب تغير المناخ وتزيد من الإجهاد على عاتق الموارد المائية في كوكب الأرض وتشير التوقعات المناخية في أن تونس ستعرف انخفاضا في هطول الأمطار سيصل إلى 22 مليمترا بحلول عام 2050، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 9 في المائة مقارنة بالمستويات الحالية، وسيبلغ 45 مليمترا في عام 2100، أي سينخفض 18 في المائة.

ويسلّط يوم المياه العالمي لعام 2024 الضوء على الدور المحوري الذي تؤديه المياه في إرساء السلام والاستقرار والازدهار على المستوى العالمي .فعندما تكون المياه شحيحة أو ملوثة، أو عندما يفتقر الناس للفرص المتكافئة للحصول على المياه أو حين تنعدم فرص حصولهم عليها، قد تنشأ توتّرات بين المجتمعات المحلية والبلدان بينما يمكن للتعاون السلمي بشأن المياه أن يؤدّي إلى تعاون سلمي في جميع القطاعات بحسب الأمم المتحدة.

وتعيش تونس هذه الوضعية المائية الحرجة في ظل تأخر صدور مجلة المياه والتي يطالب المهنيون ومن بينهم المرصد التونسي للمياه بضرورة ان تنص بشكل صريح على أن الخدمات المتعلّقة بالماء لا ينبغي أن تدخل في مجال الشراكات بين القطاعين العمومي والخاص وأرجع المرصد التونسي للمياه طلبه الذي أورده في اطار مذكرة توجيهية حول مجلة المياه انه من الأولى اعتبار الماء مكسبا عموميا على أن يتم اعتباره خدمة أو سلعة عمومية.

وفي إطار الاحتفال باليوم العالمي للمياه لسنة 2024 ينظم   المرصد لقاء حول موضوع «المياه في فلسطين من التعايش إلى التهجير» بتونس العاصمة وذلك لتسليط الضوء على الأوضاع بالأراضي المحتلة علاوة على عديد المداخلات حول الوضعية المائية في تونس.

كما ستحتفل ايضا مدينة العلوم بتونس باليوم العالمي للماء يوم الجمعة 22 مارس الجاري  وذلك بهدف رفع مستوى الوعي بين الناس بأهمية المياه ومكانتها في مجتمعاتنا والحاجة الملحة لحمايتها والمحافظة عليها. وفي هذا السّياق، أعدّت مدينة العلوم بتونس برنامجا ثريّا ومتنوعا .

وينظم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالقيروان ندوة صحفية تحت عنوان « الحق في الماء بين التشريعات والواقع» وذلك يوم السبت 23 مارس 2024 سيتم خلالها عرض أرقام وإحصائيات حول الاحتجاجات المائية في ولاية القيروان مع شهادات حية لضحايا العطش وذلك في إطار المناصرة الإعلامية لمطالبهم في التمتع بالماء الصالح للشرب كمّا وجودة وبالسعر المناسب.

وتشير المعطيات الى ان تونس تحتل المرتبة 30 عالميا من حيث ندرة المياه مقارنة مع بقية بلدان البحر الأبيض المتوسط، وبالاعتماد على معدل حصّة الفرد من المياه البالغ 420 متر مكعب سنويا، تعدّ تونس تحت عتبة الشح المائي المقدّرة بــ 500 متر مكعب في السنة لكل ساكن. وبحسب مخطّط العمل المعتمد لسنة 2024 ولا سيما في علاقة بمجابهة الشح المائي وإعطاء الأولوية لمياه الشرب، ستعمل الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه لمجابهة ذروة الاستهلاك خلال صائفة 2024، وفق الخطة المرسومة على  إعداد برنامج يحتوي على 83 تدخلا بمختلف ولايات البلاد، سواء من حيث استغلال المياه الجوفية المتاحة عبر حفر آبار عميقة خاصة بالمناطق المزودة كليا بمياه جوفية، والقيام بعمليات الصيانة اللازمة مع تغيير وتجديد بعض تجهيزات الضخ، أو من حيث العمل على التوعية بترشيد الاستهلاك والاقتصاد في الماء، إضافة إلى السعي إلى إدخال محطتي تحلية مياه البحر بكل من الزارات وصفاقس حيز الاستغلال قبل صائفة 2024.

وتهدف الدراسة الإستراتيجية لقطاع المياه في أفق 2050 إلى تأمين التوازنات المائية والانتقال من إدارة العرض إلى إدارة الطلب، باعتماد التصرّف المندمج والمستديم في الموارد، مع التأكيد على الجوانب الكمية والنوعية والأبعاد الاقتصادية والتكنولوجية والبحث العلمي اذ سترتكز الدراسة  على تأمين مياه الشرب كأولوية مطلقة وذلك حسب خصوصية كل إقليم ، كما ستعتمد نموذجا ديناميكيا يأخذ بعين الاعتبار ضغوطات التأثيرات المناخية والديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية.

على أن يتم الاعتماد على التقنيات الحديثة للاقتصاد في المياه بمناطق الواحات وتعزيز الأمن الغذائي المستدام ومراقبة جودة المياه والتحكم في التلوث والتخفيف من حدة تأثيرات التغيرات المناخية، مع التوجه نحو الزراعات التي تتأقلم مع هذه الظاهرة والعمل على توحيد جميع مؤسسات المياه في دائرة واحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

78 بالمائة منهم يريدون العودة : هل ستنجح  تونس في استعادة  كوادرها الطبية؟

كشفت نتائج دراسة أصدرها معهد الدراسات الاستراتيجية في مارس 2024،حول هجرة مهنيّي الصحّة ان …