الرئيس ينهي مهام وزير النقل ووزيرة الثقافة ..ومبرّرات الإقالة تكاد تعلن عن نفسها..!
أعلنت رئاسة الجمهورية في بلاغ مقتضب أصدرته مساء أمس الأول على صفحتها الرسمية ان الرئيس قيس سعيد قد أقال كلاّ من وزير النقل ربيع المجيدي ووزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي. وكلف كلاّ من وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزنزري الزعفراني ووزير التعليم العالي والبحث العلمي منصف بوكثير بتسيير شؤون الوزارتين بصفة مؤقتة.
وتعتبر إقالة كل من وزيرة الشؤون الثقافية ووزير النقل هي الأولى في حكومة أحمد الحشاني، والتي تأتي عقب سلسلة من الإقالات السابقة التي شملت حكومة نجلاء بودن. ولقد كانت سنة 2023 حافلة بالإقالات التي شملت عددا من الوزراء وتعيين من يخلفهم، اذ شهدت في بداية شهر جانفي اقالة وزيرة التجارة وقبل موفى الشهر ذاته تم تعويضها بوزيرة أخرى. وفي نفس الشهر تمت اقالة كلّ من وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري ووزير التربية وتم تعيين وزيرين آخرين خلفا لهما. وفي شهر فيفري قرر رئيس الجمهورية إقالة وزير التشغيل والتكوين المهني وفي شهر ماي أقال وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة وفي أكتوبر أقال وزير الاقتصاد والتخطيط. ولم يتم تعيين وزراء جدد خلفا لهؤلاء الوزراء الثلاثة المقالين الا في شهر جانفي 2024، كما أعلنت رئاسة الجمهورية عن تعيين ثلاثة كتّاب دولة جدد، في الحكومة الحالية التي يقودها أحمد الحشاني.
واللافت ان البلاغات التي تنشرها رئاسة الجمهورية للإعلان في كل مرة عن اقالة هذا الوزير او ذاك تأتي مقتضبة ولا توضح أسباب الإقالات ولا تبررها. ويبدو انه لاداعي للإتيان عن الأسباب، باعتبار ان واقع مختلف القطاعات التي يشرف عليها الوزراء المقالون وحده يمكن ان يكون مبرّرا لإقالتهم. فالزيارات الميدانية غير المعلنة والمكثفة التي دأب رئيس الجمهورية على القيام بها، مثلّت فرصة للاقتراب من المواطنين والاستماع الى مشاغلهم ومن كشف الواقع المرير الذي يعيشونه في حياتهم اليومية بسبب ضعف الخدمات العامة وسوءها. وهي فرصة ايضا لكشف ما طال عديد المنشآت في مختلف القطاعات والمجالات والميادين سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية او رياضية او دينية من اهمال وتهميش وخراب بسبب الفساد الذي ينخر البلاد وتقصير المسؤولين وفي مقدمتهم الوزراء الذين لا يعترفون بالعمل الميداني ولا يؤمنون بأهمية دوره في اصلاح وضعية القطاعات التي يشرفون عليها.
وكانت الزيارة التي أداها الرئيس قيس سعيد أمس الأول إلى مستودع القطارات بجبل جلود ومحطة المترو الخفيف بتونس البحرية وما عاينه من سوء حوكمة من جهة وسوء وضعية أسطول القطارات والمترو وسوء ظروف صيانتها، وما يسببه ذلك من معاناة يومية للمواطنين مع النقل العمومي القطرة التي أفاضت الكأس وتسببت في إقالة وزير النقل عقب الزيارة مباشرة. علما وان الرئيس كان قد نبّه في مناسبات سابقة لحجم المشاكل التي يعانيها قطاع النقل وحجم الفساد والخراب الذي يشكوه هذا المرفق العمومي الأساسي للتونسيين وما يستدعيه من مجهودات استثنائية لإصلاح ما يمكن إصلاحه غير أن الحاصل هو العكس حيث أن أزمة النقل العمومي لم تنفك عن التفاقم.
أما وزيرة الثقافة فقد كانت الزيارة الميدانية غير المعلنة التي قام بها رئيس الجمهورية في فيفري الفارط لعدد من المؤسسات الثقافية والمكتبات بالمدينة العتيقة وما اكتشفه من كمّ التدمير والخراب الذي طالها، اذ عوضا عن ترميمها وصيانتها قد تم التفويت في الكثير منها الى الخواص في إطار صفقات مشبوهة وفساد لا غبار عليه، قد كشفت عما طال منشآت تحت ملكية الدولة من تفويت، ما يعتبر جرما في حق تاريخ البلاد ومعالمها الأثرية التي أضحت مادة للبيع والتصرف فيها بطرق مشبوهة.
وللأسف فإنّ كل الزيارات الميدانية التي اداها الرئيس كانت مخيّبة للآمال، حيث كشفت عن كمّ التقصير الحاصل من قبل المسؤولين تجاه الوزارات او القطاعات او المؤسسات. وفي كل مرة يكال لهؤلاء ما تيسر من عبارات اللوم بسبب ضعف أدائهم وتقصيرهم تجاه مسؤولياتهم والاخلالات التي تشوب عملهم. وفي بعض الأحيان تصل الأمور الى إقالة هؤلاء المسؤولين وتعويضهم بآخرين. ولئن تعتبر عملية الإقالة كعقاب وتعويض الشخص المقال أمرا بديهيا الا ان تغيير أسماء او اشخاص بآخرين غير ذي معنى ان لم تتغير طرق التسيير ولم يتغير فهم معنى المسؤولية ولم تتغير كذلك السياسات العامة خاصة امام التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب مردودا حكوميا استثنائيا لتجاوزها.
حراك ديبلوماسي متواصل ومتنوع : تنويع العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة وتطويرها
تمثل السياسة الخارجية التي تنتهجها بلادنا احدى النقاط المضيئة، اذ وفق ثوابت معينة تعمل على…