ساهم عمل لجان المراقبة المشتركة على التجّار ومسالك التوزيع والتخزين في الآونة الأخيرة بالتوازي مع تفعيل التشريعات وإنفاذ القانون على المحتكرين والعابثين بـ «قوت الشعب» والاستراتيجية المتبعة من قبل الدولة لتعديل السوق والتحكم في الأسعار وتلافي نقص بعض المواد الغذائية في الحدّ من ندرة بعض المواد الغذائية الأساسية.

فأغلب مناطق البلاد شهدت تقريبا وفرة في المواد الغذائية الأساسية خلال هذه الأيام وأصبحت أغلب المواد الغذائية الأساسية والتي تدخل ضمن التقاليد الغذائية والثقافة الاستهلاكية للتونسيين متواجدة في أغلب المحلات والمغازات الكبرى وبكميات معقولة كالسكر والحليب والقهوة والأرز مع بعض التذبذب في التزويد بالزيت النباتي المدعّم الذي نأمل أن يتم حل مسألة التزويد بهذه المادة وبالكميات اللازمة وتوزيعها على مستحقيها من فئات الشعب التونسي خاصة في المناطق الداخلية ومن الطبقات المتوسطة والفقيرة.

في المقابل لاحظنا في الآونة الأخيرة تجاوز «أزمة الخبز» الأخيرة  فغابت بذلك الطوابير التي كنّا نشاهدها أمام المخابز بعد توفير طلبات المواطنين واحتياجاتهم من الخبز بجميع أنواعه، ويعود ذلك إلى العمل المتواصل من قبل لجان المراقبة المشتركة وهياكل الإشراف التي فعّلت آليات الرقابة وكثفت من العمل الميداني على مسالك التوزيع والتخزين والتجّار  بالتوازي مع الترفيع في نسبة «السميد» و«الفارينة» للمخابز حسب أصنافها المحددة والإستراتيجية التي ضبطت للغرض بهدف تعديل السوق وتوفير الأمن الغذائي لكافة التونسيين.

ويعتبر هذا الانفراج في توفير المواد الغذائية الأساسية والمرور من الندرة إلى الوفرة في وقت زمني معقول مؤشرا ايجابيا ورسالة طمأنة للتونسيين خاصة مع حلول شهر رمضان الذي لا يفصلنا عليه إلا ساعات قليلة يسعى خلالها المواطن التونسي في كافة ربوع البلاد للاستعداد الجيّد لهذا الشهر المعظّم واقتناء كافة مستلزمات «قفة» رمضان.

ولعّل تأكيد  مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة، حسام الدين التويتي أنّ وضعية الأسعار ستكون أكثر أريحية لعدة مواد استهلاكية بفضل الوفرة والإجراءات المتخذة على مستوى أسواق الجملة بتسقيف أسعار اللحوم الحمراء والدواجن، فضلا عن التدخّلات التعديلية من اللحوم الحمراء الموردة المبردة وتحديد هوامش ربح قصوى لبيع الأسماك من شأنه أن يضمن مرور شهر رمضان في أفضل الظروف خاصة مع الارتفاع الصاروخي للأسعار في الفترة الأخيرة والتي شملت أغلب المواد الغذائية تقريبا ومختلف أنواع اللحوم الحمراء والدواجن والذي تزامنت أيضا مع انهيار غير مسبوق للمقدرة الشرائية للمواطن.

كما من شأن الإجراءات المتخذة في  المجلس الوزاري المضيّق المنعقد مؤخرا والذي خصص لضبط كافة استعدادات الوزارات لشهر رمضان أن تساهم وبشكل مباشر في تعديل السوق والتخفيض في الأسعار أو تجميدها وضمان وفرة المواد الغذائية الأساسية وفي توفير كافة مستلزمات «التوانسة» وضمان استعدادهم الجيّد لهذا الشهر المعظّم وبأسعار معقولة ومقبولة، على غرار المساعدات التي تم إقرارها لفائدة العائلات المعوزة والعائلات محدودة الدخل والترفيع في عدد المنتفعين ببرنامج تدخلات الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي، والأخرى المتعلقة بتأمين تزويد السوق بالمواد الأساسية و تكثيف نقاط البيع من المنتج إلى المستهلك بكامل الولايات التونسية ومراقبة سلامة المنتجات الغذائية.

فتوفير الأمن الغذائي ووفرة المواد الغذائية الأساسية والتحكم في الأسعار من خلال تسقيفها من قبل الهياكل المعنية من شأنه أن يضمن مرور شهر رمضان في أفضل الظروف وذلك بالتوازي مع إحكام التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية، وتكثيف فرق المراقبة الاقتصادية، من خلال توخّي المتابعة اليومية لتطور مؤشرات السوق والحفاظ على شفافية المعاملات والتصدي لمختلف مظاهر الاحتكار، من شأنه التحكم في الأسعار وضمان اتخاذ القرارات أو الإجراءات الفورية والناجعة في صورة تسجيل أي اخلالات أو نقص في بعض المواد للتدارك الآني والحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن التي انخفضت لأسباب متعددة ومختلفة.

ونعتقد أن تكريس الدور الاجتماعي للدولة ينطلق من ضمان الأمن الغذائي للتونسيات والتونسيين في كامل تراب الجمهورية التونسية وتوفير أغلب المواد الأساسية وبالكميات المطلوبة والضرورية وبالتحكم في الأسعار وتكثيف المراقبة الاقتصادية الميدانية وعمل اللجان المشتركة وإنفاذ القانون على كل المخالفين باعتبار أن الأمن الغذائي يعدّ مسألة سيادية بامتياز وفي ضمانها ضمان للاستقرار و للسلم الاجتماعية وانتصار وإنصاف للمواطن التونسي في كل شبر من ربوع البلاد.

هذا الدور الاجتماعي لمسناه في حالة الانفراج المسجّلة مؤخرا في علاقة بوفرة المواد الغذائية وترجمه الواقع وأثبتته النتائج المسجّلة لعمل فرق المراقبة المشتركة وتفعيل التشريعات ذات العلاقة بردع المحتكرين والتصدي للعابثين بـ «قوت التوانسة»، وهو ما يؤكده أيضا مرورنا هذه الأيام من الحديث عن الندرة إلى الحديث عن وفرة المواد الغذائية الأساسية والتي تم تسجيلها في مختلف المناطق كما في مختلف المغازات الكبرى والمحلات التجارية وذلك جرّاء مختلف الإجراءات المتخذة والتدابير والاستراتيجية التي ضبطت للغرض بهدف ضمان الأمن الغذائي للتونسيين والتصدي للمحتكرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

هجرة المهندسين التونسيين : ظاهرة خطيرة تستدعي حلولا عاجلة

لا يختلف اثنان اليوم حول ارتفاع ظاهرة هجرة المهندسين في السنوات الأخيرة وما تمثله من خطورة…