عندما نعرف هوية الصحفي «وسيرته المهنية»… وعندما نتأمل جيّدا في «هوية شهوده» من حزبيين وحقوقيين واعلاميين نكتشف دون عناء هوية من دبّر ومن موّل المهزلة التي قدمت نفسها «ريبورتاجا تلفزيونيا»…
وعندما نستحضر سيرة الصحفي الفرنسي برنار دو ـ لافيلارديار «تاجر المهمات القذرة» الذي كان من رواد وكالة الاتصال الخارجي زمن بن علي ثم مرتزقا ـ بعد ذلك ـ لدى الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي وأنجز من أجله تحقيقا تلفزيونيا بعنوان «الكنز المخفي لديكتاتور» أدان من خلاله نظام بن علي مقابل «إعلاء» دولة الترويكا الاخوانية… وعندما ندرك مدى «صهيونية» هذا الصحفي ودعمه للكيان الصهيوني ـ وقتها ـ يمكن أن نفهم حقيقة العمل الرديء ـ شكلا ومحتوى ـ الذي قدمه أول أمس على «قناة M6» الفرنسية تحت عنوان :«تونس بين الفقر والديكتاتورية… أو العودة الكبرى الى الوراء…
عندما تكون المقاصد «رخيصة» ومهما كان حجم امكانياتك المادية والبشرية فإنه لا يمكنك ايصالها الى الناس وان وصلت فإن كشف زيفها وعدم صدقيتها لا يستدعي انتباهات كبرى بل هي تكشف عن زيفها من تلقاء نفسها كونها ادعائية وموجهة مباشرة نحو غايات غير نبيلة مموّلة من قبل اطراف متهافتة على السلطة أو على الجاه والمال…

نحن ـ هنا ـ أمام «مافيا» أو «عصابات» أو «لوبيات» ـ أو سمّها ما شئت ـ تتحرك بالمال والعتاد لإنجاز كل المهام القذرة التي تُطلب منها… وبما ان المال ـ وحده ـ لا يكفي لانجاز هذه المهام لإرباك «الخصوم» فإن الامر يستدعي ـ اضافة الى المال ـ الكثير من الذكاء والحرفية المهنية والقدرة على انتاج الكذب الذي يمكن تصديقه زائد حسن اختيار الشهود ـ الممثلين ـ مع الدقة في فرز المصادر حتى يكون لها وقع ومصداقية وتأثير على الناس فيصدقوك… وهذا كلّه يلزمه كاتب سيناريو محترف يجيد اللعب بالأحداث والوقائع والشخصيات وقادر على انتاج «توليفة» يمكن اعتمادها كمرجع بعد ذلك لإدانة الدول والأنظمة السياسية…
أمّا والحال على ما هو عليه من غباء وسذاجة وسوء تدبير وانعدام للمهنية وباعتبار السقوط القيمي والأخلاقي لعدد كبير من المحسوبين على النضال الاعلامي والحقوقي والسياسي والحزبي وبعد خروجهم المذلّ من المشهد فإنهم لم يجدوا أحسن وأفضل من القناة الفرنسية (M6) لـ «توثيق سقوطهم» وقد ارتد عليهم «ابداعهم» الذي قدموه في شكل «ريبورتاج» رديء شكلا ومحتوى وكتابة وشهودا ومصادر تحت عنوان حصري، «تونس بين الفقر والديكتاتورية… العودة الكبرى الى الوراء» ويقف وراءه الصحفي الفرنسي برنارد لافيلارديار Bernard de la Villardière وهو «تاجر المهمّات» القذرة كما يسمّونه والذي لا يخفي صهيونيته التي كشف عنها في كل تصريحاته العنصرية ضدّ الشعب الفلسطيني وهو لا يعترض على جريمة «الابادة الجماعية» في غزّة بما ان «الكيان الصهيوني» بصدد «الدفاع عن نفسه» بحسب تصريحاته الاعلامية ولمن نسي هذا «الصحفي الصهيوني» فإننا ـ هنا ـ نذكّره بجزء من سيرته في علاقة مباشرة بتونس وبحركة النهضة…!

فالصحفي برناردو لافيلارديار هو نفسه الذي انجز تحقيقا تلفزيونيا بتكليف من رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي وبدعم واسناد مالي من طرف حركة النهضة وحمل الشريط عنوان :«الكنز المخفي لديكتاتور» وكان محوره الاموال التي نهبها ـ كما ورد في التحقيق ـ بن علي وعائلته الموسعة على امتداد 23 سنة من الحكم وتضمن التحقيق حوارا مطولا مع الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي وكان حوارا تلميعيا رديئا للمرزوقي ولحركة النهضة حيث تم تقديمهم على أنهم أبطال المرحلة ممّن سعوا الى استرجاع الاموال المنهوبة وقد لاقى التحقيق (وكان حصريا) استياءً كبيرا من طرف التونسيين وقد انتبهوا أن الصحفي الفرنسي المشار اليه وقناته الفرنسية (M6) إنما انجزوا «عملا تلفزيونيا» بطلب من الرئيس المرزوقي ومن حركة النهضة ـ فقط ـ لتلميع صورتهم ولاحتواء غضب التونسيين من وجودهم…
ومن المفارقات ـ حتى نفهم حجم الزيف ـ فإن الصحفي الفرنسي برنار دولافيارديار» سبق وذكره المنصف المرزوقي في كتابه الاسود باعتباره من الصحفيين الذين عملوا طويلا مع نظام بن علي وممّن تلقوا أموالا طائلة من وكالة الاتصال الخارجي مقابل انجازه لاعمال تلفزيونية عمل من خلالها على تلميع نظام بن علي وعائلته… نفس هذا الصحفي يدعوه المرزوقي لانجاز ريبورتاج تلميعي له ولحركة النهضة، وهو نفس الصحفي الذي قدّم لنا أول أمس «ريبورتاجا تلفزيونيا» رديئا تحت عنوان :«تونس بين الفقر والديكتاتورية… العودة الكبرى الى الوراء»

وسعى فيه وعبر عدد من «المناضلين المرتزقة» الى ادانة تونس وشعبها ونظامها السياسي وتقديم البلد على أنه بلد الاحباط والاستبداد والجهل والفقر وبأن العيش على الأراضي التونسية هو من «قبيل المستحيل» أما عن مصادره المرجعية فهي «فايسبوكية» من أرشيف الثورة وصور من هنا وهناك حول «طوابير السكر والقهوة والفارينة» اضافة الى «شخصيات» بلا هويات التقطهم من الهامش وصورهم على أنهم من «البؤساء» على الأرض التونسية حيث اختلط الحديث عن الفقر والبطالة والاستبداد مع «بريك الدنوني» على نار هادئة في بيت «مواطن مسكين» يدعى «سليم» ولا هوية لهذا الرجل الذي كان ضحيّة كاميرا مزيفة ومخادعة سعت بكل رداءتها (الفنية والتقنية) للإساءة لتونس ولشعبها الذي يدرك جيّدا وعميقا طبيعة المرحلة التي تشهد بالفعل صعوبات اقتصادية كبرى وكذلك تعثرات اجتماعية وسياسية لا أحد ينكرها اضافة الى ندرة المواد الغذائية ومحدودية المقدرة الشرائية زائد الفقر والبطالة مع انتكاسات لا ننكرها ـ أيضا ـ في مستوى الحريات الإعلامية نتيجة ضغط المرسوم 54 والذي سيتم تعديله قريبا… كل هذا يدركه التونسيون وهم ليسوا في حاجة للمرتزقة من أبناء البلد… اعلاميين وحقوقيين لتحويل «معاناة التونسيين» قبل الثورة وبعدها الى «مادة اعلامية» للاساءة للبلاد ولنظامها السياسي الذي قدمه التحقيق على أنه نظام «انقلابي»… لكنّه تجنّب ان يسأل «على من انقلب…؟» لقد انقلب في الواقع على كل الذين أجرموا في حق البلد ونهبوه وأقاموا فيه الآذان في غير توقيته… لقد انقلب على الاخوان وكل من جاورهم وقد أذاقوا التونسيين الامرين على امتداد أكثر من عشر سنوات من الخيبات المتتالية…
لقد ارتدّ التحقيق التلفزيوني الذي قدمته (M6) أول أمس على مموّليه ولم يكن «تاجر المهمّات» القذرة الصحفي «برنار دولافيلارديار» موفقا حيث قدّم ـ من حيث لم يكن يقصد ـ خدمة كبرى «لدولة الرئيس قيس سعيد» التي استفادت عميقا من سذاجة خصومها في الداخل وفي الخارج حيث يقيم شهود الزور وعلى رأسهم صاحب «الكتاب الاسود»…
هذه سقطة أخرى من سقطات الاعلام الفرنسي الذي سبق «لغزّة» أن كشفت وجهه القبيح…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

ما بين «طوفان الأقصى» و «سقوط» نظام الأسد : إفراغ المنطقة من عناصر قوّتها كان مدروسا وممنهجا..!

بعيدا عن كل أشكال الاصطفاف الاعمى مع أو ضد بشار، علينا ان ننظر الى السقوط السريع والمفاجئ …