تعد مبادرة مجموعة من النواب بخصوص مقترح قانون يتعلق بتنظيم مسالك التوزيع للمواد الأساسية والمدعّمة ومراقبتها تم ايداعه بمكتب مجلس نواب الشعب بتاريخ 3 جانفي 2024 والذي بدوره أحاله الخميس 15 فيفري 2024 على أنظار لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب خطوة جدّية وتحسب للنواب في إطار حرصهم على تأمين «قوت» التونسيين وضمان أمنهم الغذائي وحمايته من تغوّل «الحيتان الكبرى» والمحتكرين.
ويتضمن مقترح هذا القانون الذي تقدمت به مجموعة من النواب ( 10 نواب) عشرة فصول تحت عنوان «مقترح مشروع قانون لتنظيم مسالك التوزيع للمواد الأساسية والمدعمة ومراقبتها» ويهدف حسب ما ذكرته جهة المبادرة في وثيقة شرح الأسباب إلى وضع حد لمعاناة «التوانسة» من فقدان أغلب المواد الأساسية والمدعمة في الآونة الأخيرة وخلق توازن في توزيع هذه المواد الحساسة لمعيشة المواطن التونسي ولتنظيم مسالك التوزيع وتوفير السلم الاجتماعية وتحقيق الأمن الغذائي.
وبعيدا عن استعراض مجمل الفصول المتعلقة بهذا المقترح الذي تقدمت به مجموعة من نواب الشعب والتي تعد خطوة أخرى في اتجاه مزيد التضييق على المحتكرين والذين يعبثون بقوت الشعب من خلال مقترح هذا القانون خصوصا في فصله الرابع الذي يؤكد على وجوب القيام بالرقابة الالكترونية في مسالك التوزيع على كامل تراب الجمهورية وإحداث تطبيقة هاتفية مبسطة من قبل وزارة تكنولوجيا الاتصال بالتنسيق مع وزارة التجارة وذلك بالتوازي مع المراقبة التقليدية والتثبت من الفواتير التي تحمل وجوبا الطابع الجبائي من القباضة المالية لتاجر الجملة أو تاجر التفصيل على حد سواء ( الفصل الثالث )، فان الواقع اليوم يثبت أن المشكل اليوم وراء أزمة فقدان أو ندرة بعض المواد الأساسية أو المدّعمة لا يعود بالأساس إلى نقص في التشريع أو في القوانين بقدر ماهو متعلق بمدى مراقبة مسالك التوزيع والتخزين والقيام بعمليات رقابية مشتركة بدليل أنه في الفترة الأخيرة تم تسجيل مداهمات أمنية ورقابية واسعة لفرق مشتركة لمخازن المحتكرين ولتجار الجملة أدّت إلى جملة من الايقافات بسبب احتكار المواد الأساسية والمدعّمة وتسجيل عدد هام من المخالفات والتجاوزات.

كما يأتي مقترح هذا القانون قبل أيام قليلة من حلول شهر رمضان المعظّم و يعتبر في تناغم وتكامل مع العمل الذي تقوم به وزارة التجارة منذ فترة المتعلق برقمنة مسالك التوزيع حيث توجد حاليا تطبيقة تتعلق بالمخازن وهي تغطي 775 مخزن وتطبيقة أخرى بصدد الانجاز تخص منظومة المخابز وتجار الجملة وتجار التفصيل ومختلف آليات الرقابة سواء في علاقة بمختلف المنظومات عبر التطبيقة أو عبر آليات الرقابة الأخرى.
ونعتبر أن تكثيف العمل الميداني المشترك ومختلف آليات الرقابة على كامل السنة والابتعاد عن العمل الموسمي الظرفي كفيل بالتصدي للمحتكرين وضمان الأمن الغذائي للتونسيين والتصدي للحيتان الكبرى وللعابثين بـ «قوت التوانسة» خاصة وأن مختلف القوانين والتشريعات في علاقة بالتصدي للمحتكرين ومراقبة مختلف التجاوزات المرتكبة من قبل تجّار الجملة والتفصيل والقائمين على مسالك التوزيع في مختلف المنظومات تتناغم وتتكامل من أجل هدف واحد وأساسي وهو وضع حد لمعاناة «التوانسة» من فقدان أغلب المواد الأساسية والمدعمة وضمان توفير الأمن الغذائي في كامل تراب الجمهورية والتصدي للارتفاع في الأسعار على غرار المرسوم عدد 14 لسنة 2022 الذي جرّم الاحتكار والمضاربة والتلاعب بالأسعار وكرّس مبدأ عدم الإفلات من العقاب وشدد العقوبات على المخالفين للقانون ووسّع صلاحيات وآليات الرقابة.
وينطبق المرسوم على كل الأنشطة الاقتصادية سواء الإنتاج أو التحويل أو التوزيع أو الخزن والخدمات ويهم كل المنتوجات الاستهلاكية فقد جرّم التخزين المفرط وإخفاء المنتوحات لإحداث ندرة في المواد واضطراب في التوزيع، كما جرّم الترفيع أو التخفيض المفتعل في الأسعار، وجرّم إحداث اضطراب في السير العادي للسوق إضافة إلى تجريم تعمد ترويج معلومات مغلوطة لتضليل المستهلك.حيث أقرّ المرسوم عقوبات من 10 سنوات إلى السجن مدى الحياة حسب نوعية الجريمة إضافة إلى خطايا مالية من 100 إلى 500 ألف دينار.

فالمرسوم عدد 14 لسنة 2022 بالتوازي مع القوانين ذات العلاقة سواء المعتمدة حاليا من قبل وزارة التجارة أو غيرها من الهياكل الرقابية أو المقترح محل نظر لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب حاليا ( مقترح قانون عدد 01/ 2024) المتعلق بتنظيم مسالك التوزيع للمواد الأساسية والمدّعمة ومراقبتها كلها مجتمعة تمثل رسائل ووسائل ردع لكل المخالفين والمارقين عن القانون والعابثين بقوت «التوانسة».
ويبقى تحقيق الأمن الغذائي في كل شبر من أرض تونس والحفاظ على السلم الاجتماعية رهين تفعيل كافة هذه القوانين و مختلف آليات الرقابة لإنفاذ القانون على كل المخالفين وحسن جاهزية ونجاعة عمل كافة الفرق المشتركة والأطراف المتداخلة وتكثيف العمل الميداني و الرقابي باستمرار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

هجرة المهندسين التونسيين : ظاهرة خطيرة تستدعي حلولا عاجلة

لا يختلف اثنان اليوم حول ارتفاع ظاهرة هجرة المهندسين في السنوات الأخيرة وما تمثله من خطورة…