2024-02-28

تداعيات التغيرات المناخية في تونس : ندرة المياه تؤرق الريفيات ومتساكنات الجبال الوعرة

تعدّ التغيّرات المناخية من أكبر التحديات التي تواجه تونس اليوم وهي ايضا من بين ابرز الملفات التي تشتغل عليها الحكومة الحالية ورغم أنها مسألة تطال كل فئات المجتمع الا ان تداعياتها أشد وقعا على النساء والفتيات التونسيات وبشكل خاص متساكنات المناطق الريفية والمناطق الجبلية الوعرة وذلك نظرا لصعوبة العيش.
هذه المناطق تتميز ببعدها عن مراكز الولايات وبالتالي انعدام العديد من المرافق الحياتية التي تحتاجها النساء في هذه الربوع الوعرة وفي مقدمتها صعوبة التزود بالماء الصالح للشراب وانعدام الربط بشبكة الكهرباء والغاز ونقص موارد الرزق التي عادة ما تقتصر على بعض الانشطة الفلاحية وأنواع من الصناعات التقليدية التي تختلف من منطقة الى اخرى ومقارنة بالمرأة في المناطق الحضرية التي تأثرت هي بدورها بالتغيرات المناخية لكن بدرجة اقل حدة ، تعتبر المرأة في الأرياف من ضحايا الخيارات السياسية السابقة التي عجزت عن إيجاد حلول وبدائل حقيقية قادرة على انتشال المرأة من بين براثن الفقر والعوز وانقاذها من مخاطر تغير المناخ والكوارث الطبيعية.
وتعد كذلك، النساء وبشكل خاصّ العاملات في القطاع الفلاحي، من أكثر الفئات هشاشة لتداعيات التغيّرات المناخية. حيث تبرز دراسة صادرة عن منظمة الأغذية والزراعة» للأمم المتحدة «الفاو» بعنوان «وضع النساء في النظم الغذائية الزراعية« أنّ النساء عادة أكثر حساسية تجاه الصدمات المناخية والكوارث الطبيعية من الرجال وان المرأة الريفية معرضة إلى تهديدات التغيرات المناخية المستقبلية بسبب ندرة الموارد المائية والانجرافات التي تمس التنوع البيولوجي وهو ما يتطلب ارساء تخطيط استراتيجي تشاركي بين مختلف الفاعلين والقطاعات المعنية وتوفير التمويلات الضرورية للمرأة الريفية ودعمها وإرساء التثقيف البيئي وجعله جزءا لا يتجزأ من المسار التعليمي في تونس مع العلم وان تغيرات المناخ تشمل ايضا علاوة على قضايا مثل ندرة المياه، تآكل السواحل، وتصاعد تهديد الفيضانات.
و في تعليق لها حول هذه المسألة أكدت منيارة المجبري المنسقة الجهوية والمسؤولة عن العدالة البيئية في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فرع ولاية القيروان ان تونس أصبحت تعيش تأثيرات التغيرات المناخية اليوم على امتداد العام وذلك من خلال تواتر سنوات الجفاف وقلة نزول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة ولكن تتجلى تأثيرات التغيرات المناخية بشكل أوضح بحسب ما قالته منيارة على المرأة الريفية التي أصبحت تعاني من نقص المياه الصالحة للشراب بسبب نضوب العيون والآبار والنقص الحاد في المائدة المائية مما جعلها دائما تبحث عن بديل لهذا النقص الحاصل في المياه من أجل مواصلة الحياة هي وافراد اسرتها وذلك باعتبارها هي ربة البيت والمسؤولة الأولى عن توفير متطلبات العيش.
وتؤكد منيارة بأنه في غياب كل البدائل أصبحت المرأة الريفية تتنقل بعيدا للبحث عن ينابيع المياه والآبار علّها تجد ما تحتاجه من المياه وتقول منيارة بأن هذه الصعوبات التي تتكبدها المرأة الريفية في البحث عن الماء جعلها تعيش ضغوطات نفسية متواصلة بسبب التفكير الدائم في توفير المياه مشيرة الى ان المرأة في المناطق الغابية والمناطق الجبلية الوعرة أصبحت تعاني أكثر فأكثر نتيجة تداعيات التغيرات المناخية التي أصبحت تهدّدها في مورد رزقها خاصة وان المعروف عن النساء هناك انهن يمتهن جمع أعشاب الاكليل والزعتر وتربية الماشية وتربية النحل على أعالي الجبال وبحكم تغير المناخ فقد أصبحت هذه المناطق معرضة دوما للحرائق. لذلك تشير منيارة بأن كل هذه المصاعب جعلت المرأة تعيش في خوف متواصل من فقدان قوتها وقوت اسرتها وهوما ساهم في تصاعد الهجرة الداخلية وفي إقبال العديد من الفتيات على الزواج في سن مبكرة في اعتقاد منهن بأن الزواج هو الحل الوحيد ليخلصهن من المشاكل ومن الضغوطات التي يعشنها بشكل يومي.
وأكدت منيارة بأن المرأة في الأرياف ماتزال غير واعية بالتغيرات المناخية وحتى وإن كانت على وعي بذلك فهي عاجزة عن توفير الحلول.
ومقارنة بالمرأة في المناطق الحضرية تقول منيارة بأن المرأة في المناطق الريفية لا تعيش الوضع مثل مثيلاتها في المدن فهن أكثر حظوظا لأنه حتى وإن انقطع الماء في بيوتهن فسوف يكون لوقت محدود بينما في الأرياف فهو مشكل يومي ومتواصل ليلا ونهارا وعلى امتداد الايام كذلك أغلب النساء في المدن تقول منيارة بأن لديهن وظيفة وعملا قارا لذلك فهن لا يخفن من اي تهديد على ارزاقهن بينما المرأة في الأرياف وفي المناطق الجبلية تعمل في الفلاحة وتعيش على أنشطة يدوية بسيطة وتكابد الأمرّين من أجل ديمومة رزقها الذي أصبح مهددا بفعل التغيرات المناخية وفي مقدمتها الحرائق والجفاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

القطاع الفلاحي من الحشرة القرمزية إلى ذباب الزيتون …أي مصير قادم..؟

يعتبر القطاع الفلاحي قطاعا استراتيجيّا وحيويّا، لا في تونس فقط، بل في العالم ككلّ، إذ أنّ …