2024-02-13

كأس إفريقيا للأمم ينتهي بتتويج الكوت ديفوار : منتخب «الفيلة» يحصد لقبه الثالث.. والمعجزة الإيـفـواريـة تتجسد

قبل حوالي عشرين يوما من الآن، لم يكن أحد يجرأ على التكهن بأن المنتخب الإيفواري سيكون «عريس» إفريقيا الجديد ويقدر على خلافة المنتخب السينغالي على العرش القاري، ففي تلك الأيام، كانت كل وسائل الإعلام الإيفوارية تتحدث عن نكسة غير مسبوقة والسبب في ذلك أن  منتخب «الفيلة» استهل البطولة بخطى متثاقلة بل الأكثر من ذلك أنه انهزم ضد نيجيريا بثنائية خلال الجولة الثانية من الدور الأول، قبل أن يسقط برباعية كاملة ضد منتخب غينيا الإستوائية، ليكتفي بحصد ثلاث نقاط فقط، وهو ما جعله أمام حتمية الخروج الوشيك من البطولة، وبالتالي فإنه لا يتحكم في مصيره بل إن التأهل إلى الدور الثاني يتطلب معجزة مرتبطة بضرورة سقوط أغلب منافسيه على مركز ثالث، لكن القدر قال كلمته، إذ عجز المنتخب التونسي عن تحقيق الفوز في آخر مبارياته في الدور الأول، وسقطت منتخبات أخرى مثل غانا وخاصة زامبيا التي لم تفلح في تحقيق تعادل ضد المنتخب المغربي، لتذهب بذلك بطاقة الإسعاف إلى المنتخب الإيفواري الذي نجا بمعجزة من الخروج المبكر..

لكن بعد ذلك تغيّرت كل المعطيات وتبدّل حال هذا المنتخب، الذي ظهر بمستوى مهزوز للغاية في الدور الأول، قبل أن «يتعملق» ويتشكّل في هيأة «الفيل» الذي يحطّم كل منافسيه، فاستمرت انطلاقته القوية ليبلغ المحطة النهائية، وينجح منتخب «الفيلة» في «دهس» منتخب «النسور الممتازة» ليثأر بذلك من هزيمته في الدور الأول ويتوّج بلقبه الثالث في الكأس الإفريقية بعد تتويجين سابقين سنتي 1992 و2015.

المعجزة من صنع أبناء الدار

من الطرائف التي ميّزت مسيرة المنتخب الإيفواري أنه كان يتأهب لتسريح كل لاعبيه، بل إن بعضهم حجز فعلا تذكرة المغادرة والعودة إلى أوروبا، الأكثر من ذلك أن الجامعة الإيفواري لكرة القدم بدأت فعلا في قرارات المحاسبة، لتقع إقالة المدرب الأول بسبب الأداء المتواضع، لكن ما حصل في ختام الدور الأول جعل «الحياة» تدّب مجددا في شرايين منتخب الفيلة، ولم يكن من حل لمواصلة المغامرة والدفاع عن الشرف المهدور سوى الاستنجاد بالمدرب المساعد فايي الذي تحمل مسؤولية تاريخية، وكان يحمل آمال الملايين من أبناء شعبه الإيفواري.. لكن هذا المدرب الفتي والمتحفز لم يترك الفرصة تمرّ دون أن يثبت مقولة أن «أبناء الدار هم صناع القرار»، فجهّز المنتخب الإيفواري كأفضل ما يكون وخاصة من الناحية الذهنية، ليكون الامتحان الأول ضد المنتخب السنيغالي حامل اللقب، ورغم صعوبة تلك المباراة المعقدة التي شهدت مبادرة السينغال بالتسجيل منذ الدقائق الأولى، إلا أن المدرب أجرى تغييرات مؤثرة جعلت «الفيل» الإيفواري ينتفض ويرد الفعل، فعدّل الكفة قبل أن يواصل تقدمه ويقتطع بطاقة التأهل إلى الدور ربع النهائي بفضل ضربات الجزاء، بعد ذلك جاء الدور على المنتخب المالي القوي والذي سار على خطى المنتخب السنيغالي بما أنه سجل التقدم وكان قريبا في عدة مناسبات من تسجيل الهدف الثاني، لكن هذه المعجزة الإيفوارية تجلت في أبهى معانيها خلال الدقائق «القاتلة»، إذ سجل هدف التعادل في الوقت البديل من الشوط الثاني، قبل أن يسجل هدف السبق والتأهل في الوقت البديل من الحصة الإضافية الثانية، فكان المشهد خياليا ولا يصدق في نهاية تلك المقابلة بين منتخب «عاد من الموت» وتخطى السلم نحو مرتبة أفضل، ومنتخب آخر كان على بعد ثوان من المربع الذهبي، لكن كل شيء اختفى مثل السراب في لمح البصر.

وكان من الطبيعي في ظل قيادة مدرب ذكي وحكيم في التعامل مع اللاعبين الموجودين على ذمته، أن تتواصل حملة المنافسة على اللقب، وهو ما خوّل للمنتخب الإيفواري تجاوز نظيره الكونغولي في الدور نصف النهائي بعد أداء قوي وسيطرة كان من البديهي أن تعطي ثمارها، ليضرب بذلك منتخب «الفيلة» موعدا ثأريا وقويا مع نظيره النيجيري في المشهد الختامي للبطولة القارية. هذا اللقاء الأخير جسّد بكل المعاني والتفاصيل هذه المعجزة الإيفوارية وهذا الإصرار غير المسبوق على تجاوز كل المعوقات، فرغم أن المنتخب النيجري بادر بافتتاح النتيجة إلا أن المنتخب الإيفواري قلب كل الموازين واستحق بفضل هدفي المتألقين فرانك كيسي وسيباستيان هالار أن يغيّر وجهة الكأس الغالية من أبوجا إلى كافة مدن الكوت ديفوار التي احتفلت كما لم تحتفل سابقا بهذا اللقب الثالث في رصيد منتخب «الأفيال.. البطلة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

ثلاثة مدربين وهدف وحيد في ست مباريات : أزمة منذ بداية الموسم عمـّقها رحيل العبدلي

بلغة الأرقام والإحصائيات فإن النجم الساحلي بصدد خوض موسم كارثي بأتم معنى الكلمة على مستوى …