2024-02-08

على خلفية تورّط ثلاثة أطباء وصيدلاني في ترويج أقراص مخدرة : الفساد ينخر كل القطاعات..!

قررت  النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بمنوبة نهاية الأسبوع الماضي الاحتفاظ  بسبعة أشخاص بتهمة حيازة ونقل وعرض وترويج أقراص مخدرة من بينهم ثلاثة أطباء من العاصمة وصاحب صيدلية في ولاية جندوبة بتهمة تسليم وصفات طبية وأدوية مخدرة لأشخاص غير مستحقين.

وقد تم في هذه العملية  ضبط 993 قرص  مخدر  من أنواع «باركيزول» و«تيميستا»، تم شراؤها بوصفات طبية وتأتي هذه الحادثة بعد أسبوع من عملية مماثلة أسفرت عن  ايقاف  ثلاثة أشخاص وطبيب وصاحب صيدلية من ولاية باجة، بتهمة تسليم وصفات طبية لغير المستحقين.

وتؤكد تقارير عديدة تبين  حجم الفساد في تونس حسب القطاعات، أنّ القطاع الصحي يحتل دائما المراتب الثلاث الأولى ضمن أكثر 57 قطاعا فاسدا. وكشف استطلاع رأي أنجزته «أفرو باروميتر»، أنّ ٪11 من التونسيين مستعدون لدفع رشاوى للحصول على خدمات صحية  وهذا يضعنا أمام واقع خطير وحقيقة الفساد الذي ينخر قطاع الصحة والذي أصبح يشمل كل المتدخلين في القطاع وفي مختلف مراحله، إضافة إلى أن  عددا من المواطنين أصبحوا أكثر استعدادا لدفع الرشاوى مقابل الحصول على العلاج. ولعل تواصل وجود مثل هذه القضايا  التي يتورط فيها في كل مرة أعوان أو أطباء أو صيادلة وتعدد قضايا الفساد الكبرى التي تفجّرت في قطاع الصحة يرجع إلى  إحساس عام بالإفلات من العقاب.

حيث يؤدي في كثير من الأحيان طول مدة التحقيق في هذه القضايا وعدم القدرة على تفكيك منظومات الفساد وغياب المعلومة وحجم الضغوط التي تمارس، إلى وأد العديد من الملفات أو السعي إلى التأثير على مآلاتها الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في تفاقم الفساد وانتشاره في عديد القطاعات، أين تقف السلطة عاجزة عن وضع حد للفساد في قطاع الصحة أو غيره من القطاعات، لأن هذا الأمر يتطلب مقاربة أكثر شمولية ترتبط بتصور دور الدولة في هذا القطاع وغيره من القطاعات الحيوية التي توفر الخدمة لملايين التونسيين، جزء كبير منهم من ذوي الدخل المحدود والذين لا يملكون القدرة على الحصول على العلاج في القطاع الخاص، بحسب خبراء حوكمة.

ويؤكد المهتمون بالشأن العام أن الفساد في تونس ينخر كل القطاعات، كما شكل عاملا أساسيا في انهيار النظام السابق لزين العابدين بن علي، وتركز الحكومات المتعاقبة على محاربة جميع أشكاله، غير أن الأرقام تكشف أن هذه الظاهرة ما زالت أكبر عائق أمام تحقيق نجاحات اقتصادية، أو الخروج من الأزمة المالية الراهنة في البلاد.

ويجمع الخبراء في تونس على كون الفساد ينخر ويعيق بناء أنموذج تنموي مستقل يعطي أولوية للعدالة الاجتماعية وللجهات المهمشة، ويرون أن انتشار ما يعرف بـ«الفساد الصغير» جعل شرائح واسعة من التونسيين «تطبع» وتتعايش مع الفساد من أجل تسيير شؤونها.

وكانت الثورة في تونس قامت لمكافحة الفساد وتحقيق العدالة، غير أن مراقبين يرون أنه أصبح ظاهرة منتشرة تنذر بإرباك الاقتصاد التونسي، وتسهم في تعزيز أزمة الثقة بين المواطن وأجهزة الدولة وتزيد من تشويه صورة تونس لدى المستثمرين.

ورغم أن ترتيب تونس تراجع في تصنيف مكافحة الفساد، للعام الماضي ثلاث درجات، لتحل في المركز الـ 76 من بين 168 دولة، بحسب ما نشرته منظمة الشفافية الدولية، فإن البلاد ما زالت تحتل مرتبة متقدمة في مؤشرات الفساد، بل هي مصنفة من بين الدول الأكثر فسادا في العالم، وفق تقارير منظمات إقليمية ودولية، وهو ما أرجعه ناشطون في المجتمع المدني إلى التراخي الحكومي في محاربة الفساد وغياب إجراءات عملية لمكافحته من قبل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة وعدم سن قوانين صارمة تردع الفاسدين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في انتظار القطع مع كل أشكال التشغيل الهش : المــــعــــانــــاة مــــســــتـــمـــرة ..!

يمثل ملف التشغيل تركة ثقيلة للحكومة الحالية ظلت عالقة منذ سنوات ولطالما  مثل نقطة ضغط «سيا…