2024-02-03

الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق : قطب تنموي بارز أثقلته مظاهر سوء التصرف والتسيير

تمسك رئيس الجمهورية قيس سعيد بعدم التفريط في سائر الشركات والمنشآت العمومية على غرار الشركة الوطنية لعجين الحلفاء بالقصرين ، التي أدى زيارة لها وسط الأسبوع الجاري واستعرض خلالها عددا من ملفات الفساد التي تنخر هذه المؤسسة العريقة ، ما يستدعي ضرورة محاسبة كل من عمل على ضرب هذه المنشأة الوطنية وتتبع كل الأيادي التي أغرقتها في أزمتها بالرغم من غياب منافسة لهذه المنشأة التي تشرف عليها الدولة وهي تستعد حاليا لإنجاز وطباعة جزء هام من المتطلبات المدرسية للعام المقبل .

ففي بادئ الأمر ، نودّ الإشارة إلى أن سلسلة هذه الزيارات الرئاسية التي انطلق فيها رئيس الجمهورية منذ ما يزيد عن السنتين ، أي تحديدا بعد اتخاذ إجراءات 25 جويلية 2021 لم تؤد الى معالجة ملفات الفساد بالشكل الذي ينتظره الرأي العام ، إذ غابت مخرجات المحاسبة في أكثر من مؤسسة بالرغم من الأدلة والحجج الواقعية لمظاهر الفساد وما رافقها من تدن واضح لمردودية عدة شركات .
رئيس الجمهورية وبعد أن زار كل أجنحة المؤسسة المذكورة وعاين العديد من الإخلالات، قال أنه ما كان لها أن تقع لولا السياسة التي تم اتباعها بداية من السنوات الألفين للتفريط فيها مع مواصلة هذه السياسة منذ سنة 2011 حتى يتم فسح المجال للوبيات في الوقت الذي كانت فيه هذه المؤسسة لا تغطي حاجيات السوق التونسية فحسب بل تصدّر منتجاتها إلى عديد الدول . ويعني هذا الكلام أن سوء التصرف الإداري والمالي عمّق أزمة الشركة وكبّل مردوديتها وإنتاجيتها .
والمؤكد أن استفحال ظاهرة الفساد وسوء التصرف الإداري إبان ثورة 17 ديسمبر 2010 ورغم ما تم وضعه من هيئات وأطر قانونية وتشريعية للحد منها، فإن واقع الحال يقول عكس ذلك ولم تكن الأدوات المستخدمة لتعزيز الكفاءات في مجال الأخلاقيات ومكافحة الفساد في القطاع العمومي ناجعة كما في مستوى الانتظارات ، كما أن الوقوف على مثل هذه الملفات من الفساد وسوء التصرف إثر أكثر من عقد زمني يبين بلا شك أن مسار نشر الحوكمة والشفافية في بلادنا تشوبه بدوره إخلالات جمّة سواء في مستوى التطبيق أو كذلك في مستوى الإرادة والقيم التي لم تستوعب بعدُ نشر ثقافة النزاهة وغياب التشجيع على الإبلاغ الإرادي لإنشاء آليات آمنة ومجهولة للإبلاغ عن حالات الفساد داخل المنشآت العمومية للحد من هذه الظواهر بل ولعلّ هذه الجهات التي يمكن تأمينها من مخاطر الإبلاغ قد تكون متورطة بدورها .

وبالعودة إلى الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بالقصرين ،فإنها تمثل أهم قطب تنموي بجهة القصرين ، حيث ما فتئت منذ إحداثها تلعب دورا اقتصاديا واجتماعيا محوريا في الاقتصاد ، هذا إضافة إلى دورها الاستراتيجي والمتمثل في توفير الورق المعد لصناعة الكتاب والكراس المدرسي ، وضعيتها التي أخذت في التدهور بعد سنة 2011 لم تكن بمعزل عما يحدث في البلاد من تخبطّ سيما فترة حكومة الترويكا وبعدها مع حكومة ما سمي آنذاك بالتوافق «المغشوش»، إذ تكبدت الشركة آنذاك خسائر مالية وإثقالا لميزانيتها بانتدابات عشوائية تحت الضغط الشعبي: (العفوالتشريعي العام ، إدماج أعوان المناولة، أفراد عائلات شهداء وجرحى الثورة..» ما حال دون ايفائها بتعهداتها وسجلت خسائر قاربت الـ 6.5 مليون دينار تشمل اقتناء أحد المحركات الحرارية من تركيا وثبت فيما بعد أن به إخلالات تقنية.

الشركة عادت بتاريخ 18 مارس 2023 ، للمرة الأولى منذ 3 سنوات لنشاطها، حيث تم تزويد المؤسسة بالمواد الأولية لعجائن الورق المبرمج تحويلها إلى ورق لصنع الكتاب المدرسي، في السنة الدراسية القادمة إثر جهود حثيثة لاستعادة مكانتها وهي التي تشع على أربع ولايات : القصرين ، سيدي بوزيد ،القيروان وقفصة من خلال توفير مواطن شغل قارة لـ800 عون وفي حدود 6500 موطن شغل عرضي في علاقة بتوفير الحلفاء . إذ أنه وفق مصادر نقابية سجلت نسبة حجم الأجور قرابة 680 بالمائة سنة 2020 من رقم المعاملات مقابل 27 بالمائة سنة 2010. ويفسر هذا التراجع الحاد بعدة تحديات تتجاوز الجانب التجاري وتتمثل أساسا في ركود واقع السوق ، وانفتاح السوق المحلية على الأسواق الخارجية وعوامل داخلية أخرى تتعلق أساسا بتراجع حاد على مستوى الانتاج في ظل غياب الاستثمارات العمومية وعدم اتباع خطة تسويق واضحة المعالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان : تواصل البحث عن المفقودين في غرق مركب قبالة سواحل جربة

أفاد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان ، مصطفى عبد الكبير ، بأنّه تمّ إنقاذ 32 تونسيا ومغر…