2024-02-02

ونحن على أبواب المرحلة الثانية من الاستحقاق التشريعي : هل من خطوات أخرى لاكتمال المشهد ؟

ساعات قليلة تفصلنا عن موعد المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية، ومع اكتمالها واعلان نتائجها، تكون تونس قد طوت صفحة الاستحقاق التشريعي الأطول في تاريخها، والذي امتد على قرابة السنتين من الزمن الانتخابي المكثف، انطلق باستفتاء على الدستور الجديد، أعقبته انتخابات برلمانية ثم طور أول من المجالس المحلية، وها نحن على أبواب المرحلة الثانية والاخيرة من هذه الاستحقاقات.
لكن السؤال الذي يساور عددا لا بأس به من المتابعين في الداخل والخارج، هو: هل تكتمل الصورة ويستوي المشهد السياسي كاملا متكاملا باكتمال المرحلة الثانية من الاستحقاق الانتخابي المحلي؟
كثيرون يذهبون في اتجاه أن ذلك ليس حقيقة بالضرورة، وان اكتمال المؤسسات التشريعية لا يعني أبدا استواء العملية السياسية ووضوح المشهد. فالمشهد تؤثثه مكمّلات أخرى لا بد منها، وعلى رأسها التسويات أو التفاهمات الاجتماعية، اي ما يطلق عليه السياسيون والنقابيون مصطلح السلم الاجتماعي، وهذا في تونس ما يزال الى الان غامضا، او هو في مرحلة الهدوء الحذر، خاصة وان العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والسلطة، وتحديدا رئيس الجمهورية تبدو غير مفهومة وغير واضحة الى حد الان على الاقل، ولم يردّ الرئيس على دعوات كثيرة للحوار، ولم يجب على مبادرة الاتحاد الشفوية والمكتوبة أيضا، ولا يبدو أنه مستعجل على الجلوس للحوار، بل كثيرا ما تطرق الى المسألة بنوع من اللامبالاة المبطنة بالرفض المبدئي لهكذا حوار.

في المقابل يعيش الاتحاد تحت واقع ضغط قوي من منظوريه وحتى من معارضيه متّهمين اياه بالعجز عن فتح ثغرات في الحوار الاجتماعي، وتكلس المبادرة والفعل النقابي، وهو ما قد يتحول الى غليان لن يكون بالتأكيد في صالح أي طرف.
المسألة الثانية التي تحول دون اكتمال المشهد وتحدّ من نجاعة ونجاح العملية السياسية، هي بلا شك مسألة النسيج الحزبي المتآكل، الذي يوشك ان ينهار بسبب غياب الفعل السياسي والنشاط الحزبي والمنافسة الانتخابية وصراعات البرامج والافكار وحتى مناكفات الكُتل ومعارك التيارات الطلابية والشبابية وغيرها مما يعد ضرورة لا بد منها للتأسيس لحياة حزبية سليمة ومشهد سياسي متكامل.
إضافة الى مسألتي السلم الاجتماعي والنسيج الحزبي، هناك مسألة ثالثة لا تقل أهمية عنهما وهي مرحلة استكمال المؤسسات الدستورية والهيئات المعطلة خاصة المحكمة الدستورية وغيرها…
وهي هيئات ومؤسسات تؤثّث بلا شك المشهد الديمقراطي، وتكرّس فعلا الممارسة الديمقراطية، وتعطي مزيدا من المصداقية للعملية السياسية ومزيدا من التوازن بين رغبات السلطة أي سلطة، وبين متطلبات الحياة الديمقراطية السليمة.
ولا شك ان السلطة تعي جيدا ان المرحلة الثانية والاخيرة من الانتخابات المحلية ليست نهاية للعملية السياسية، وانها بمفردها لا يمكن ان تبني مشهدا سياسيا سليما وحياة ديمقراطية حقيقية، وعليه فهي معنية قبل غيرها بتنشيط باقي مكونات العملية السياسية حتى يكتمل بناء المسار وحتى تكتمل أركان الجمهورية الثالثة، ومن أجل ان تتجنب أيضا أخطاء المراحل السابقة وتبتعد قدر الامكان عن كل ما من شأنه أن يبقي فجوات او يضع مطبّات في طريق الانتقال السلس والسليم نحو آفاق أرحب ونحو آمال في بناء حقيقي ديمقراطي قوي وسليم ومنيع بالخصوص، ضد كل الهزات المفاجئة والمتوقعة على حد سواء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

يمكنها‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬بديلا‭ ‬قارا‭ ‬وثابتا‭:‬ السياحة‭ ‬البديلة‭ ‬ومفهوم‭ ‬الاحتياط‭ ‬لكل‭ ‬المواسم

تشكّل‭ ‬السياحة‭ ‬رافدا‭ ‬هاما‭ ‬من‭ ‬روافد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬بل‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭…