2024-01-23

ضربات استباقية لـ«مافيا المخدرات» : تجفيف المنابع أوّلا..!

وزارة الداخلية تضرب بقوة على أيدي العابثين بالسلم الاجتماعية ويأتي تجار المخدرات ومروجوها في صدارة العمليات النوعية التي تنفذها قواتنا الأمنية. فقد وجهت في الآونة الأخيرة ضربات استباقية مهمة إلى كثير من الأوكار التي تشكل منابع لنشر المخدرات وترويجها في عديد الأحياء وفي محيط المؤسسات التربوية.
وقد شهدت مناطق عديدة مؤخرا تنفيذ عمليات نوعية دقيقة من أجل مهاجمة أباطرة المخدرات الذين سيطروا على عديد الأحياء على غرار حي التضامن على سبيل المثال وليس الحصر.
وهو حال الكثير من الأحياء المتاخمة للعاصمة خاصة الشعبية منها حيث تبدو أرضية خصبة لمثل هذه الأنشطة. ولا يقتصر الأمر على العاصمة فأغلب المدن التونسية قد اخترقتها هذه الظاهرة الخطيرة وتفشت خاصة في صفوف الشباب.
ومن المظاهر اللافتة في هذه الظاهرة هو استغلال الأطفال القصّر من أجل ترويج المخدرات من أعمار صغيرة جدا بعضها لم يبلغ العشر سنوات وهم يوظفونهم عبر زرعهم في النسيج المجتمعي وهم يقومون بمهمة «الديلر» أو الموزع على أكمل وجه سواء للكهول والشباب أو لزملائهم وأصدقائهم الأطفال في محيط المؤسسات التربوية وأحيانا داخل أسوارها أيضا. وهم يستفيدون بذلك من خدماتهم على كافة المناحي وليس هذا فحسب بل يضعونهم في الواجهة عند المطاردات الأمنية والمداهمات هربا من الملاحقة القانونية وللاستفادة من وضعيتهم كقصّر لا يخضعون للمساءلة أمام القانون.
والواضح أن القوات الأمنية اليوم متيقظة جدا لكل الحيل التي تحيكها مافيا المخدرات وهي تقود حملات كبرى اليوم من اجل القضاء على هذه الظاهرة من جذورها عبر تجفيف المنابع، فقطع الإمداد عبر المنافذ القانونية ومراقبتها مراقبة دقيقة ثم متابعة المروّجين الصغار وشبكة علاقاتهم بالأباطرة الكبار الذين يحرصون كل الحرص على توجيه ضربات متتالية إلى بعض أوكارهم. ويلاحقون بصفة دائمة ودائبة المروّجين الصغار الذين هم حلقة الوصل مع مشغليهم الكبار. و يبدو أن الحرب على مافيا المخدرات والعمل على تجفيف منابعها هي معركة الدولة التونسية بامتياز ولا مجال للتهاون في هذا الخصوص فوزارة الداخلية نزلت بثقلها من أجل محاربة تجار هذه السموم ومستهلكيها على حد سواء.
إذن انتشار المخدرات ظاهرة مدمرة اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا وآثارها وخيمة على الفرد وعلى الأسرة والمجتمع والدولة. وعلينا الإقرار أنها انتشرت كانتشار النار في الهشيم بشكل لافت وغير مسبوق في السنوات الأخيرة وتحديدا في مرحلة ما بعد أحداث 14 جانفي 2011.
فقبل ذلك التاريخ المفصلي كانت ظاهرة معزولة تقريبا ولا تتجاوز بعض الفئات المخصوصة وتواجهها الدولة بمنتهى الصرامة ولكن مع حالة الارتباك العام التي سادت في البلاد بعيد الثورة ومع حالات الانفلات التي طالت كل شيء ومع تشتت الجهود الأمنية خاصة مع تنامي العنف والهجمات الإرهابية استغلت مافيا المخدرات العابرة للحدود هذه الأوضاع لتنسج شباكها كالعنكبوت ولتفرّخ في مفاصل المجتمع عبر فئات هشة تم استغلالها أسوأ استغلال لتغرق البلاد في وحل هذا السم ّ الخطير.
وعليه فإنه من المهم في إطار استعادة الدولة لزمام الأمور وفي سياق محاربة كافة الظواهر الإجرامية القيام بحملات منظمة ومتواترة من أجل مكافحة الجريمة. وتأتي الحرب على مافيا المخدرات في صدارة الأولويات باعتبارها لا تقل خطرا عن الجريمة الإرهابية فهي أيضا عابرة للدول وهي عابرة للقارات والأكيد أن تحدي الجريمة المنظمة هو التهديد الحقيقي الذي تواجهه الدولة التونسية للسلم الأهلية ولاستقرار البلاد اجتماعيا وهو الكفيل بضمان أرضية مناسبة لأي منجز حضاري أو سياسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إلى مراكز النفوذ في الغرب وتحديدا فرنسا بعد أن سقطت أقنعتها: تونس ليست ملفا حقوقيا..!

من المعلوم ان علاقة تونس بالآخر الغربي متعددة الأبعاد والتقاطعات بين النخب الغربية والفرنس…