لطالما يؤكد رئيس الجمهورية قيس سعيد في كل مناسبة أو لقاء على أن سيادة الدولة التونسية واستقلالية قرارها الوطني فوق كل اعتبار ورفضه بذلك لأي املاءات من الصناديق المانحة وأي شكل من أشكال التدخل في الشأن الوطني انطلاقا من قاعدة ومبادئ القانون الدولي الذي ينص على أن مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وأن السيادة داخل الدولة هي الشعب التونسي الذي قدم آلاف الشهداء من أجل الاستقلال والكرامة الوطنية.
وان عبّرت مختلف الدول الغربية أو غيرها من الدول الخليجية أو الصناديق المانحة عن استعدادها مؤخرا لدعم تونس وتعزيز التعاون معها في مختلف المجالات فان نسق هذا التعاون مايزال بطيئا نسبيا لتمسك بلادنا بسيادة قرارها الوطني وحصر التعاون في مجالاته المحددة بهدف المصلحة المشتركة لا التدخل في الشأن الداخلي للبلاد سواء كان في علاقة بالشأن السياسي أو بالاصلاحات التي تفرضها بعض الصناديق المانحة وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي وترفض بلادنا جزءا كبيرا منها خاصة المتعلق بتحديد شكل الإصلاحات في المؤسسات العمومية والتخلي عن سياسة الدعم وذلك للحفاظ على السلم الاجتماعية ومن منطلق القناعة الراسخة بضرورة دعم الدور الاجتماعي للدولة وإصلاح المؤسسات العمومية في اتجاه خلق الثروة وتقوية القدرة التنافسية لهذه المؤسسات ودعم صلابتها الاقتصادية في إطار دعم سياسة الدولة القائمة على التعويل على الذات ومقدّراتنا الوطنية.
فتونس اليوم ترحّب بمجمل الشراكات في إطار دفع الاستثمار والتعاون في مختلف المجالات والقطاعات لكن وفق رؤية وخارطة واضحة وشاملة ترسمها الدولة التونسية ممثلة في أجهزتها الرسمية تستجيب لانتظارات الشعب التونسي في التنمية والتشغيل بهدف دعم مقدرته الشرائية وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لا تلك التي تضبطها جهات أجنبية وتأتي غالبا في شكل املاءات مباشرة أو مقترحات «منمّقة» مرنة..
إنّ النهوض بالاقتصاد التونسي اليوم وتعزيز التعاون التجاري بين شركاء تونس في شتى المجالات والقطاعات تحدده الدولة التونسية وفق تصوّرها الذي يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المجتمع التونسي و طبيعة ومقومات الاقتصاد الوطني و لا يجب أن يكون هذا التعاون أو الدعم قائما على قاعدة «الدعم المشروط» لتحقيق أهداف أو غايات اقتصادية أو سياسية أجنبية معيّنة، بل يكون وفق الطرح التونسي الرسمي والشعبي على قاعدة المصلحة المشتركة والمعاملة على أساس الند – للند ووفق احترام سيادة الدولة التونسية وقرارها الوطني.
ويأتي في هذا الإطار تجديد تأكيد رئيس الدولة قيس سعيد لدى استقباله أول أمس الجمعة بقصر قرطاج، رئيس الحكومة أحمد الحشاني، لاستعراض نتائج اللقاءات التي قام بها في إطار مشاركته في منتدى «دافوس» على «رفض أي شروط أو أي إملاءات من أي جهة كانت، لأن الإصلاحات التي تقوم بها تونس يجب أن تكون إصلاحات تونسية خالصة تنبع من إرادة الشعب التونسي».
ونعتقد أنه بانت بالكاشف بعد عقود من الزمن الأهداف الحقيقية لبعض الأطراف الأجنبية أو الصناديق المانحة وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي من دعمهم للدول التي تعيش صعوبات مالية أو اقتصادية نتيجة تداعيات عالمية مثل الحروب و الأوبئة أو لانتفاضات أو ثورات شعبية والتي تتلخص في إحكام قبضتها على خيرات هذه الدول وجعلها في تبعية اقتصادية ومالية وسياسية وارتهان قرارها الوطني للجهات المانحة.بالإضافة إلى أن عديد القراءات تفيد بأن أحد الأسباب الأبرز للأزمة الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد التونسي منذ عقود يعود الى المنوال الاقتصادي المهترئ الذي اتبعته بلادنا منذ الاستقلال والذي كان تحت رعاية صندوق النقد الدولي.
ونرى أن الإصلاح الاقتصادي في تونس لا يمر بالضرورة بصندوق النقد الدولي ولا ببعض الجهات المانحة الأخرى فبلادنا لها ما يكفي من الخيرات و الخبرات لإنجاح المسار وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية الضرورية المتبقية لدعم صلابة المؤسسات الاقتصادية ودفع التنمية وجلب الاستثمارات الضرورية لإنعاش الاقتصاد الوطني وتعبئة الموارد المالية اللازمة خاصة من العملة الصعبة وبناء شراكات جديدة وتعزيز وتقوية أخرى تقوم على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل واقتحام أسواق جديدة خاصة في علاقة بالتصدير على غرار السوق الآسيوية والإفريقية.
ورغم أن النظام العالمي بدأ يتهاوى إلا أن الدوائر المالية العالمية والجهات المانحة مازالت تريد إحكام قبضتها على اقتصاديات الدول والتحكم في مصيرها عبر مزيد إغراقها بالديون وفرض التبعية الاقتصادية والمالية وفرض سياساتها للتحكم أكثر في قراراتها الإقليمية والدولية وحتى في توجّهاتها السياسية والتنموية وفق مصالحها لا وفق مصلحة الشعوب والدول وهو ما ترفض بلادنا استمراره أو الانحناء له، وهو ما يتجلى في الموقف الرسمي لرئيس الجمهورية قيس سعيد من مجمل هذه المسائل مع تأكيده المتجدد وفي كل مناسبة على احترام السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني وذلك في تناغم مع الموقف الشعبي.
فبلادنا اليوم لا تنادي بتحقيق المعجزات ولا تنتظر أيضا «منّة» من أحد أو من أي جهة كانت بل تنادي بالاحترام المتبادل واحترام السيادة الوطنية واستقلالية القرار الوطني وإرساء شراكات وفق مبدإ الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة مع مراعاة خصوصيات الدولة التونسية والشعب التونسي في كل شبر من ربوع الوطن، ولبلادنا كل الإمكانيات لفرض قراراتها الوطنية واحترام سيادتها من خلال وضوح سياستها الخارجية و وطنيا من خلال اتخاذ تمشي التعويل على الذات وعلى كفاءاتنا التونسية في كل المجالات من أجل تحقيق التنمية والاستجابة لانتظارات «التوانسة» والنهوض بالاقتصاد تدريجيا وتحسين الظروف الاجتماعية للمواطن التونسي.
الحكومة تفرض نسقها وتبرهن على نجاعتها : نحو حذف حزمة جديدة من التراخيص وتنقيحات هامة مرتقبة لتحرير الاستثمار
أثبتت الحكومة منذ مباشرتها مهامها برئاسة كمال المدّوري نجاعتها في علاقة بتناول الملفات ذات…