مع عدم استقرار الأسعار في السوق العالمية : إعادة هيكلة القطاع الفلاحي واعتباره القاطرة الأولى للاقتصاد
ثمة شبه إجماع على أن تردي الوضع الاقتصادي يقتضي اليوم إعادة بناء اقتصاد تنافسي ومتنوع وقادر على التموقع على المستوى الإقليمي والدولي والتأقلم والتكيف مع الأزمات والصدمات عبر إحداث تحول هيكلي يمكن من الانصهار في سلاسل القيمة العالمية من خلال التركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة العالية والمحتوى التكنولوجي المرتفع والمرور من المناولة الى الإنتاج المشترك واعتماد التحول الرقمي والتحول الطاقي كركائز أساسية لدعم القدرة التنافسية وتنويع الأسواق فضلا عن فتح افاق استثمار وتصدير هامة ، وهي تقريبا أبرز التحليلات التي وقفت عليها بلادنا في رسم خياراتها التنموية مع حلول سنة 2035 .
هذه المقاربة الجديدة تهدف بالأساس الى إعادة تموقع القطاع الفلاحي وضرورة تحصينه من مختلف أشكال المخاطر على غرار التغيرات المناخية ومخاطر الأسواق العالمية للمواد الفلاحية ومدخلات الإنتاج وتطوير المنظومات الفلاحية ليصبح رافدا من روافد التنمية الجهوية والمناعة الاقتصادية والاجتماعية وضامنا للأمن الغذائي لدعم السيادة الوطنية.
في هذه الأثناء أصبح القطاع الفلاحي حافزا كبيرا لأصحاب الشهادات العليا وباعثي المشاريع الصغرى والمتوسطة ومنفذا لفتح أبواب التشغيل وتوفير ضمانات العيش الكريم سيما مع التحولات الجديدة التي يشهدها القطاع الفلاحي من جهة ، ومن جهة ثانية القيمة الثابتة للإنتاج وبالتالي ضمان موارد الرزق لفئات كبيرة من العاطلين عن العمل في حال توفرت المساندة المالية بشروط ميسرة .
في عملية كل إعادة تأهيل وهيكلة للإقتصاديات الحديثة ، يظل القطاع الفلاحي قاطرة النموالاولى ، إذ علاوة على توفير أسس الأمن الغذائي فإنه يوفر منتوجات للتصدير بما يساهم في جلب العملة الصعبة وتنشيط الدورة الإقتصادية وهنا يتطلب الأمر مواكبة التحولات الجديدة وتجسيد السياسات الناجعة عبر المرافقة والمتابعة والتقييم لجعله قطاعا أكثر مردودية وقادرا على التأقلم مع المتغيرات المناخية .
حوار وطني للفلاحة
تستوجب هذه المقاربة خلق مناخ محفز للاستثمار وإدخال الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتحسين مناخ الأعمال ولحفز وتحرير المبادرة الخاصة عبر إزالة القيود في توريد المكننة الفلاحية وضمان التكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص مع تفعيل منظومة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ،وبالتالي فإن تنظيم حوار وطني يدرس كل هذه التحديات أصبح ضرورة يراها أصحاب الخبرة والتجارب في هذا القطاع الحيوي الذي لا يقل أهمية عن أي قطاع آخر نظرا لمردوديته ونجاعته في مستوى تحقيق الأمن الغذائي وعدم إرتهان البلاد للأسواق الخارجية في ما يتعلق بالتوريد .
الحاجة الملحّة لإعادة تموقع القطاع الفلاحي وتعصيره حتى يلعب دورا حيويا في ضمان الأمن الغذائي وتوفير مواطن الشغل ودعم التصدير والصناعات التحويلية ، يساهم بقدر كبير في دفع التنمية الجهوية والوطنية ، ويبقى ذلك رهين مواجهة عديد الصعوبات التي تحول دون تطوره وتحد من قدرته على استقطاب الاستثمار والشباب لدعم المنتجات الاستراتيجية كالحبوب ومنتجات الدواجن واللحوم الحمراء والألبان والزيتون والتمور والنهوض بسلاسل القيمة ذات القدرة التنافسية العالية.
مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية
تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…