اقتصر‭ ‬نشاط‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬المنقضية‭ ‬على‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالقروض‭ ‬التي‭ ‬تحصلت‭ ‬عليها‭ ‬تونس‭ ‬ومن‭ ‬ثمة‭ ‬الانكباب‭ ‬على‭ ‬مناقشة‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الميزانية‭ ‬لسنة‭ ‬2024‭ ‬والمصادقة‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬الميزانية‭ ‬التكميلي‭ ‬لسنة‭ ‬2023‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬بعض‭ ‬القوانين‭ ‬الإجرائية‭ ‬الأخرى‭. ‬

كما‭ ‬مثّل‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬تجريم‭ ‬التطبيع‭ ‬نقطة‭ ‬خلافية‭ ‬كبرى‭ ‬صلب‭ ‬المجلس‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬حظي‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬بشبه‭ ‬إجماع‭ ‬لدى‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬فصله‭ ‬الأول‭ ‬والثاني‭ ‬برزت‭ ‬وجهات‭ ‬نظر‭ ‬مختلفة‭ ‬داخل‭ ‬الكتل‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يدعو‭ ‬للتروي‭ ‬خوفا‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬تونس‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬استكمال‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬باقي‭ ‬الفصول‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬تعليق‭ ‬الجلسة‭ ‬العامة‭ ‬المخصصة‭ ‬للتصويت‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬وما‭ ‬شاب‭ ‬هذه‭ ‬النقاشات‭ ‬من‭ ‬سجال‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬خافيا‭ ‬على‭ ‬أحد‭.‬

ولعل‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬خلّفت‭ ‬بعض‭ ‬التعثر‭ ‬في‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬مشاريع‭ ‬مستعجلة‭ ‬تطالب‭ ‬بها‭ ‬عديد‭ ‬القطاعات‭ ‬يتضح‭ ‬أنها‭ ‬ستكون‭ ‬أولوية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬صلب‭ ‬اللجان‭ ‬البرلمانية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قانون‭ ‬الصرف‭ ‬ومجلة‭ ‬الاستثمار‭ ‬والمحكمة‭ ‬الدستورية‭ ‬والقانون‭ ‬المنظم‭ ‬للعلاقة‭ ‬بين‭ ‬مجلس‭ ‬نواب‭ ‬الشعب‭ ‬والغرفة‭ ‬الجديدة‭: ‬مجلس‭ ‬الأقاليم‭ ‬والجهات‭.‬

كما‭ ‬يواجه‭ ‬البرلمان‭ ‬تحدّي‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬المتعلق‭ ‬بجواز‭ ‬السفر‭ ‬البيومتري‭ ‬وبطاقة‭ ‬التعريف‭ ‬البيومترية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تخوفات‭ ‬من‭ ‬محاولات‭ ‬استغلال‭ ‬المعطيات‭ ‬الشخصية‭ ‬للمواطنين‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬محلها،‭ ‬تخوفات‭ ‬تطلقها‭ ‬عديد‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭.‬

كما‭ ‬سيكون‭ ‬لتنقيح‭ ‬قانون‭ ‬411‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬التجارية‭ ‬المتعلق‭ ‬بالشيك‭ ‬دون‭ ‬رصيد‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تنقيح‭ ‬الفصل‭ ‬96‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬الجزائية‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالمسؤوليات‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬التونسية‭ ‬حيز‭ ‬هام‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬المجلس‭ ‬وهي‭ ‬قوانين‭ ‬وخطوات‭ ‬كانت‭ ‬محل‭ ‬اهتمام‭ ‬متجدد‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬خلال‭ ‬لقاءاته‭ ‬المتكررة‭ ‬مع‭ ‬وزيرة‭ ‬العدل‭ ‬ليلى‭ ‬جفال‭.‬

ويعوّل‭ ‬الشارع‭ ‬التونسي‭ ‬خلال‭ ‬السنة‭ ‬الإدارية‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ينكب‭ ‬البرلمان‭ ‬على‭ ‬مناقشة‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬استتباعات‭ ‬على‭ ‬حياته‭ ‬اليومية‭ ‬قادرة‭ ‬أن‭ ‬تحسن‭ ‬مناخ‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وتخلق‭ ‬فرصا‭ ‬للمبادرة‭ ‬الخاصة‭ ‬وبعث‭ ‬المشاريع‭ ‬وخلق‭ ‬مواطن‭ ‬شغل‭ ‬ومزيد‭ ‬تنظيم‭ ‬الفضاء‭ ‬العام‭ ‬حتى‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬جاذب‭ ‬للاستثمار‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬علاقة‭ ‬بمشروع‭ ‬تجريم‭ ‬التطبيع‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الكتل‭ ‬البرلمانية‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬متشبثة‭ ‬بضرورة‭ ‬مواصلة‭ ‬المصادقة‭ ‬عليه‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬الجلسة‭ ‬العامة‭ ‬المخصصة‭ ‬لمناقشته‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬متواصلة‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬هناك‭ ‬تخوفات‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬تجريم‭ ‬التطبيع‭ ‬إلى‭ ‬سبب‭ ‬في‭ ‬تجاذب‭ ‬سياسي‭ ‬قوي‭ ‬تحت‭ ‬قبة‭ ‬المجلس‭ ‬وإلى‭ ‬تراشق‭ ‬بالتهم‭ ‬بين‭ ‬النواب‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬سياسية‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭.‬

كما‭ ‬ينتظر‭ ‬أن‭ ‬يساهم‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين‭ ‬مقترحة‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬والتي‭ ‬تتمتع‭ ‬بأولوية‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬المشاريع‭ ‬المقدمة‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬العمق‭ ‬التونسي‭ ‬والجهات‭ ‬التي‭ ‬يفتقر‭ ‬بعضها‭ ‬إلى‭ ‬أبسط‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تدخلات‭ ‬استثمارية‭ ‬مستعجلة‭ ‬للنهوض‭ ‬بها‭ ‬وبغيرها‭ ‬من‭ ‬المناطق‭.‬

ويبقى‭ ‬الدور‭ ‬الرقابي‭ ‬المحمول‭ ‬على‭ ‬البرلمان‭ ‬تجاه‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬مهما‭ ‬وإن‭ ‬تناقص‭ ‬في‭ ‬الدستور‭ ‬الجديد‭ ‬لذا‭ ‬وجب‭ ‬تفعيل‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬المدّة‭ ‬النيابية‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬المبادر‭ ‬بسن‭ ‬القوانين‭ ‬وطرح‭ ‬مشاريع‭ ‬قوانين‭ ‬على‭ ‬اللجان‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬بالتحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬كافة‭ ‬أطياف‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬أعمال‭ ‬وصناعيين‭ ‬وفلاحين‭ ‬وأصحاب‭ ‬مشاريع‭ ‬صغرى‭ ‬ومتوسطة‭ ‬ومواطنين‭ ‬بكافة‭ ‬فئاتهم‭ ‬الاجتماعية‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

دعوة لبعث مجلس السيادة الغذائية : ضمانة ديمومة المنظومات الإنتاجية والحدّ من التبعية الغذائية

كشفت أزمة جائحة كورونا والحرب الروسية -الأوكرانية عن هشاشة منظومات الإنتاج المحلية في تونس…