العلاقات الاقتصادية التونسية الروسية : آفاق واعدة في مجالات الحبوب والطاقة والسياحة
بعد حركية لافتة شهدتها الديبلوماسية التونسية الروسية بتبادل الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين كان لزيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لتونس التي تواصلت يومي 20 و 21 ديسمبر الجاري الأثر الإيجابي على مستوى الخطاب الذي مرره حول آفاق التعاون الإقتصادي بين روسيا وتونس لاسيما أن العلاقات بينهما عريقة على أكثر من صعيد. وقد أكد بيان الخارجية التونسية الصادر بمناسبة زيارة وزير الخارجية الروسي إلى تونس على أن «الزيارة تتنزل في إطار تكثيف المشاورات السياسية بين البلدين وبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات، وتطوير نسق المبادلات التجارية البينية، واستكشاف إمكانات جديدة للشراكة المثمرة».
و قد أبدى وزير الخارجية الروسي «استعداد بلاده التام للمزيد من تعزيز علاقاتها الوثيقة مع تونس في عدّة مجالات على غرار الحبوب والطاقة والصحة والتعليم العالي والتبادل الثقافي والتكنولوجيات الحديثة والفضاء لا سيّما في أفق انعقاد اللجنة المشتركة مطلع السنة المقبلة، فضلا عن مواصلة تطوير التبادل التجاري»و يبرز هذا الخطاب من الجانب الروسي بالخصوص اعتبارا إلى ثقله الإقتصادي في المنطقة و حتى في العالم إمكانية وجود أفاق واعدة لتطوير التعاون الإقتصادي و التجاري لاسيما في هذا الظرف العالمي الذي يتسم بتغييرات جيوسياسية متسارعة وتحولات على مستوى موازين القوى التي بدأت تنحصر تقريبا بين القطب الآسياوي الذي يرتكز بالأساس على الصين وروسيا وبعض دول جنوب شرق أسيا وبين القطب الغربي المتكون من الولايات المتحدة الأمريكية و البلدان الأوروبية التي تربطها بتونس علاقات تجارية عريقة حيث تسـتأثر المبادلات التجارية التونسية الأوروبي بنسبة تتجاوز 70 % وأمام تغير عديد المعطيات لا السياسية و الإقتصادية فحسب بل حتى تلك المتعلقة بالتغييرات المناخية ,لم يعد إستمرار التعاون التجاري بين تونس وبلدان الإتحاد الأوربي وفرنسا أساسا يخدم مصلحة تونس الإقتصادية أو بالأحرى لم يعد بالنجاعة المطلوبة التي من شأنها أن تعود بالنفع لتونس و الحال أن طموح تونس المستقبلي يتجه نحو تنويع علاقاتها التجارية والاقتصادية حتى تتمكن من التعامل بندية مع الجميع ودون إملاءات.
ولعل أبرز مجالات التعاون التي تسعى تونس إلى تعميقها مع موسكو التعاون السياحي، خاصة وأن السياح الروس يشكلون نسبة هامة من مجموع الوافدين على البلاد التونسية، حيث تجاوز عددهم 600 ألف سائح سنويا قبل أزمة كورونا إذ سعت السياحة التونسية منذ سنوات إلى تنويع السوق السياحية بالإتجاه نحو أوروبا الشرقية بهدف خلق سوق سياحية جديدة إلى جانب السوق الكلاسيكية المعتمدة أساسا على السياح الأوروبيين إلى أن تونس تعمل حاليا إلى إعادة تنشيط السياحة الروسية التي تأثرت بالعقوبات التي طالت مجال الطيران والملاحظ أن الديبلوماسية التونسية الروسية شهدت حركية لافتة هذه السنة بعد زيارة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار لموسكو سبتمبر المنقضي إلى موسكو والتي كان من بين أهدافها تحسين تدفق السلع الروسية إلى تونس، وكذلك ترويج السلع التونسية بالسوق الروسية.
والجدير بالذكر أن سيرغي لافروف كان قد أكد خلال زيارة نبيل عمار لموسكو منذ 3 أشهر أن روسيا تدعم القيادة التونسية في مسعاها لتعزيز اقتصاد البلاد واستقرار الدولة مؤكدا أن تونس في مقدمة الدول التي تتعاون معها روسيا في إفريقيا، حيث بلغ مستوى التبادل التجاري مع تونس خلال 6 أشهر من العام الجاري 1.2 مليار دولار. وهو ما يكشف ضمنيا أهمية المصالح التي تسعى روسيا إلى رعايتها في القارة الإفريقية ومع عدة دول إفريقية تسعى إلى تعزيز تعاونها الإقتصادي معها ومنها تونس التي من مصلحتها أن تستفيد من هذا الطموح التوسعي لروسيا في المنطقة الإفريقية من خلال ربط علاقات تجارية معها و تطوير السوق السياحية و لم لا البحث عن نوايا إستثمار جديدة لتحسين الإستثمار الخارجي في بلادنا خاصة أنه شهد تراجعا كبيرا في السنوات الأخيرة و في كل الحالات يبقى من المهم للإقتصاد الوطني أن يستفيد من كل الفرص المتاحة أمامه في اتجاه تطوير عديد القطاعات الواعدة و الدفع نحو الانتعاشة الإقتصادية.
تونس و البنك الدولي : مؤشرات التعاون إيجابية
في زيارة أدّاها وفد عن البنك الدولي لبلادنا التقى خلالها رئيس الدولة قيس سعيّد بقصر قرطاج …